التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 04:24 ص , بتوقيت القاهرة

على أحبال "فيس بوك".. ينشر أحدهم

في كثير من الأحيان أصبح موقع التواصل الاجتماعي الأشهر "فيس بوك" هو وجهك المُعبر عن حالتك النفسية للعالم الافتراضي. فكما أستطيع إن رأيتك ونظرت إلى تعابير وجهك أن أعلم مؤشرات عن مزاجك الآن، أستطيع أيضاً من قراءة منشوراتك على "الفيس بوك" أن أخمن حالتك النفسية اللحظية. خصوصاً إن كان ما تكتبه مذيّلاً بشعور تقرره بنفسك كتابةً، ويجعل تخمين الآخر أقرب إلى الحقيقة، فأنت قررت بالفعل أنك تشعر كما قُلت، وعلىّ التصديق.


قد تغلبنا كثيراً الرغبة في مشاركة الأصدقاء بما نشعر به لأكثر من سبب، إمّا لأنك اجتماعي بالفطرة، أو لأنك تشعر بالوحدة وتريد المزيد من الدفء، أو لرغبة عميقة بالشفقة على الذات، أو حتى وصولك لمرحلة أن عالمك الافتراضي هذا هو عالمك الحميم، الذي ليس من المفترض أن تخفي عنه حالك الآن.


ويبدأ التفاعل:
feeling Happy – يارب دايماً يارب مبسوط 
feeling sad – معلش ليه كده بس.. انت لازم اتحسدت
feeling disappointed – والله يا حبيبتى ومين سمعك هم كل الرجالة كده مايجيش وراهم إلا إحباط والخيبة. 


قد يكون ذلك فى الحدود الطبيعية المتعارف عليها الآن بيننا جميعاً، فكل منا تقلّصت معه الحدود بين العالم الافتراضي والواقعى إلى شكل لم يكن يوماً يتوقعه. لكن ما حدث أمام عيني ذات مرة قد تعد كل حدود الحميمية بينك وبين عالمك الافتراضي:


- يا سوسن.. يا سوسن (من البلكونة المقابلة).


- نعم يا ابتسام؟! 


- خير يابنتي مالك إيه اللي إنتي كتباه ده على "الفيس بوك"؟ 


 - معلش شوية كده وكله هيبقى تمام.


- والله يا سوسن مصطفى راجل طيب وبيحبك، هو أنتوا ليكوا غير بعض؟ (علا، من البلكونة اللى فوق سوسن).


* يا سوسن الحقي جوزك شكله كده مش مطمني، أنا بس بهدى النفوس، ههههههههه (أحمد رداً على الحوار وهو بيعمل كوباية شاي، ساكن تحت ابتسام).


- مش ناقصاك يا أحمد أنا مخنوقة منه لوحدي (سوسن).


* ههههههههههههههههه (أحمد، باينه طبعاً).


- ملكيش دعوة بيهم يا سوسن خشى بس إنتي البسى حاجة حلوة كده واستنيه لما يرجع مع شمعتين معطرين، والأمور هتبقى تمام (علا، من البلكونة اللي فوق سوسن).


* ليلتكوا حمرا إن شاء الله هههههههههه (أحمد، ابتديت أتخنق منه).


195 لايك للبوست
 
- أنا لسه صاحية حالاً، إيه البوست ده فيه إيه يا سوسن خضتينى (دودو، اتصلت بسوسن مخصوص).


- صدقينى يا سوسن أحسن حل انك تعيشى حياتك وابسطى نفسك، وحاولى تشغلى نفسك متعتدميش عليه أصلاً، كل الرجالة كده (ابتسام).


265 لايك 


أول شير من follower عند سوسن على صفحته كاتب (شوفوا التعليقات بس... ).


سوسن لم تعلق من التعليق رقم 25... التعليقات الآن وصلت إلى 193.. الحوار بين باقي الأصدقاء عن كيفية قضاء ليلة سعيدة بين زوج وزوجته، ثم كيف تستطيع المرأة أن تقضي وقت فراغها دون أن تشعر بالوحدة من عدم تواجد الزوج، وانتهى الحوار بتقرير أحمد أنه يحب "ورق العنب"، واختتم الجملة بالتعبير الأشهر "هههههههههههههه".


أما سوسن ومصطفى فالأمر قد تحول بينهما من سيئ إلى "مفيش أسوأ من كده".


لو سألتنى فلن أنصحك أبداً بأن تذكر واقعة خلاف بينك وبين أحد أصدقائك على صفحتك على الفيس بوك، فما بالك كيف تعقل وأنت تكتب/ي عن حالة إحباط مصاب/ة بها من شريك حياتك؟!


لقد حذرت أكثر من مرة من مجرد تدخل العم "صالح" في الحوار بين الزوج وزوجته، وأنه لن يستطع حل أي مشكلة بين زوجين إلا نفسيهما. فما بالك بتدخل من يعلم ومن لا يعلم؟!


إن الوقت المُهدر فى التفكير فى "بوست" قوي يعبر عن حالة شعورنا الغاضب أو المجروح أو المحبط تجاه شريك الحياة، لن ينتج عنه إلا سماع أصوات "مصمصة شفاه" الآخرين، لكان أثمن وأكثر إيجابية لو قضي فى محاولة ترتيب الأوراق، حتى أستطيع أن أجلس مع من أسميته شريكي لنتحدث في صميم المشكلة.


وهنا قد يتساءل أحدهم: وماذا إن كان لايريد أن يتكلم؟


وأجيبك: أن عليك إجبار الآخر على الكلام إن كان يتهرب ويناور ويتزأبق منك. لن تكون "فضفضة" الفيس بوك هي الحل، إن كان لابد من تدخل أحدهم للوساطة فهناك شروط لذلك، أهمها أن يتفق الطرفان على هذا الوسيط، وكي يتفق طرفان على وسيط فلا بد لهما من قبل أن يتحدثا.
 
أرأيت كيف تكون؟ 


لا مفر! إن كنتما تريدا النجاح في أغرب وأصعب علاقة كونية فالزما التحدث والخصوصية. واجعلا الفيس بوك لأي شيء آخر، إلا لنشر غسيلكما على أحباله.