التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 12:33 م , بتوقيت القاهرة

ألف مشهد ومشهد (1)

لما أتكلم عن مشاهد السينما المصرية الكلاسيكية، أول مشهد دايما بـ ييجي فـ بالي، مشهد من فيلم "ريا وسكينة" (صلاح أبو سيف، 1952)، ده واحد من أجمل وأكمل المشاهد، فعلا ينفع يبقى إنتاج عالمي بدون مبالغة.


"ريا وسكينة" زي ما إحنا عارفين أختين اتنقلوا من الصعيد عبر أكتر من محافظة، واستقروا في الإسكندرية، وسنة 1920 عملوا عملتهم إنهم كانوا بـ يستدرجوا ستات (معظمهم بنات ليل) يقتلوهم وياخدوا دهبهم، ويدفنوهم في البيوت اللي كانوا عايشين فيها، بمساعدة عصابة من الرجالة منهم حسب الله جوز ريا وعبد العال جوز سكينة، واتنين فتوات واحد اسمه عبد الرازق، وواحد اسمه عرابي.


الحكاية دي طبعا فتحت شهية صناع الأعمال الدرامية من أول لحظة، يعني مثلا سنة 1921 نجيب الريحاني وبديع خيري عملوا أول مسرحية عن الموضوع، وبعدها اشتغل المسرح كتير لـ حد صلاح أبو سيف ما عمل فيلمه. والملاحظ إن الأعمال الدرامية دي كلها كانت بعيدة نهائي عن "اللي حصل" في إسكندرية، ومعظمها من خيال مؤلفيها. حتى فيلم صلاح أبو سيف.


بعد 1952، بقت الأعمال بـ تتناول الحكاية بـ شكل كوميدي، زي إسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة (حمادة عبد الوهاب، 1955) واتعمل بـ نفس طقم ممثلين صلاح أبو سيف، و"ريا وسكينة" نسخة يونس شلبي وشيريهان (أحمد فؤاد، 1983) واللي مالهاش علاقة بـ الحادثة نهائي، وطبعا المسرحية الأشهر "ريا وسكينة" نسخة شادية وسهير البابلي (حسين كمال، 1984).


طبعا في  وسط كل الأعمال دي، ورحرحة المؤلفين والمخرجين، ضاعت ملامح القصة الأصلية، لـ حد ما الباحث الاستثنائي صلاح عيسى كان بـ يدور على قضية الحزب الشيوعي في أرشيف المحاكم، فـ وقع تحت إيده ملف القضية بـ اعترافات ريا وسكينة ورجالتهم المباشرة، اللي بصموا عليها وقت الحادثة، وقعد سنين طويلة يشتغل عليها، لـ حد ما عملها سِفر ضخم مش مجرد كتاب عادي، حاجة فوق الـ 700 صفحة من القطع الكبير بـ بنط صغير، ومع ذلك ما تقدرش تفتح "رجال ريا وسكينة" من غير ما تخلصه على مرة واحدة، إن شا الله ياخد أسبوع.


كان طبيعي إن شغل صلاح عيسى يتحول لـ مسلسل (جمال عبد الحميد، 2005) يقفل باب تناول الدراما لـ حكاية ريا وسكينة، على الأقل لـ سنين طويلة جاية.


من بين الأعمال اللي تناولت ريا وسكينة هـ نقف عند نسخة صلاح أبو سيف، المخرج الكبير، اللي كان ممكن يبقى أكبر بـ كتير لو إن الأيدلوجيا ما سيطرتش على تفكيره وأثرت دايما على اختياره الفني، وزي ما إحنا عارفين صلاح أبو سيف واحد من كبار الشيوعيين في تاريخ السينما، بـ صرف النظر عن انضمامه لـ واحد من التنظيمات الشيوعية من عدمه، دي حاجة تانية.


"ريا وسكينة" نفسهم مكنوش حاجة مركزية في فيلم أبو سيف، وده واضح من اختيار الأسماء وترتيبهم على التتر، يعني ريا وسكينة وحسب الله وعبد العال (اللي هم بـ الترتيب: نجمة إبراهيم وزوز حمدي الحكيم ورياض القصبجي وسعيد خليل) كانوا في الترتيب بعد أنور وجدي وفريد شوقي وشكري سرحان وسميرة أحمد، والأربعة لعبوا أدوار لـ شخصيات خيالية تماما.


مع إن الفيلم المفروض مقتبس عن تحقيق صحفي كتبه المحرر بـ الأهرام لطفي عثمان، اللي كان محرر حوادث معروف في الأربعينات، وهو اللي تابع مثلا التحقيقات في قضية مقتل أمين عثمان، ومش عارف إذا كان لطفي هو اللي ألف كل التأليف ده في الأهرام (ودي كارثة) ولا أبو سيف خد التحقيقات وشخرمها بمساعدة فريق الكتابة، نجيب محفوظ للسيناريو، وسيد بدير للحوار. (ودي مش كارثة، الفن حر)


فين أم المشهد؟


يا عم بكرة بقى، إحنا ورانا حاجة


صباح الخيرات