التوقيت الخميس، 02 مايو 2024
التوقيت 04:01 م , بتوقيت القاهرة

مصلحة ولا مروّحة

تربطني ومصر الجديدة حكاية حب تفوق قصة حب ميرفت وعيلاء، بنايات روكسي العتيقة، وكافي شوب كمباني وطعم الوايت موكاتشينو هناك، الكوربة وميدان السبع عمارات، كل ذلك يعني لي الكثير جدا، ولكن إن وُضع كل ذلك في كفة، فإن "الترام" في كفة أخرى، منفردا ومتفردًا.


حتى كان ذلك اليوم


كانت نظرته مضحكة فعلا، أثارت في نفسي شفقة عليه أكثر من أي شيء آخر، ثلاثيني على ما أظن، تبحث عيناه عن علاقة جادة وإن لن تنتهي- طبعا- بالزواج، ويبدو أنه وبعد جولة سريعة، قد اختارني أنا دوناً عن نحو سبعة فتيات في محيطه، ليبدأ وصلة حديث أبكم، بالعيون !


كان يمكن أن أغض النظر عن نصف ساعة قضاها أخينا متأملا في وجهي، كان يمكن أن أعذر مراهقته المتأخرة وأن أسامحه إذ تبعني حين غيرت مقعدي، لولا أنه فعل ما اعتبرته صفعة على وجه كرامتي، حين باغتني بأن ألقى تذكرته وقد كتب عليها رقم هاتفه، تحت قدمي.


** قبل نحو 10 أعوام


- مُنى، لو حد عاكسك، إوعي تردي عليه ..


لست في حاجة –عزيزي القاريء- لأن أخبرك أنني لم أتصل طبعا، ولكنني لا إراديا انحنيت التقطت الورقة، ليحتفظ عقلي باللحظة، كواحدة من أكثر اللحظات التي أشعر فيها بالإهانة.


حين انتهيت من سرد قصتي، لم أجد منهن التفاعل المنتظر، أعرف أن كل منهن تملك مئات الحكايات المشابهة، وأعرف أنه قد يكون من العبث أن أنتفض لمعاكسة في وسطٍ تتعرض نحو 50 % من نسائه للتحرش الجسدي يوميا، إلا أن إحداهن كسرت الصمت فجأة وقالت ..
- هيحححح، فين زمن المعاكسة الجميل !


صحيح أننا وصلنا إلى حال غريب صار معها الحنين إلى ما هو سيئ فرارا مشروعا مما هو أسوأ، لكن هذا ليس مبررا أبدا، لأن نحن لأيام أحلى واحدة فيكم أم جزمة حمرا، أحلى واحدة اللي ماشية في النص، وكنا بنبقى اتنين أصلا، واستكمالا لسلسلة أحلى واحدة، فأحلى واحدة أم رجل واحدة  !


** قبل نحو 12 عاماً


أغلقت المدرسة التي – والحمد لله- لا أذكر اسمها، باب الفصل بإحكام، وبدأت تشرح لنا، أن الفتاة حين تدخل مرحلة المراهقة، يطربها جدا أن يتغزل أحدهم في تلك الآنسة بداخلها، ولا أعرف هل كان لحديثها غرضا تربويا أو تعليميا معينا، أم أنها أرادت فقط أن "تفتح عنينا المغمضة"، ولكنني ومنذ ذلك الحين، أفكر فيمَ يمكن أن يطرب فتاة في أي مرحلة عمرية، إن مر أحدهم لجوارها، ثم ابتسم ليكشف عن أسنان لم يغسلها يوما، ثم قال في سماجة .


- هو القمر بقى يطلع الصبح ؟


علماً أنه وكما تقول قاعدة الأمهات رقم مليون و300 ألف، مفيش واحد بيتجوز واحدة ردت عليه في الشارع.


ثم ومن زاوية أخرى، إن افترضنا فعلا أن للموضوع بعدا سيكولوجيا ونفسيا يصعب عليّ استيعابه، ما الذي يمكن أن يستفيده شاب عشريني حين يمر لجوار فتاة ويهمس، طب والله قمر!، دون حتى أن يتلفت بعد ذلك ليرى ردة فعلها، أي مردود نفسي أو معنوي أو مادي حتى، يعود على أمين شرطة محطة المترو حين يقرر أن يواسيكِ في وحدتك، فيقول برقة غير معهودة، طب والله العظيم ما ليه حق يسيبك مستنية كل ده.


نحن في وطن يعاني من "متلازمة الأنثى"، أي أنثى حتى لو كانت أنثى الجوافة، يصبح مرورها بمثابة ضوء أخضر أمام "حضرته"، ليبدأ وصلة من الغزل العفيف أو ما هو غير ذلك، ذلك الغزل الذي يختلف بإختلاف المستوى الاجتماعي وباختلاف الفئة العمرية طبعا، فطفل في المرحلة الابتدائية، وهم أخطر الكائنات التي تسير في الشوارع، وأقسم، شخصيا أخشاهم أكثر من أي شيء- ربما تذكره ملامحك الرقيقة بأوكا وأورتيجا فيزفك بأيوووة يا حبيبي، إنت واحشني أوي، بينما رجل تخطى الستين، "ولسه فيه نفس يعاكس"، ربما فاجئك من وراء وجه وقور قائلا، هل رأى الحب سوووكارااااا يا جميل ؟!


أكره أن أكتب دون أن أقدم حلا، و لكن ما الحل فعلا، كـ مُنى، أنا أستعين على مصائب المعاكسات بالهيدفون ونظارة شمس في أغلب الأحيان، ذلك يحميني من الأعراض الجانبية للبذاءة، و لكنه لا يستئصلها، لذا، أقدم لك عزيزي القاريء وبكل فخر، وصفة "ر.ن"، للقضاء على المعاكسات اللفظية.


ر.ن، زميلة عزيزة جدا، "علشان كده مش هفضحها" من الفتيات الرقيقات جدا والصغيرات حجما على الرغم من قدرها الكبير، "ر"، غازلها أحدهم في المواصلات، فـ"نفضت"، ثم تبعها حين غادرت إلى الشارع، فتماسكت، ولكنها وفي لحظة، استدارت فجأة وضربته !


ضربته حتى سال الدم من أنفه وفمه، ولم يخلصه من يديها إلا بعض سائقي الميكروباص، تخيل الافترا والغل، ولكن، هل يأتي يوم ويصبح ذلك سلاحنا الوحيد.


الإجابة، نعم، أتصور ذلك .. فمادام هناك سمجٌ يشنف آذان محترمة، متسائلا، مصلحة ولا مروحة يا مزة ..فكلنا إذن، ر.ن !


جدير بالذكر ..
قبل كتابة هذا المقال، بدأت "دردشة" مع عدد من الزميلات بشأن أطرف أو أغرب معاكسة تعرضت لها، وبقدر ما كانت الردود كوميدية أو صادمة، فلا شيء يمكن أن أصف به التفاتته البريئة تجاهنا، وقوله بلهجة خجولة صادقة إلى حد مروع.
- أنا في واحدة اتحرشت بيا ! 


جدير بالذكر، تاني ..
كنت متأففة جدا، أشكو لصديقة غير مصرية مقدار الضرر النفسي الواقع على الفتاة حين يقف أحدهم بسيارته ويدعوها للركوب، وأقص عليها أن الموقف قد تكرر على نحو لا يصدق ومع أكثر من فتاة من معارفي وأغلبهن ممن يراعين قواعد صارمة فيمَ يتعلق بملابسها، فأطرقت صديقتي قليلا ثم تساءلت بمنتهى منتهى منتهى البراءة ..


- بس أنا كنت فاكرة اللي بيقف بعربيته ده، قصده يوصلني لو، لو أنا تايهة يعني ..
= يا نهار *%*÷&÷$^‘% !