التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 12:32 م , بتوقيت القاهرة

أعـــداء المـــرأة

هناك نوعان من أعداء المرأة في بلادنا.. النوع الأول هم المكفرون والظلاميون من الإخوان والسلفيين وفقهاء فتاوى التحريم والتجريم، الذين مازالوا- رغم اندحار سلاطين الحكم- ينتشرون في وسائل الإعلام مواصلين رسالتهم المقدسة بتكفير وازدراء المرأة، واعتبارها عورة من رأسها حتى أخمص قدميها حتى أن أحدهم أفتى أن وجهها مثل فرجها عورة.. ويسعون لحرمانها من حقها في التعليم والعمل.. ومازالوا يروجون لزواج القاصرات ومشروعية الختان.


وهناك أيضًا نوع آخر من أعداء المرأة من الأدباء والمفكرين في الماضي والحاضر، والأسماء الشهيرة منهم تشمل "توفيق الحكيم" و "عباس العقاد".. و"أنيس منصور" و"أحمد رجب" .. وهي عداوة لم تكن تستهدف سوى جذب اهتمام النساء.. وإثارة فضولهن لقراءة أعمال الكاتب الذي يناصبهن العداء.


 أما الآن فإنّ أعداء المرأة شرسون.. عداوتهم نابعة من نظرة عنصرية بغيضة ترى أن الطبيعة حبت الرجل بمميزات تجعله أفضل من المرأة.. وبناء عليه فإنّ عداوة بعض الأدباء للمرأة كانت عداوة من النوع الرقيق المسالم.


فهل ينطبق مثل هذا الكلام على المُفكر الكبير الأستاذ "عباس العقاد"؟! .. وهل السبب الذي عرف عنه بعداوته للمرأة مرجعه هو عزوفه عن الزواج طيلة حياته بالإضافة إلى بعض التجارب السلبية مع المرأة.. وخاصة تلك التي سجلها في رواية "سارة".. أم أن تلك العداوة هي محصلة رؤيته الفكرية وقناعاته الثقافية.. وآرائه التي تحمل تصورًا عنصريًا متعصبًا.. والتي نستبعد أن تكون مجرد مداعبة رقيقة مسالمة تنتج أدبًا مشاكسًا ساخرًا.


للعقاد كتاب قديم عن المرأة اسمه .. "هذه الشجرة" .. أبوابه تحمل عناوين: (غواية المرأة- جمال المرأة- تفاوت الجنسين- تناقض المرأة- حب المرأة- أخلاق المرأة- حقوق المرأة- الحب- الجنس- معاملة المرأة).. والمقصود بالشجرة هي تلك التي أكلت منها المرأة لأنها نُهيت عنها.. التي طمعت فيها.. ثم أطمعت آدم معها.. وهو يرى أن هذه الشجرة هي عنوان ما في المرأة من خضوع يؤدي إلى لذة العصيان.. ومن دلال يؤدي إلى لذة الممانعة.. ومن سوء ظن.. وعناد ضعف.. واستطلاع جهل.. وعن عجز عن المغالبة بغيرة وسيلة الترغيب والإغراء.


وهو يرى أن المرأة لا تبتدع في صناعة من الصناعات أو في فن من الفنون وإن طال عملها فيه.. فإذا شاركها الرجل في الطهي أو الخياطة أو التزيين والتجميل وهي صناعاتها التي داومت على مزاولتها مئات الأحقاب .. كان له السبق بالتجويد واستطاع في هذه الصناعات نفسها أن يستأثر بإقبال المرأة وثقتها دون أن ينافسه فيه النساء.


ومنذ القدم كانت المرأة تنوح وتبكي وتُطيل الرثاء والحداد على الأموات، ولكنّها لم تنظم في الرثاء قصيدة واحدة تضارع قصائد الفحول من الشعراء . ويؤكد "العقاد" على أن الرجل كائن أخلاقي.. أما المرأة فهي كائن طبيعي يجري على حكم البيئة الطبيعية.. وليس لها أخلاق بل عادات وشعائر وأحكام.


ويرى "العقاد" أيضًا أن المرأة ما خلقت فيما مضى.. ولن تخلق بعد اليوم قانونًا خلقيًا أو نخوة أدبية تدين لها.. وتصبر عليها غير ذلك القانون الذي تتلقاه من الرجل.. وتلك النخوة التي تسري إليه من عقيدته.. ولو ظهرت في الأرض نبية بمعزل من دعوة الرجال لما آمنت بها امرأة واحدة، ولا وجدت لها في طبيعة الأنثى صدى يلبيها إذا دعت إلى التصديق والإيمان.. وإنما المرأة تؤمن بالرجل حين تؤمن بالنبي وبالإله.


هذه هي بعضٌ من أفكار العقاد عن المرأة ولا يسعك سوى أن تُدهش من تدلُّهه- رغم ذلك- يحب "مي زيادة" الأديبة اللبنانية المعروفة حبًا رهيبًا ملك عليه كل قلبه ومشاعره.. وعبر من خلاله عن انبهاره بعقلها وأدبها وفكرها وثقافتها وموهبتها الأدبية في رسائله إليها.. وفي أشعاره.. وفي مداومته على حضور صالونها الشهير وفي إلحاجه عليها للزواج منه- وهو الأعزب الأبدي- وبكائه بين يديها جزعًا وهلعًا من أن تنهي علاقتها به حينما اكتشفت خيانته لها.. وردت إليها رسائله.. ثم وقوفه أمام قبرها يبكي وينتحب.. ويتلو قصيدته الخالدة في رثائها .