مع بداية السنة الدراسية بيبتدي إعلان حالة الطوارئ في البيت المصري.. ولأن البيت المصريّ بيعاني من حالة مرَضِيَّة مُزمِنة اسمها "مذاكرة الولاد".. فيعتبر وقت الامتحانات مرحلة مُتَقَدِمة من مراحل الحرب الباردة بين الأهل والولاد.

وتتميز هذه المرحلة بانقسام البيت إلى جبهتين متربصين ببَعض في إبداء عدم الرِضا عن أداء الجَبهَة المُضادة.. الجَبهَة الأولى يُمثلها الأهل بشكوِتهُم المُستمرة من لامبالاة العيال وتضييع وقتهم في التليفزيون والإنترنت والألعاب الإلكترونية... في مواجهة الجَبهَة التانية ويمثلها الولاد بشكوتهم المستمرة من كل شيء بدءًا من الواجِب المَدرسى والصَحيان بَدرى وسوء الأحوال الجوية.. مرورًا بفاكهة الموسم وتأخير الأسانسير وصوت ساعِة الحيطة.. وانتهاءً بنصايحك وطريقة سواقتَك وتسريحة شَعرَك.

في هذا الوقت من السنة تبدأ جارتي "مدام ديدي" في المذاكرة لابنها "زياد".. وأبدأ أنا في المعاناة من الصُداع النِصفي والأرَق وضَرَبات القلب.. "مدام ديدي" تتميز بصوت جهوري ممكن يصيب المواطن اللي ماشي آخر الشارع بعاهة مستديمة.. ده غير احترافها لمُفردات التهديد والوعيد اللي تخوِّف العفريت ذات نفسُه.

لما بيبقى عندي شُغل عايزة أخلَّصُه في البيت زعيقها بيوتَرني ومش بيخليني أعرف أرَكِّز.. ودي فُرصة ذهبية لشريف ابني لمُمارسِة الهواية المُحَبَّبة لكل الأولاد.. ألا وهي استِفزاز أهاليهم:
- مالِك؟ شَكلِك مضايقة.

- مش عارفة اشتغَل من الدَوشة.

- (نظرات مَكر).. عشان تعرفي العصبية بتضايق وتوَّتَر قَد إيه.

-(نظرات تهديد).. قصدَك إيه؟ هو أنا عصبية؟

- إنتي؟ لأ طبعااااا ده إنتى نسمة.

-   آه أنا افتكرت!

-   "ابتسامة استيفان روستي".. حاسيبك تكَمِّلى شُغلِك يا "حبيبتي" (واتَكَّى على حرف الـ "ب").

-   وأنت مش حاتكمَل مُذاكرِتَك يا "حبيبى" (واتَكّيت على حرف الـ "ب")؟

-   خلَّصت من بَدري.

-   خلَّصت إيه؟ إنت لِسَّة قَعَدت أصلاً؟

-   ههههههههههه ما أنا بذاكِر ع الواقِف.

-   ويا ترى مذاكرِتَك على الواقِف كانت نتيجتها إيه في امتحان النهاردة؟

-   الحمد لله.

- الحمد لله إيه؟ سَهل؟ صَعب؟مَعقول؟.. إيه؟

- الحمد لله عَمَلت اللي عليّ ودخَلت الامتحان

- وبالنسبة للنجاح يعني وكده؟

- وده حاعرَفُه إزاي من دلوقتي؟

- إن تُذاكِر تَنجَح.. معروفة دي

- بتجيبي الكلام ده منين بس؟

- من المَنطِق يا حبيبي.

- وهو المَنطِق ماقالكيش إن "لوچين" نايمة طول السنة وبتنجَح بردو؟!

فِكرَك حاستَمِر معاه في الحوار ده لغاية ما أقنِعُه بالمذاكرة بأه وكِدَه؟!!.. لأ وحياتَك.. في الأوقات اللي زي دي تلجأ لتطَبيق واحدة من أهم استراتيجيات الحرب الباردة وأكثرها فاعلية...لما ابنَك يبقى عنده امتحان مُهِم... وأنت قاعِد حاتتفِرِس عشان مش شايفُه بيذاكِر.. وفي نفس ذات الوقت تبقى مش عايز توتَرُه بكلام سَلبي ليلة الامتحان.

تعمل إيه؟ تعمل إيه؟.. تستَنّى لما ابنَك ينزِل من البيت... وتدخُل المطبخ.. وتاكل عِلبة الآيس كريم بتاعتُه.. وتسيبهالُه فاضية في التلاجة.. عملية نضيفة 100%.. وكفى الله المؤمنين شَر القتال!!