التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 11:11 م , بتوقيت القاهرة

"أولريش بيك" المفسر للعولمة و الكاشف لمجتمع المخاطرة

توفى أمس الأحد الكاتب وعالم الاجتماع الألماني أولريش بيك، عن عمر ناهز 70 عاما، ووفقا لما قالته أسرته فإن الوفاة نتجت عن تعرضه لأزمة قلبية.


بدأت شهرة بيك المحلية والعالمية عقب إصدار كتابه "مجتمع المخاطر: نحو حداثة جديدة" في عام 1986، الذي أشارت صحيفة نيويورك تايمز إلى أنه واحد من أعظم إنجازاته التي أوجدت مخاطر جديدة في مجالات تباينت بين البيئة والموارد المالية.


ولد أولريش بك في 15 مايو عام 1944، في بلدة سوويسك ببولندا، ثم اضطرت أسرته أن تنتقل بعد الحرب العالمية الثانية إلى ألمانيا حيث نشأ في مدينة هانوفر.


ويعد بيك صائغ مصطلح "مجتمع المخاطرة"، ودرس عدة علوم منها (علم النفس – الفلسفة – العلوم السياسية- علم الاجتماع)، وكان أستاذ علم اجتماع في جامعة لودفيك مكسيمليانبميونخ حتى 2009، وحصل على الأستاذية من جامعة ميونيخ ومدرسة لندن للاقتصاد.


وصف مجتمع المخاطرة العالمي بناءً على العلاقات والقيم والأفكار العالمية التي بدأت تتشكَّل في مواجهة الأخطار العالمية غير المرتبطة بدولة، والتي لا يمكن السيطرة عليها أو إدارتها من خلال الحكومات وإدارات الحدود، ولا يمكن التعويض عن الأضرار الناتجة عنها.


 ومن أمثلة المخاطر التي ذكرها بيك: التغير المناخي الناتج عن أنشطة إنسانية، وبخاصة الصناعات والنقل التي تطلق كميات كبيرة من الغازات تؤدي إلى رفع حرارة الأرض، أو الإضرار بطبقة الأوزون في الجو، والإرهاب العالمي غير المرتبط بدولة أو مكان، والذي يستخدم وسائل وأساليب يصعب معرفتها أو توقعها مثل العمليات الانتحارية.


 وبالطبع كان أهم مثال على ذلك تدمير برجي مركز التجارة العالمي في 11 أيلول سبتمير/2001، والأزمة المالية العالمية التي تشمل معظم إن لم يكن جميع الأسواق والأنشطة المالية والاقتصادية في العالم.



ارتبط المفهوم السوسيولوجي للمخاطرة بأولريش بيك بسبب كتابه الذي ظهر بعنوان "مجتمع المخاطرة" عام 1986 ثم أصدر المؤلف عام 2006 كتاب "مجتمع المخاطر العالمي : بحثا عن الأمان المفقود"، مشيرًا في المقدمة إلى أن ما كان يبدو مبالغًا فيه قبل عشرين عامًا وأصبح أمرًا واقعًا ومحسوسًا.


 ولحسن الحظ فإن الكتاب ترجم إلى العربية عام 2013 ضمن أعمال ومنشورات المركز القومي للترجمة في مصر، وبالتعاون مع المركز الثقافي الألماني.


يقول "أولريش بك": المجتمع الصناعي بدأ بالاندثار مفسحًا المجال لمجتمع جديدة تسوده الفوضى، وتغيب فيه أنماط الحياة المستقرة ومعايير السلوك الإرشادية، وأصبحت دلالة المخاطرة اليوم شديدة الآنية والأهمية في لغات التقنية والاقتصاد والعلوم الطبيعية، وكذلك في لغة السياسة، وتنطبق هذه المبالغة العلنية والتهويل من شأن المخاطر على تلك العلوم الطبيعية في المقام الأول، مثل علم الجينات البشرية، وطب الإخصاب، وتكنولوجيا النانو، والتي حتى الخيال الثقافي نفسه قد تم تجاوزه من خلال سرعة تطور هذه العلوم، وبناء عليه تصبح المخاطرة موضوع تعريف ووساطة يجب في ظله إخضاع تقسيم العلم في المجتمعات المتقدمة إلى المساومة والمفاضلة مجددًا بين العلم والسياسة والاقتصاد.


كما يقول بيك: في بداية القرن الحادي والعشرين نرى المجتمع الحديث بعيون أخرى، بفعل النظرة المستمدة مما هو غير متوقع، والمنبثق عنها مجتمع مخاطرة عالمي غير محدد، ولكن أصبح القلق بشأن الكل مهمة الجميع، إذ لم يعد ممكنًا التفكير في المجتمع. 


وفي كتابه مجتمع المخاطر العالمي، الذي تمت ترجمته في مصر، لا يحاول "أولريش بيك" حصر المخاطر الممكنة للمجتمع العالمي نمطيًّا وتحديد أماكنها، ولكنه يتوسع في نظرية المخاطرة من خلال منظور العولمة وإجراء عمليات سيناريو وتصوير وإخراج لهذه المخاطر، والمقارنة المنطقية للمخاطرة وبخاصة المخاطر الإيكولوجية والاقتصادية والإرهاب.



كما أصدر كتاب "ما هي العولمة؟" في عام 1997، و"رؤية كوزموبوليتية" في عام 2013، الذي عرض خلاله الطبيعة العالمية المتزايدة للمجتمع، التي اعتبرها انطلاقا لرؤية قومية يمكنها أن تحل مكان التفكير القديم المتعلق بالسيادة الوطنية.


أما كتابه الأخير "أوروبا الألمانية" الصادر عام 2013، فيضم اتهامات موجهة للمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، وصفها فيها بأنها مترددة بشأن أزمة اليورو، في حين تصر على تقديم ألمانيا المساعدات لجاراتها من الدول المسرفة يجب أن تكون وفقا لشروط ألمانية.