التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 02:21 م , بتوقيت القاهرة

فيديو..في عيد الأم.. كفيفات هزمن الظلام بـ"نور الأمومة"

المحررة والعازفة هند
المحررة والعازفة هند

إن كان للأم المبصرة فضلا، فللأم الكفيفة أفضال، وإن كانت الأم المبصرة تضع وليدها في عينيها، فالكفيفة تضعه في قلبها، تسهر أعين الأمهات المبصرات على رعاية أبنائهن، بينما الأمهات الكفيفات يسهرن بقلوبهن وبصائرهن يراقبن فلذات أكبادهن بعين الإحساس وبنور الأمومة التي امتحنها الله تعالى بفقدان البصر.

لو خيرت الأم الكفيفة أن تختار ما تفعله في دقيقة، لاختارت أن تكحل عينيها بملامح فلذة كبدها الذي حملته في أحشائها تسعة أشهر وهى تعلم أنها لن تراه، ولكنها اكتفت ورضت بأنه سيراها، فكم مرة تألمت تلك الأم الكفيفة وهي تتلمس بأناملها ملامح طفلها وتمررها على وجهه لتكون في ذهنها صورة عن شكله؟ وكم مرة تألمت وهي تشعر بأنها تريد أن تدخل معه في نوبة ركض يتسابق فيها كل منهما لإسعاد الآخر؟.

"دوت مصر" ألتقت بسيدتان كفيفتان حققن الأمومة ببصيراتهن، ووهبن حياتهن في تنشئة ورعاية أبنائهن لبناء جيل جديد مبصر، ويتواصلن مع أبنائهن عن طريق نبرات الصوت ولمسات الأيدي، واستعرضن الصعوبات التي واجهتهن في رحلة تربية الأبناء بعد أن رفضن الاستسلام أمام الإعاقة البصرية، كما أكدن أن الأم الكفيفة قادرة على الزواج والإنجاب والتنشئة الصالحة، وأنهم قادرات على تخريج جيل صالح وطموح وبار بوالديهما.

نعيمة عطية: أذني ترى أحوال أبنى

لم تستسلم نعيمة، وهي أم لأبن مبصر لظروف إعاقتها البصرية التي أصيبت فى طفولتها نتيجة لمضاعفات ضمور العصب البصري في الشبكية والميه الزرقاء، بل ثابرت واجتهدت، حتى استطاعت أن تشق طريقها متخطية العوائق والصعوبات، وأثبتت أن الإعاقة طاقة، وليست عائقا أمام تحقيق حلم الأمومة وتربية الأبناء.

وأكدت نعيمة: " انها واحدة من أهم عازفاته لآلة السكس وأنها متفوقة فيها بحضورها مئات الحفلات فى مصر وخارجها ودخلت المعهد الموسيقى من سن 20 سنة، ولحبها للموسيقى بدأت العزف على أكثر من آلة، فهى لم تستسلم للظلام، بل تشعر أنها تعيش فى عالم ملئ بالنور، هو الموسيقى وذويها كريم، وهم بالنسبة لى "نور عنيا"، وبعد زواجى وإنجابى لم أشعر بأنها ستكون نهايتى مع الموسيقى، بل استكملت بعد زواجى حتى الآن، وأسافر كل الحفلات الخارجية، وابنى فخور بيا، وبيشجعنى دايما".

وأسترجعت ذكرياتها قائلة: "ان الموسيقى كانت سبب رئيسى فى مساعدتها فى لمس معاناة ومرض نجلها فى طفولته عن طريق الصوت، والتعرف على أدويته عن طريق حاسة اللمس بمساعدة الصيدلي الذي يصف لها حجم زجاجة الدواء للتعرف عليها".

هند سيد: والدتى مدرستى فى الحياة

"أمي علمتنى الأمور الحياتية بالفطرة والسجية"، هكذا استذكرت "هند" خريجة كلية لآداب جامعة عين شمس ولاعبة "الكمان" فضل والدتها المبصرة عليها، مثمنة اهتمامها بهما ودورها في غرس ثقافة الاعتماد على الذات، مؤكدة أن أمها مدرسة في الحياة.

وتقول: "أمي ليست متعلمة ولكنها علمتنا كل شيء بفطرتها التي هي أفضل من أي أم متعلمة، ولم تشعرنى يوما بإعاقتى بل تعايشت معها وساعدتنى على الاندماج في المجتمع منذ نعومة أظفارى، حيث كانت تكلفنا بأوامر ونقوم بتنفيذها، إضافة إلى اختلاطنا بأطفال الجيران، مع تعليمى وتنمية موهبة حب الموسيقى التى درستها فى مدرسة النور والأمل للمكفوفين والتى من خلالها سطعت لعالم وحياة جديدة خاصة بيا شعرت فيها بكيانى وأهميتى".

وأضافت: "الإعاقة ليست عائقا أمام الأمومة، فمنذ زواجى وانا أعيش معه في منزل والدته، ولكننا مستقلين في حياتنا، حيث نعتمد على ذاتنا في كل الأمور الحياتية، سواء في تنظيف المنزل أو تنسيق ألوان الملابس واختيارها، حيث لدينا جهاز لكشف الألوان الذي يسهل علينا تنسيق ألوان الملابس".

وتابعت: " ولم نخشى تلك المخاطرة التى هابها الجميع حينما اخترن شريك الحياة من نفس الإعاقة بمجرد أن قال القلب كلمته من أيام الدراسة فى قسم واحد بالكلية، فقررن أن يكن نورا يضىء ذلك البيت الذى قوامه "كفيف وكفيفة" وأبناء صغار جاءوا ليفرحوا الصابرين بصبرهم، ولن أجعل بناتى يشعرون بإعاقة لا ذنب لهم فيها، أو أنهم أقل من أبناء المبصرات.