التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 07:30 م , بتوقيت القاهرة

مصر وروسيا على مدار التاريخ.. تذبذب سياسي ومصالح تجارية

بُعد جديد للعلاقات المصرية الروسية يتحقق اليوم الجمعة، بزيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي لروسيا ليشهد احتفالات عيد النصر، في ظل سعي مصر لتنويع علاقاتها مع القوى الدولية من أجل استعادة دورها الرئيسي في الشرق الأوسط والعالم.


ولم تكن المساعي المصرية لتوطيد العلاقات التعاونية المشتركة مع نظيرتها الروسية، وليدة الحقبة الراهنة، بل أسستها حزمة من الخطوات التعاونية في مجالات عدة، منذ عشرات السنين، ومازالت تبحث حكومات البلدين عن أطر جديدة تتوج هذه الشراكة بمزيد من الاتفاقيات على الأصعدة كافة، وحصدت  روسيا المركز الأول في الزيارات الخارجية لرؤساء مصر منذ "25 يناير".


بدايات التعاون


بدأت العلاقات التجارية الأولى بين مصر وروسيا في أغسطس عام 1948، حين وقعت أول اتفاقية اقتصادية مشتركة بشأن مقايضة القطن المصري بحبوب وأخشاب من الاتحاد السوفيتي‏، فيما شهدت العلاقة تطورات متلاحقة كان أبرزها عقب ثورة يوليو عام 1952، حين قدم الاتحاد السوفيتي لمصر المساعدة في تحديث قواتها المسلحة وتشييد السد العالي.


ويحتاج الجانب الاقتصادي في علاقة البلدين مزيد من الجهد رغم تحسنة في عام 2014، إذ يستهدف الجانبين وصول التبادل التجاري لـ10 مليارات دولار بنهاية العقد الحالي، ووصل حجم التبادل التجاري بين "موسكو والقاهرة" لـ 5.5 مليار جنيه في 2014، بحسب رئيس مصلحة الجمارك الروسية أندري بيليانوف.


وتسير العلاقات الاقتصادية بين الطرفين نحو زيادة التبادل التجاري من خلال إقامة منطقة تجارة حرة بين مصر وروسيا، وتسعى روسيا إلى التعاون مع مصر للوصول إلى مصادر للطاقة النظيفة والصديقة للبيئة والتنقيب عن البترول، وتقوم الشركات الروسية باستخراج أكثر من 20% من البترول المصري، كما أن عشرات الشركات الروسية التي شاركت في مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري، تتابع 160 مشروعا استثماريا في مصر، ومستعدون للعمل بشكل جاد مع الجانب المصري في هذه المشروعات.


الشركات الروسية في مصر


وصل إجمالي عدد الشركات الروسية العاملة في السوق المصري إلى ما يقرب من 400 شركة، تعمل بشكل أساسي في القطاع الخدمي كالسياحة والإنشاءات والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتمويل إضافة إلى القطاعين الصناعي والزراعي، لتحتل روسيا المرتبة 46 من حيث الدول المستثمرة في مصر.


في المقابل، بلغ حجم الاستثمارات المصرية في السوق الروسي حوالي 7 مليون دولار حتى نهاية 2012، وتتركز معظمها في قطاع الأخشاب التي يتم تصديرها لمصر، بالإضافة إلى بعض الاستثمارات العقارية.


 وتمثل السوق الروسية الواسعة فرصة كبيرة لزيادة الصادرات المصرية وتحسين وضع الميزان التجاري، وأكبر دليل على ذلك الزيادة الكبيرة التي حدثت لصادرات البطاطس المصرية لروسيا والتي زادت كمياتها بنسبة تفوق 250% من 65 ألف طن عام 2007 إلى 237 ألف طن عام 2011.


كما تعتبر منتجات الأثاث والأسمدة وزيت الزيتون والأجهزة المنزلية والأحذية والخضروات والفواكه والحقائب والرخام والسجاد والسيراميك وورق الطباعة من المنتجات ذات الفرص التصديرية المرتفعة، إذ تستطيع السوق الروسية استيعاب كميات متزايدة من الصادرات المصرية التي يماثل الكثير منها بنود الاستيراد الروسي.


الاتفاقيات الأخيرة


وخلال الزيارة الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين لمصر، تم الاتفاق على مزيد من التعاون الاقتصادي بين الجانبين وتمثل في التوقيع على اتفاق مبدئي لإنشاء محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة النووية، وكذلك مذكرتيّ تفاهم في مجال الاستثمار، الأولى بين وزارة الاستثمار المصرية ووزارة التنمية الاقتصادية الروسية؛ لتشجيع وجذب الاستثمارات الروسية، والثانية بين وزارة الاستثمار وصندوق الاستثمار المباشر الروسي؛ لتعزيز التعاون الاستثماري بين البلدين.


واتفق الجانبان على تيسير جهود إقامة منطقة التجارة الحرة بين مصر والاتحاد الجمركى الأوروآسي "أوروبا وآسيا"، بما يوسع آفاق العلاقات التجارية والاقتصادية مع روسيا وسائر دول الاتحاد، وأوضح بوتين أن المباحثات المصرية الروسية ركزت على التعاون الاقتصادي والتجاري الذي زاد بنسبة 80? بفضل التعاون المكثف في مجال المنتجات الزراعية.


 السياحة الروسية


ويستحوذ السائحون الروس على المركز الأول في حجم السياحة الوافدة إلى مصر لأكثر من 7 سنوات على التوالي بلا منازع، وكانت الجنسية الأولى بل الوحيدة التي تتخطى المليوني سائح من دولة واحدة في عام 2009، لذلك لها مكانة خاصة في قائمة الأسواق السياحية التي تستهدفها مصر.


وتفوقت السياحة الروسية في 2014 على إحصائيات 2010 عام الذروة، رغم الأزمة الاقتصادية التي تمر بها روسيا منذ منتصف العام الماضي، إذ حققت توافد 3.1 مليون سائح، يمثلون 31.8% من إجمالي أعداد السائحين في مصر، قضوا نحو 35 مليون ليلة، بنسبة ارتفاع في الأعداد 31.1% مقارنة بعام 2013، في حين أفادت إحصائيات 2010 الذي يمثل عام الذروة السياحية في مصر، توافد 2.8 مليون سائح روسي.


استيراد القمح


حجم التبادل التجاري بين الدولتين يغلب عليه عدد محدود من السلع، ممثلاً في بعض الصادرات المصرية من الفواكه والحمضيات التي يمثل البرتقال العنصر الرئيسي فيها، فضلا عن كميات محدودة من البصل والبطاطس، ليصل إجمالي قيمة ما تصدره مصر، نحو 250 إلى 300 مليون دولار سنويا.


في حين تتخطى قيمة الصادرات الروسية لمصر ملياري دولار، وقد تصل أحيانا إلى3 مليارات، نظرا لما تستورده مصر من القمح الروسي، الذي يشكل البند الرئيسي في قيمة الواردات المصرية، ويدفع بشدة الميزان التجاري لمصلحة روسيا.


وحاليا هناك إمكانات كبيرة لتطوير صادرات الخضر والفاكهة والصناعات الغذائية المصرية إلى روسيا، أصبحت متاحة بعد أن اتخذت موسكو قرارا بحظر استيراد الخضر والفاكهة والسلع الغذائية من أوكرانيا وعدد من دول الاتحاد الأوروبي ردا على العقوبات الأوروبية ضدها بسبب الصراع في أوكرانيا.


توطين تكنولوجيا الصناعة


ويعد توطين تكنولوجيا الصناعات الهندسية والإلكترونية الروسية وغيرها من التكنولوجيات المتقدمة في مصر، من أهم الملامح في العلاقة بين البلدين، وفي هذا الإطار خصصت الحكومة المصرية منطقة صناعية للجانب الروسي في برج العرب عام 2007.


إلا أن الجانب الروسي لم يتقدم حتى الآن بمشروعات لإدخالها في هذه المنطقة الصناعية، وقد أكد الجانب المصري على استعداده لتخصيص قطعة أرض أخرى بنظام "المطور الصناعي" ببرج العرب أو العاشر من رمضان، رغم عدم تفعيل هذا الموضوع حتى الآن.


وهناك فرص سانحة أمام شركات التعدين الروسية للاستثمار في المشروع التعديني الضخم في جنوب شرق مصر على ساحل البحر الأحمر والذي يعرف بـ"المثلث الذهبي"، كما أبدت روسيا استعدادها لصيانة المصانع المصرية التي سبق أن ساهم الروس في إنشائها في مصر وبحث تمويل خطي المترو الجديدين ومناقشة إنشاء صوامع روسية  لتخزين القمح في مصر.