التوقيت الإثنين، 29 أبريل 2024
التوقيت 07:51 م , بتوقيت القاهرة

المؤتمر الاقتصادي ليس حلا

دعك من المبالغة في أن المؤتمر الاقتصادي الذي سيتم انعقاده الشهر المقبل سيحل مشاكل مصر. فهذا غير صحيح، قد يكون خطوة صغيرة على الطريق الطويل لنهضة اقتصادية، لكنّه من المؤكد ليس "غاية المنى".


كما أرجو ألا تنجر إلى أن المؤامرات التي تُحاك ضد المؤتمر، ستكون هي سبب فشله وفشل الاقتصاد المصري. صحيح بالطبع أن هناك مؤامرات، وصحيح بالطبع أن هناك قوى داخلية وخارجية تريد الفشل للبلد. لكن الأكثر صحةً من كل ذلك، أنه ما من أحدٍ يستطيع إفشال هذا المؤتمر أو البلد.


الحقيقة أن كل ذلك، مع كامل الاحترام لمن يردده، ليس هو الفيصل في النجاح أو الفشل الاقتصادي للدول. قد تكون عوامل مؤثرة، لكنها بالتأكيد ليست الحاسمة في أي صراع من أي نوع. الفيصل هو أولاً أداء من يملكون السُلطة، وأداء نخبته السياسية وأداء المجتمع بشكل عام ومؤسسات الدولة، فهذا هو ما يصنع البيئة الحاضنة لأي نجاح اقتصادي.. كيف؟


- الاستثمار القادم من أي مكان في الدنيا هناك عناصر أساسية لجذبه. أولها وأهمها استقلال القضاء والسرعة في أدائه. فهذا يضمن لأي مستثمر الحصول على حقوقه عند نشوب أي خلاف. قضاء لا يخضع للهوى السياسي، ولا لأي تدخلات. ولا تخضع قوانينه لأي انحياز لأي تيار أو لأي مَنْ كان. وهذه كما تعرف إحدى الآفات الكبرى في بلدنا.


- حرية تداول المعلومات، فهي ليست أساس الديمقراطية فقط، أي حق المجتمع في أن يعرف كل شيء، لكنها أيضًا أساس أي نجاح اقتصادي. فإذا أردت الاستثمار في أي مجال، لابد من معلومات حقيقية وفورية عن المجال الذي اخترته، عدد المصانع فيه، عدد العمالة، قوته في السوق.. إلخ.


- إطلاق الحريات، الفردية والعامة، حرية تأسيس الأحزاب والصحف والقنوات ووقف انتهاكات حقوق الإنسان. فالحرية هي الضامن لأي استثمار بالبقاء والمشاركة، سواءً كان استثمارا داخليا أو خارجيا.


- الأجهزة الرقابية في الدولة تكون مستقلة عن الرئيس وحكومته وعن السُلطة التنفيذية وحتى عن البرلمان، حتى يمكنها أن تكون قادرة على العمل الحر وتقليل الفساد. وكما تعرف الفساد طارد لأي استثمار جاد.


- الاستقرار السياسي، ويعني التوقف عن التنكيل بالخصوم والمعارضين من الإخوان وغيرهم. ومعاقبة فقط من يخالف القانون بنزاهة ودون تحيز. ليس منطقيًا أن تُقنع مستثمرا أن يُغامر بماله وربما بحياته، في بلد  تقتل المعارضين في الشوارع وتحمي المؤيدين في ذات الشوارع. أي عقد مصالحة حقيقة وجادة مع كل الأطراف، بما فيها الإخوان غير المتورطين في جرائم. ومعاقبة كل من خالف القانون من الذين يحكمون الآن. 


- إلغاء كل القوانين المُعطلة بيروقراطيا للاستثمار، أي السرعة في إنجاز كل شيء. 


أظن أنه حان الوقت لإعادة النظر في النشاط الاقتصادي لمؤسسة الجيش، بما فيه تملُّكها لكل أراضي مصر. فدورها الوحيد هو حماية البلد. ليس منطقيًا أن تطالب باستثمار حر وهناك منافسة غير عادلة مع المؤسسة العسكرية.


لا أزعم أن كل هذه الاقتراحات قادرة وحدها على إنقاذ الاقتصاد المتردي، فمن المؤكد أن هناك الكثير والكثير من الأفكار، المهم أن وضع الأقدام على بداية الطريق.