التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 10:29 ص , بتوقيت القاهرة

حكاية الرجل الذي فجر فضيحة "HSBC"

نشرت الصحف مؤخرا فضيحة جديدة لواحد من أكبر البنوك في العالم، وهو بنك "HSBC"، الذي ساعد بعض أغنى عملائه، على أن يتهربوا من الضرائب المفروضة عليهم، والبطل وراء هذه التسريبات، الموظف السابق في البنك والخبير المعلوماتي، هيرفي فالشياني.


وفالشياني، 36 عاما، هو من كشف أن البنك جعل عشرات الدول تخسر ملايين كثيرة، بسبب مساعدة عملائه على التهرب الضريبي، إذ أرسل فالشياني هذه المعلومات السرية إلى عدة صحف عالمية لتنشرها وتكشف الأمر.


وتقول صحيفة "بي بي سي" البريطانية، إن الشرطة السويسرية ألقت القبض يوم 22 ديسمبر 2008، على فالشياني، في جنيف، واستجوبوه لعدة ساعات قبل أن يفرجوا عنه، بشرط أن يعود في الصباح الباكر لاستكمال الاستجواب.


ولكن فالشياني، أجّر سيارة وأخذ زوجته وابنتيه واتجهوا إلى فرنسا، ثم اتصل بالشرطة السويسرية من جنوب فرنسا، وقال لهم إنه يريد أن يقضي الكريسماس مع عائلته في فرنسا، وسوف يعود مع مطلع العام الجديد، لكن فالشياني، المولود في موناكو، ويحمل الجنسية الفرنسية والإيطالية، لم يفِ بوعده، ومنذ هذا الحين تحاول السلطات السويسرية القبض عليه بلا جدوى.


رحلته إلى لبنان



التحق فالشياني، في عام 2000، ببنك "HSBC"، لينتقل بعد عام واحد إلى فرع البنك بجنيف في سويسرا، وجمع فالشياني بين عامي 2006 و2007 معلومات سرية لأكثر من 106 آلاف عميل للبنك، من أكثر من 200 دولة، تتعلق بـ300 ألف حساب شخصي، بعضها يخص شخصيات بارزة في البيزنس والسينما والموسيقى والرياضة وحتى الملوك والأمراء.


وفي بداية عام 2008، سافر فالشياني، إلى لبنان مع زميلته جيورجينا مايكل، التي ادّعت أنها كانت عشيقته، وأنه اعترف لها أنه انضم إلى فريق عمل البنك منذ البداية بنية أن يحصل على معلومات العملاء السرية لبيعها لأطراف ثالثة.


إلا أن فالشياني أنكر نشوب أي علاقة عاطفية معها، وقال إنها دخلت في حياته بعدما قابله بعض الرجال زاعمين أنهم عملاء في الموساد، وطلبوا منه أن يزور البنوك اللبنانية، ويخبرهم بالاختراقات الأمنية في بنك "HSBC" بلبنان، من أجل صرف العملاء عن استخدام أموال سرية تستخدم لدعم النشاط الإرهابي.


وقابل فالشياني ومايكل، أربعة مديري بنوك لبنانية، وبينما استخدم فالشياني اسما مستعارا، استخدمت مايكل اسمها، ما جعل السلطات السويسرية تراقبها بعد هذه الزيارة إلى لبنان، لتقبض عليها وتستجوبها، ما أدى بها إلى إفشاء سر فالشياني، وعجل بالقبض عليه وهروبه بعد ذلك من البلاد.


وحينما وصل فالشياني إلى فرنسا، قدّم بيانات العملاء السرية للسلطات الفرنسية، والتي لم تستطع أن ترحله إلى سويسرا بسبب قانونها الذي يمنع ترحيل المواطنين الفرنسيين.


بطل مظلوم أم جاسوس


وقدمت الحكومة الفرنسية المعلومات للجهات المختصة بالضرائب، ما أدى إلى أمرها بتحصيل مئات الملايين من الدولارات التي تهرب من سدادها العملاء.


وألقي القبض على فالشياني لأكثر من خمسة أشهر في إسبانيا بعام 2012، إلا أن الحكومة رفضت تسلميه لسويسرا في العام التالي، قائلة إن انتهاك سرية البنوك ليس جريمة في إسبانيا، وفي ديسمبر 2014، اتهمت السلطات السويسرية فالشياني بعدة اتهامات، منها التجسس والحصول على معلومات بلا ترخيص وانتهاك سرية البنوك.


ولكن فالشياني، له وجهة نظر مختلفة، فهو يعتبر نفسه بطلا مظلوما كإدوارد سنودن، الذي سرب معلومات وكالة الأمن الوطني الأمريكي، مشيرا إلى أن من المهم جدا أن يوجد أناس "يقولون الحقيقة ويشيرون إلى المشاكل في الأجهزة المختلفة" وأنه يعتقد أن البنوك مثل بنك "HSBC" خلقت نظاما يساعدها على أن تكون أكثر غنى على حساب المجتمع، عبر مساعدة عملائها على التهرب الضريبي وغسيل الأموال".