التوقيت الأحد، 28 أبريل 2024
التوقيت 06:18 ص , بتوقيت القاهرة

مراقبة الإنترنت.. عين الحكومة لسماع "دبة النملة"

كتب- تامر إمام ومحمد عادل:


الحكومات والشعوب، طرفان لمعادلة أبدية لن يمكن حلها، الأول يرغب في الاستقرار والاستمرار، والثاني يسعى نحو الحرية والتعبير عن رأيه، ومن هنا تخرج نقطة الخلاف، التي تدفع الطرفين نحو محاولة تحقيق أهدافهما المتعارضة، وحينها يلجأ الأول إلى الرقابة وقطع الألسنة، بينما يخرج الآخر للتعبير.


وتتخذ الشعوب التي تجد صعوبة في التعبير عن آرائها على أرض الواقع من الإنترنت ساحة افتراضية، تحاول الهرب خلالها من القبضة الأمنية الحديدية، ولكن الحكومات لم تقف مكتوفة الأيدي، بما في ذلك الحكومة المصرية، والتي استخدمت على مدار السنوات الماضية أساليب وأجهزة وبرمجيات رقابة ثاقبة، تتيح تعقب مستخدميها وأنشطتهم عبر الشبكة العنكبوتية.


تاريخ العيون الإلكترونية في مصر


على مدار الثمان سنوات الماضية، لم تكتف الحكومة المصرية بالطرق التقليدية للرقابة على الاتصالات والإنترنت، من حيث استخدام تقنيات تتيح قطع الإنترنت وشبكات المحمول عن مناطق بأكملها، بل إنها تحاول باستمرار التطوير من قدراتها الرقابية على الأنشطة الإلكترونية للمواطنين، بل إن الأمر تجاوز هذا المستوى إلى وضع المحادثات الشخصية للأفراد عبر أي وسيلة إلكترونية تحت المجهر.


طوال الفترة السابقة لعام 2008، كانت الحكومة المصرية تكتفي بملاحقة النشطاء السياسيين قضائيا، نتيجة لمشاركاتهم عبر الشبكات الاجتماعية، والتي أغلبها يدور حول الدعوة إلى وقفات احتجاجية ضد بعض الإجراءات والسياسات التي تعمل بها الدولة، أو مطالبة ببعض المطالب الفئوية.


وتضمن تاريخ الحكومة المصرية مع زرع عيون في كل مكان على الإنترنت مرحلتين من التطور، مما أثار القلق والمخاوف فيما يخص التعدي على حريات الرأي والتعبير وانتهاك خصوصية المواطنين:


الرقابة: في هذه المرحلة اكتفت الحكومة بمراقبة المحتوى الذي ينشره المستخدمون عبر الشبكات الاجتماعية، وكذلك مضامين الرسائل التي يتم تبادلها عبر شبكات الاتصالات، ومن أوجه الرقابة:


1. في 2009، كانت هناك قنوات اتصال بين شركة أوروبية مقرها في المملكة المتحدة تدعى مجموعة جاما الدولية مع مباحث أمن الدولة في مصر، حيث عرضت عليهم الشركة نظاما برمجيا، يحمل اسم Finfisher، يتضمن نظاما أمنيا عالي المستوى يتمتع بمزايا غير موجودة في النظم الأخرى، من أهمها اختراق الحسابات الشخصية لخدمة محادثات الفيديو Skype، واختراق حسابات البريد الإلكتروني المستضافة على مواقع البريد الإلكتروني هوتميل وياهو وجيميل، والتحكم الكامل في أجهزة الحاسب الآلي المستهدفة، إضافة إلى تسجيل المحادثات الصوتية والمرئية، وتسجيل ما يحدث حول أجهزة الحاسب الآلي عن طريق الكاميرا المرتبطة بها وكيفية استخراج نسخ من هذا المحتوى، وذلك وفقا لوثائق تم تسريبها بعد إختراق مبنى أمن الدولة في مارس 2011.


2. في 2010، قضت محكمة القضاء الإداري بإيقاف عملية تنفيذ قرار الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات الخاص بإخضاع خدمة الرسائل النصية القصيرة المجمعة Bulk SMS، للرقابة المسبقة أو اللاحقة، إلى جانب حظر نشاط الشركات المرخص لها تقديم تلك الخدمة، مع إلزامها بضرورة الحصول على موافقات مسبقة قبل تقديم الخدمة.


3. كشف حكم محكمة القضاء الإداري، الصادر في قضية قطع الاتصالات خلال أحداث ثورة 25 يناير 2011، عن قيام الحكومة بمحاولتين لفرض الرقابة على الإنترنت، وقطع الاتصالات عن مناطق بعينها، الأولى كانت في 6 أبريل عام 2008 خلال احتجاجات عمال المحلة الكبرى، والأخرى في 10 أكتوبر 2010، وذلك لفترات لم تقل عن 3 أشهر.


المراقبة: تجاوزت السلطات مرحلة الرقابة على المحتوى إلى مرحلة "المراقبة"، والبحث واقتفاء الأثر لمجمل النشاط الرقمي بهدف إحكام السيطرة الأمنية على الإنترنت.


1. في 2012، تم الحكم على المدون ألبير صابر بالحبس لمدة ثلاث سنوات بسبب عدد من المقاطع المرئية والمحتويات المكتوبة المنشورة على موقعي يوتيوب وفيس بوك، بالإضافة إلى مدونته الشخصية والتي عبر من خلالها عن رأيه في بعض المسائل الدينية التي رأى القضاء المصري أنها تشكل إهانة لبعض الثوابت.


2. شهد شهر يونيو من العام الجاري 2014 إعلان وزارة الداخلية المصرية عن إجراء مناقصة بطريقة الممارسة المحدودة بهدف توريد وتشغيل برمجيات، تهدف إلى إنشاء نظام يستطيع إجراء التحريات على مجمل النشاط الرقمي بشكل دائم، ودون ارتباط ذلك بوجود شبهات حول استخدام الفضاء الرقمي في ارتكاب أفعال مخالفة للقانون من عدمه، وذلك على عكس ما هو ثابت بالتشريعات المصرية بشأن ضوابط التحري أو الاستدلال حول أي نشاط إجرامي، أو فعل مؤثم بموجب القوانين العقابية، حيث حدد قانون الإجراءات الجنائية المصري في المادة 21 منه حدود سلطات مأمور الضبط القضائي، بالبحث عن الجرائم ومرتكبيها وجمع الاستدلالات اللازمة للتحقيق أو الدعوى.


وفي شهر سبتمبر تعاقدت "الداخلية" مع شركة "مصر للنظم الهندسية"، وهي شركة تابعة لشركة أمريكية تسمى Blue Coat متخصصة في تكنولوجيا المراقبة والتجسس، وقد كان لها سابقة في التعامل مع جهاز أمن الدولة المصري، إلا أن الشركة نفت هذا الأمر.


كل ما سبق يأتي تحت شعار "حماية الأمن القومي"، ولكن هل من الطبيعي أن يتعارض ذلك مع القانون؟..


تنص المادة (38) من القانون المصري على "لحياة المواطنين الخاصة حرمة، وسريتها مكفولة، ولا يجوز مصادرة المراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال، ولا مراقبتها، ولا الاطلاع عليها إلا لمدة محددة، وفي الأحوال التي يبينها القانون، وبأمر قضائي مسبب".


ووفقا لما أكده الرئيس التنفيذي للجهاز القومي لتنظيم الاتصالات المهندس هشام العلايلي، فإنه لا يوجد مراقبة للمحتوى الذي يتم تداوله على الإطلاق، إلا أنه لم ينف وجود مراقبة للاتصالات الهاتفية، مكتفيا بالتأكيد أن القانون المصري يسمح بذلك بشرط وجود إذن قضائي.


وعلى نفس النهج أكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المهندس عاطف حلمي، أن الحرية مكفولة تماما عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نافيا وجود نية لدى الدولة لمراقبة الإنترنت، أما عن المجلس الأعلى للأمن السيبراني والذي تم إطلاقه عبر مجلس الوزراء، فشدد الوزير على أن هذا المجلس ليس معنيا بالمحتوى على الإطلاق، إنما حماية مؤسسات الدولة من الهجمات الإلكترونية.


اقرأ أيضا:


مراقبة المصريين.. حلال للأجانب حرام على الداخلية


موقع أمريكي: مصر بدأت مراقبة فيس بوك وتويتر وسكايب


الداخلية تنفي تعاقدها مع شركة لمراقبة الإنترنت


أياد إسرائيلية وراء خبر بدء مراقبة فيس بوك في مصر