التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 08:45 ص , بتوقيت القاهرة

تقرير جهاز حماية المنافسة يفضح شركات الأسمنت بسبب أسعار الطاقة

أحد عمال البناء يحمل شيكارة أسمنت
أحد عمال البناء يحمل شيكارة أسمنت

كشف جهاز حماية المنافسة اليوم الخميس عن حالة الترقب التامة لعدد من شركات الأسمنت – في الوقت الحالى- من القيام بإجراءات استباقية برفع أسعار البيع للحفاظ على العائد على استثماراتها وتحقيق هامش ربح يمكنها من الاستمرار في السوق، في ظل ارتفاع أسعار الطاقة- المخطط له- في يوليو القادم، في إطار خطة الحكومة المعلن عنها لرفع الدعم على الطاقة بشكل تدريجى، واحتدام وشراسة المنافسة مع دخول مصنع الاسمنت المرتقب- بطاقة إنتاجية تقارب ثلث الطاقة الحالية- في الشهور القليلة القادمة.

وقال الجهاز إن تلك الخطوات تأتي في إطار دور جهاز حماية المنافسة في مراقبة الأسواق ذات الأولوية، يقوم الجهاز بصفة دورية بإعداد تقارير استقصائية عن أوضاع المنافسة داخل عدد من الأسواق الأساسية؛ وذلك لبحث مدى توافقها مع قانون حماية المنافسة، وبهدف الكشف عن الممارسات التي من شأنها الحد من المنافسة أو تقييدها.

ممارسات احتكارية في سوق الأسمنت 

 ونظرًا لما اثير مؤخرا عن شبهة وجود ممارسات احتكارية في سوق الأسمنت ،وايمانًا من الجهاز بأهمية المشاركة في إتاحة المعلومات والحقائق ؛ أوضحت الدكتورة منى الجرف انه قد يكون من المفيد مشاركة الرأي العام -الأن-بعض نتائج الدراسة التي قام بها عن سوق الأسمنت خلال الفترة من 2013 – 2017، والتى قد تساعد فى تفسير ما يشهده سوق الأسمنت حاليا من اضطرابات وتغيرات ،وفى ذات الوقت يقوم الجهاز باستكمال البحث ليشمل الأسابيع الأخيرة .

و قد جاءت أهم النتائج على النحو التالى:

أولا: زيادة المنافسة في سوق الأسمنت وتراجع نسب التركز والسيطرة؛ فقد زادت عدد الشركات من 13 شركة عام 2008 إلى 22 شركة في عام 2017، مع توقع مزيد من الزيادة مع طرح الحكومة لعدد 11 رخصة لإنشاء مصانع جديدة في يناير 2017، وتوقع تشغيل مصنع بني سويف خلال الأشهر القادمة والذي يعد الأكبر في مصر بإجمالي ستة خطوط انتاج وبطاقة إنتاجية تبلغ نحو 13 مليون طن سنويا( لتمثل نحو 30% من إجمالي الطاقة الإنتاجية الحالية)، وهو ما سيساهم بمزيد من المنافسة في هذا السوق.

وبدون الدخول في تفاصيل فنيه أو علمية، انخفضت بالفعل كافة مؤشرات التركز المختلفة بسوق الأسمنت، وهي المؤشرات التي تقيس درجة سيطرة أو هيمنة  شركات محدودة على النصيب الأكبر من الإنتاج في السوق، وهذا بدوره ما يؤكد زيادة المنافسة وانخفاض قدرة الشركات الكبرى على التحكم فى الكمية المعروضة من الإسمنت محليا.

كما أوضحت الدراسة تراجع الحصص السوقية للشركات الكبرى في السوق فقد تراجع نصيب لافارج عام 2017 بنحو 36% من حصتها عام2008 من إجمالى سوق الإسمنت ، ومجموعة السويس انخفضت حصتها بنحو 50% مما كانت عليه  في بدابة الفترة.

 وفى ذات الوقت تضاعفت حصة شركات أخرى مثل السويدي وأسمنت بني سويف ، كما نجحت شركات جديدة كاسيك المنيا للاسمنت، وشركة جنوب الوادى وشركة صناعات مواد البناء، وأسمنت النهضة في الدخول إلى سوق الإنتاج؛ بما يؤكد حرية الدخول والمنافسة في سوق الإسمنت.

ثانيا: ارتفاع تكاليف الإنتاج بمعدلات فاقت الارتفاع في أسعار بيع أرض المصنع، ومن ثم انخفاض هامش الربح التشغيلي في المتوسط لشركات الإنتاج، حيث جاءت بيانات الشركات العاملة بالسوق (باستثناء شركتي العريش والقومية ؛ لعدم توافر بياناتها) لتؤكد ارتفاع تكاليف الإنتاج خلال فترة البحث بشكل واضح والتى كان لقرار رفع الدعم عن الطاقة وفقا لخطة الإصلاح الاقتصادي اثرًا واضحًا بها، حيث تمثل الطاقة وحدها نحو 60% من تكلفة الإنتاج.

قد انعكس ذلك على  متوسط هامش الربح التشغيلي (يعبر عن مدى قدرة الشركات على الثبات أمام التغيرات السوقية وتحقيق النمو) لشركات الانتاج في سوق الأسمنت خلال عام 2017 ليصل الى أدنى مستوى له من 19% إلى 6%، خلال الفترة 2013-2017، بل وقد  حققت بعض الشركات هامش ربح تشغيلي يصل إلى الصفر في عام 2017.

ثالثا: تراجع الانتاج المحلى لشركات الإسمنت خلال عام 2017 مقارنة بعام  2016،على أثر انخفاض الطاقة الإنتاجية المستغلة بنسبة 2% ، إلا انه أنه لم تتوافر لدى الجهاز أى قرينة على الاتفاق بين الشركات التى قامت على تخفيض طاقتها المستغلة والتى لم تتعد حصتها السوقية 17% من المبيعات.

وقد أرجعت الدراسة ما قامت به هذه الشركات إلى ما واجهته من  تحديات ناجمة عن التغيرات الكبيرة في تكاليف الانتاج سواء الناتجة من رفع الدعم الحكومي عن منتجات الطاقة من جهة، او تلك المترتبة على رفع سعر العملة الاجنبية والتي أثرت على مستلزمات الإنتاج المستوردة من جهة أخرى، فضلا عن عدة عوامل أخرى منها إجراءات الصيانة للمكينات ولتشهد الأسابيع الأخير في عام 2018 مزيدًا من التراجع في الطاقة الإنتاجية الفعلية مع  توقف-جزئى- فى إنتاج عدد من الشركات في إطار العملية الشاملة بسيناء، وبالشركة القومية للاسمنت؛ حيث لا تتوافر بيانات دقيقة عن إنتاج هذه الشركات .

رابعا: طبيعة الأسمنت البورتلاندى الرمادي فهو منتج فريد لا يتوافر له بدائل أخرى ، خاصة مع تفضيل المنتج المحلى عن المستورد،  وهو الأمر الذي يترجم فى انخفاض مرونة الطلب السعرية له (أي أن ارتفاع السعر لا يؤثر بشكل كبير على الطلب عليه) و يفسر إلى حد كبير تزامن و تقارب أسعار الأسمنت  - عند ارتفاعها- في السوق المحلى.

وبناءًا عليه يؤكد جهاز حماية المنافسة زيادة تنافسية سوق إنتاج الأسمنت خلال الفترة 2013-2017 بزيادة عدد الشركات العاملة بالسوق، وتغير الحصص السوقية لها ، وانخفاض نسب تركز المبيعات في عدد محدود من الشركات، بل ودخول الكثير من الشركات الجديدة إلى السوق، بالإضافة إلى وجود الكثير من العوامل التى ساهمت فى إرتفاع تكاليف إنتاج الشركات بمعدلات فاقت معدلات الزيادة فى الأسعار ، ومن ثم انخفاض هامش ربحية التشغيل الذى دفع بدورة بعض المصانع لتقليص طاقاتها الإنتاجية الفعلية.