التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 08:46 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا لا يتحول صندوق "تحيا مصر" لأول صندوق سيادى مصرى؟

الرئيس عبد الفتاح السيسى
الرئيس عبد الفتاح السيسى

تأخرت مصر كثيرا فى التفكير فى إنشاء صندوق استثمار سيادى، تكون مهمته استثمار أموال الحكومة في مشروعات داخل مصر وخارجها، بهدف تعظيم العائدات المالية الحكومية، ويكون ذراعا اقتصاديا وسياسيا ناعما لمصر في الخارج.

النجاح الكبير الذى تحققه الصناديق السيادية في العالم كله حاليا، جذب العديد من الدول لتأسيس مثل هذه الصناديق، وفي المنطقة العربية سبقنا عدد من الدول، التى كانت تتمتع في فترة من الفترات بفوائض مالية كبيرة نتيجة تصدير البترول، في تأسيس صناديق سيادية تابعة للحكومات، مثل الإمارات العربية والكويت وقطر، وحققت كل هذه الصناديق نجاحا كبيرا فى خارج دولها، التى غالبا لم تكن تتحمل هذا الكم من الاستثمار الضخم، فلجأت للاستثمار خارج دولها.

ورغم أن معظم الدول العربية قامت بتأسيس هذه الصناديق السيادية لأسباب أخرى، غير استثمار أموال الحكومة في مشروعات اقتصادية مربحة، وكان أغلبها بهدف استثمار أموال الأسر الحاكمة فى هذه الدول، إلا أن هذه الصناديق نجحت نجاحا كبيرا، لأنها تعمل بشكل حر ويديرها متخصصون، وليس موظفين في الحكومة، ولا تخضع لرقابة حكومية صارمة مثل باقي الصناديق، ولعل ذلك هو سبب نجاحها.

لكن كيف تقوم مصر بإنشاء صندوق سيادى في ظل ضعف الموارد ووجود عجز كبير في الموازنة؟ فقد يقول أحدهم إن مصر بها العديد من الهيئات الاقتصادية المتخصصة، وهذه الهيئات تقوم بدور الصندوق السيادى، ولذلك لسنا في حاجة لإنشاء صندوق سيادى آخر.

 ولهؤلاء أقول إن نظرة واحدة على الموازنة العامة المصرية كفيلة بالرد على ذلك، حيث إن معظم هذه الهيئات الاقتصادية المتخصصة تحولت منذ سنوات للخسارة، رغم أنها أنشئت في الأصل لكي تربح، وتستثمر بشكل منفصل عن الحكومة، لكن بسبب البيروقراطية وتعيين موظفين بها ليس حسب الكفاءة الشخصية لهم، ولكن حسب الأقدمية وغير ذلك من الأسباب، ليس هذا موضع ذكرها، تحولت هذه الهيئات للخسارة وفشلت في أداء دورها، بل أصبحت عبئا على الدولة أيضا.

كما أن البنوك المصرية لا تستطيع القيام بدور الصندوق السيادى، لأنها تعمل طبقا لنظام مصرفي دولي، وملتزمة بتنفيذ اشتراطات دولية للإيداعات وكيفية التصرف فيها، وهناك نسب ونظام لاستثمار أموال البنوك مرتبط بتشريعات قوية لا يمكن اختراقها، وإلا ستفقد مصداقيتها الدولية.

إذن من الضرورى أن تقوم مصر بإنشاء صندوق سيادى قوى يستطيع المنافسة فى الداخل والخارج، لكن كيف؟ أقول إنه  يمكن أن يتحول صندوق "تحيا مصر" الذى أنشأه الرئيس السيسى لمواجهة الطوارئ وتقديم خدمات مباشرة للمواطنين بشكل سريع، إلى نواة للصندوق السيادى المصرى.

وبعد النجاح الكبير لصندوق "تحيا مصر" الذى يحظى بدعم كبير من الشعب المصرى، ما جعله ينجح فى المشاركة فى عدد كبير من المشروعات، كل ذلك يؤهله لأن يتحول إلى صندوق استثمار شامل يحظى بدعم الحكومة، بشرط أن يتم تخصيص موارد له سواء من الحكومة مباشرة، أو أن تساهم الشركات العامة جميعها بحصص فيه كاستثمار لها في الصندوق، وتحديد موارد ثابتة لهذا الصندوق كفرض ضريبة معينة أو رسوم على الشركات التى يتم تأسيسها مستقبلا لصالح الصندوق السيادي، وبذلك سيحظى الصندوق بقدرة كبيرة على زيادة موارده، سواء من الموارد الثابتة، أو من نتائج أعماله الخاصة.

وفي النهاية، سيصبح لدى مصر لأول مرة ذراع استثمارى قوى فى الداخل والخارج، يمكن أن يكون يد مصر الناعمة في أفريقيا وأوروبا، ويمكن أن يصلح ما أفسده الإهمال فى السنوات السابقة للثورة، ما أدى لخسارة مصر كثيرا من دورها فى أفريقيا وباقى مناطق العالم، كما ستحظى الحكومة بفرصة قوية للاستثمار في مشروعات ضخمة تدر عائدات كبيرة لصالح الشعب، وتساهم بشكل كبير في عمليات التشغيل، والقضاء على البطالة...فهل من مجيب؟