التوقيت السبت، 18 مايو 2024
التوقيت 01:49 م , بتوقيت القاهرة

بطولات منسية من العدوان الثلاثي

24 ديسمبر، يوم لا يمكن أن يسقط من ذاكرة التاريخ المصري، اليوم الذي أعلنت فيه مصر عن نفسها كدولة قوية ذات هيبة وسيادة جعلتها تقف في وجه دولتين عظمتين وقتها مع حليفتهم إسرائيل، لانهم رفضوا ان تسترد مصر حقوقها في قناة السويس، عام 1956، يوم خرج أخر عسكري فرنسي وانجليزي من بورسعيد ليتم انسحاب القوات المغيرة على المدينة الصغيرة "بورسعيد".


المشهد الأول


مانشيتات التأميم


26 يوليو عام 1956، ميدان المنشية بالإسكندرية، الشعب المصري يكاد يطير فرحا، آخر قطعة أرض مصرية عادت للوطن، أصبحنا نمتلك الجرأة للرد وانتزاع حقوقنا المنهوبة دون أن نخشى من الدول التي أسميت نفسها دول عظمى، الجميع يرقص طربا، بينما كانت القيادة السياسية والعسكرية تنتظر الرد الغربي على قرار تأميم قناة السويس.


أشهر من المفاوضات ومحاولات الحل السياسي بين المغتصبين الأجانب ومستردين الحقوق، الكل ينكر على مصر حقها المشروع في القناة، لا تنازل ولا تراجع في قرار التأميم، والمؤامرات تدبر، جميع الدول التي على علاقات بإنجلترا أو فرنسا أجبرت مرشديها العاملين بقناة السويس على الاستقالة، ولكن الملاحة لم تتوقف.


المشهد الثاني


من أثار العدوان الإسرائيلي على مصر في 56


29 أكتوبر عام 1956 أول طلقة انطلقت في بداية العدوان الثلاثي كانت من إسرائيل، تقوم مصر برد الاعتداء، تنذر إنجلترا وفرنسا الخصمين بضرورة وقف القتال والابتعاد عن جانبي القناة بمسافة كبيرة، بهذا الانذار تجد مصر نفسها بين شقي الرحى، إما التنازل عن سينا، أو خوض حرب طاحنة مع إسرائيل وانجلترا وفرنسا مجتمعين، ولكن ناصر يأبي أن يفرط في سيناء ويرفض الإنذار المشترك، ليبدأ الغزو.


المشهد الثالث


مانشيتات الهجوم


احتلت إنجلترا وفرنسا بورسعيد، صارت القطارات تحمل يوميا المتطوعين والفدائيين إلى بورسعيد حيث المعركة، وزعت القوات المسلحة الأسلحة على الأهالي، الحرب الشعبية بدأت والجميع جنود.


في تلك الحرب كان هناك العديد من البطولات التي شهدتها بورسعيد بطولات كان ابطالها أناس عاديون ليسوا ضباط او مدربين مجرد مصريين يحبون وطنهم.


السبعة الكومي


صورة من تدريبات المقاومة الشعبية اثناء العدوان


هم سبعة من عائلة واحدة من عائلة الحاج حامد عبد المنعم، كانوا يعملون في الصيد في منطقة في بورسعيد تسمى "القابوطي" وهو حي يشبه حي بحري في اسكندرية، حيث منازل الصيادين البسيطة التي تطل مباشرة على المياه، ووسيلة النقل هناك هي القارب أو كما يسمونه "الفلوكة".


كانت مهمة السبعة الأشقاء هي نقل السلاح والمؤن والذخيرة من خارج بورسعيد إلى داخلها بعد الحصار الذي فرضته القوات المغيرة على بورسعيد، ولم يتوقف دورهم عند هذا الحد، بل تطور لإخفاء ونقل ضباط الصاعقة وضباط المخابرات المصرية من وإلى بورسعيد، كانت مجموعة السبعة الكومي كما أطلق عليهم هي جسر الإمداد السري الذي لم يستطيع الإنجليز والفرنسيون ان يقطعوه طيلة أيام الحرب.


فاطمة التي لم يقبض عليها


زينب الكفراوي


جسر أخر كان يصل بالسلاح والذخيرة والمؤن للقوات المصرية والمقاومة الشعبية، جسر بشري جديد من جسور كثيرة أقامها شعب بورسعيد، كانت تلك الجسر هي فاطمة الأخرس أو أم علي، كانت مهمة فاطمة مزدوجة فهي تتسلم الأسلحة وتسلمها لعناصر المقاومة داخل بورسعيد، وتتسلم كلمات السر من قيادة المقاومة الشعبية وتسلمها لعناصر المقاومة.


فاطمة التي خلدت في فيلم سينمائي بطولة فاتن حمامة " ليلة القبض على فاطمة" وتم تحويل لمسلسل بنفس الاسم بطولة فردوس عبد الحميد، كان تساعدها فتاة صغيرة تدعى زينب الكفراوي، وزينب في البداية هي طالبة بمدرسة التمريض ذهبت لمحافظ بورسعيد بعد العدوان لتطلب موافقته على انضمامها لأطقم التمريض ليوافق بالفعل، ولكنها لا تكتفي بالأمر بل تقرر ان يكون دورها أكبر من ذلك، لتكون هي وفاطمة الاخرس جسر معلوماتي وعسكري لقوات المقاومة في بورسعيد.


حينما تحطم ديليسبس


لحظة سقوط تمثال ديليسبس


يوم 23 ديسمبر استيقظت بورسعيد بأكملها على صوت انفجار هائل ومدوي، فظن الجميع ان المعارك اشتعلت رغم انهم في انتظار جلاء القوات المغيرة في الغد، إلى أن الحقيقة ان تمثال ديليسبس أصبح كومة من الحطام، ليتحطم التمثال أما أعين الفرنسين والإنجليز كإشارة واضحة أن عهدك انتهى وولي ولن يعود.


بعدما وافق الرئيس عبد الناصر على مقترح ضابط المخابرات عبد الفتاح أبو الفضل قائد المقاومة الشعبية في بورسعيد بتدمير تمثال ديليسبس، تم اختيار عناصر التنفيذ وهم عبد المنعم الشاعر وشقيقه يحيى الشاعر وحسني عوض والملازم سامي خضير، لتقوم المجموعة بتلغيم تمثال ديليسبس بأصابع الديناميت وتنسفه من أساسه.