التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 02:18 ص , بتوقيت القاهرة

حوار| مندوب مصر في جنيف: الغرب لديه مشكلة في عقوبة الإعدام

انتقادات واتهامات واسعة وجهت لمصر خلال الفترة الأخيرة من قبل منظمات وهيئات دولية، أثر أحكام قضائية في الوقت الذي أعلنت فيه مصر مرارا عدم التدخل في شؤونها الداخلية أو التعليق على أحكام قضائها.


مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة في جنيف، السفير عمرو رمضان يوضح في حوار لـ "دوت مصر" كيف تتعامل البعثة الدبلوماسية المصرية في جنيف مع تلك الانتقادات، وما الدور الحقيقي للمنظمات الدولية التي تصدر تلك الانتقادات، وإلى نص الحوار:  


- بداية .. ما هي مهام البعثة الدبلوماسية في جنيف في الوقت الحالي؟


تتولى البعثة المصرية مهمة تمثيل مصر لدى الأمم المتحدة بجنيف والمنظمات الدولية الأخرى التي تتخذ من سويسرا مقرا لها كمؤتمر نزع السلاح ومنظمة العمل الدولية ومنظمة الصحة العالمية والمنظمة العالمية للملكية الفكرية ومفوضية اللاجئين ومفوضية حقوق الإنسان، وغيرها من منظمات وبرامج وأجهزة لنظام الأمم المتحدة، حيث نشارك في اجتماعات هذه المنظمات والتعبير عن المواقف المصرية أمامها والمشاركة فى آليات التفاوض المستمرة فيها، وكذا إدارة علاقة مصر بهذه المنظمات بالتنسيق مع وزارة الخارجية وأجهزة الدولة الأخرى المعنية.


- وما هي إنجازات البعثة في مجال حقوق الإنسان؟


 كانت مشاركة مصر في دورة سبتمبر 2014 قوية ومختلفة عن سابقتها في مارس من حيث مستوى الانخراط والتفاعل، وكذلك من حيث المواقف التي تم التعبير عنها سواء لشرح التطورات في مصر أو تفنيد مزاعم البعض أو الرد على من يسيء أو يتطاول على مصر، فالواقع السياسي الجديد في مصر بعد الانتخابات الرئاسية المصرية في مايو 2014، وتولى وزير خارجبة جديد مسؤولية الوزارة في يونيو من العام نفسه وتعيين مندوب دائم جديد في سبتمبر فرض أداء مختلفا، وأدرك الجميع أن مصر لن تسكت على أي إساءة بل ستفند المغالطات وسترد الصاع صاعين.


كما بدأت في نوفمبر 2014 عملية مراجعة ملف مصر في مجلس حقوق الإنسان والتي انتهت بنجاح في مارس 2015، وتلقينا 300 توصية قبلنا 81% منها.



- هل تتعرض البعثة لمضايقات من جانب قطر وتركيا؟


لا يمكن وضع تركيا وقطر في سلة واحدة، فقطر دولة عربية عضو بالجامعة العربية، والعلاقات بين الشعبين المصري والقطري أخوية، وأن ما طرأ ويطرأ على صعيد العلاقات السياسية والإقليمية بين البلدين لم يؤثر على كوننا شعب عربي واحد، لكن هذا لا ينفي أن لدينا مآخذ كثيرة على عدة مواقف قطرية.


وفي جنيف، فنحن لا نتعرض لمضايقات من جانب بعثة قطر، وإن كانت مواقف الدوحة تفرض نفسها أحيانا ونتعامل معها بالشكل المناسب فقطر مثلا لم تتبنى القرار المصري الذي قدم لمجلس حقوق الإنسان في دورة مارس 2015 حول أثر الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان، بينما تبنته معظم الدول العربية ونجحنا في تمرير القرار داخل المجلس، والسفير القطري حرص في اتصالاته معي عقب وصولي جنيف سبتمبر 2014 على التأكيد على مشاعر الإخوة والمحبة التي يكنها القطريون لمصر، وكان الرد "أننا في مصر ننظر إلى الأفعال ولا نقف عند الأقوال".


أما بعثة تركيا فلها وضع آخر، حيث إنها تظهر أحيانا كثيرة غير ما تبطن، ونحن واعون لتحركاتها المناوئة لمصر ونتعامل معها بقدر ما تستحق.


- وكيف يتم التعامل مع الإرهاب من منظور حقوق الإنسان داخل أروقة الأمم المتحدة؟


نجحت البعثة المصرية في استصدار قرار من مجلس حقوق الإنسان بنهاية مارس الماضي عن آثار الإرهاب على التمتع بحقوق الإنسان، خاصة الحق في الحياة والحق في السلامة الشخصية بعدما باتت هذه الحقوق تنتهك يوميا بسبب الأعمال الإرهابية، وعارضت بعض الدول الرؤية المصرية في التعامل مع الإرهاب من منظور حقوق الإنسان، وارتأت أن زاوية التناول الوحيدة الممكنة هي احترام حقوق الإنسان السياسية والمدنية أثناء مكافحة الإرهاب، وهذا لا نختلف عليه، لكن هناك جوانب حقوقية أخرى ينبغي عدم إسقاطها من المعادلة.


- كيف ترى التدخلات الخارجية الأخيرة في أحكام القضاء المصري؟


لا يوجد تدخل في أحكام القضاء المصري، وإنما يوجد تعليقات على أحكام أو قرارات صدرت بالفعل، لا سيما وإن تعلق الأمر بالحكم على 500 شخص بالإعدام في قضية واحدة، ولعل أشهر هذه القضايا تلك التي فصل فيها قاضي المنيا قبل أن تحيله الجهات القضائية لدائرة أخرى وإعادة هذه المحاكمات.


العالم رأى في هذه القرارات أحكام إعدام جماعية، ونحن أوضحنا أنه لم يعدم أحد من هؤلاء وإنما صدرت قرارات بإحالة أوراقهم للمفتي للرأى الاستشاري، وأنه وفقا للقانون المصري فكل من صدرت ضدهم أحكام غيابية يجب إعادة محاكمتهم بعد القبض عليهم ومثولهم أمام القضاء مع تمتعهم بحقوقهم في الدفاع عن أنفسهم.


 لكن علينا أن ندرك في مصر أن دولا كثيرة قد ألغت عقوبة الإعدام، وبالتالي فهي لديها مشكلة مع العقوبة ذاتها وليس مع حكم بعينه، وهذا أيضا نوضحه من حيث اختلاف النظم القضائية لا سيما وأن المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي دخل حيز التنفيذ عام 1976 لم تجرم عقوبة الإعدام وإنما دعت إلى قصرها على أكثر الجرائم خطورة، ورغم أن أكثر من نصف دول العالم لا تطبق هذه العقوبة أو أوقفت العمل بها إلا أن العقوبة لا زالت سارية في بضع وأربعين دولة.



- حقوق الإنسان أداة للتدخل في الشأن الداخلي المصري.. كيف ترى ذلك؟


يصعب قصر النظرة لمجال حقوق الإنسان على أنه أداة للتدخل في الشأن الداخلي المصري، ولكن بالفعل هناك محاولات مستمرة من عدد من الدول الغربية للتدخل تحت ذريعة حقوق الإنسان، وهو ما رفضناه ونرفضه وسنرفضه في ظل التحديات التي تواجهها مصر بسبب الظروف الانتقالية منذ ثورة 25 يناير، ولكن هذا لا يعني أننا دولة فاشلة أو أننا لا دولة يحق لأي طرف التدخل في أمورها أو فرض وجهة نظره علينا، فمستقبل مصر يحدده المصريون وحدهم.


ورغم ذلك، نرحب دوما بالحوار البناء وتبادل الخبرات التي تفيد الجهود الوطنية للارتقاء بمنظومة حقوق الإنسان، وهو اهتمام مصري في الأساس بل والتزام من واقع انضمام مصر إلى العديد من الصكوك الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان منذ أواخر الستينيات، وما يمثله دستور 2014 من تغيير في منظومة الحقوق والواجبات للمجتمع المصري، وما كفله من حقوق لمختلف الفئات سواء المرأة أو الطفل أو الأقباط أو كبار السن أو ذوى الإعاقة وغيرها.


كيف يتم التعامل مع الأمر داخل مجلس حقوق الإنسان في جنيف؟


 هذه قصة معقدة، لكن البعثة المصرية في جنيف تمثل مصر أمام المجلس، وبالتالي فهي حلقة الوصل بين مصر والمنظومة الأممية في مجال حقوق الإنسان والعلاقة ذات اتجاهين بمعنى أننا ننقل للمجلس تطورات حقوق الإنسان في مصر والجهود المبذولة للارتقاء بثقافة حقوق الإنسان وزيادة الوعي بها وما يتم اتخاذه من إجراءات على الأرض بتنسيق كامل مع الوزارات والأجهزة المصرية المعنية خاصة الداخلية والعدل، بينما نتلقى في ذات الوقت استفسارات من سكرتارية المجلس والمفوضية السامية لحقوق الإنسان اتصالا بالاتفاقات التعاقدية في مجال حقوق الإنسان التي دخلت مصر طرفا فيها، ويتم ما تقدم بتنسيق كامل مع القاهرة.


كيف تعاملتم مع توصيات حقوق الإنسان خلال المراجعة الدورية الأخيرة؟


أنهينا المراجعة الدورية الشاملة لمصر في مجال حقوق الإنسان 20 مارس الماضي بعدما بدأت 5 نوفمبر من العام الماضي، وكانت عملية ناجحة ومفيدة وتتم كل أربع سنوات ونصف، ويعكف المسؤولون فى مصر الآن على إعداد جدول تنفيذ التوصيات التي قبلنا بها من جملة الـ300 توصية التي تلقتها مصر وكانت 243 توصية (220 بشكل كامل و23 بشكل جزئي) أي بنسبة قبول81%، وهي نسبة مرتفعة بالمقارنة بدول أخرى، وهو ما يعد تجسيدا للأولوية التي يمثلها موضوع تعزيز حماية واحترام حقوق الإنسان في الوعي السياسي للدولة المصرية وانفتاحها على الآراء المختلفة التي تم التعبير عنها خلال جلسة المراجعة وتجاوبنا معها. 


بريطانيا تعد الآن لمشروع قانون يحمي المجتمع من التطرف.. وهو ما تقوم به مصر ويتم انتقاده.. كيف ترى ذلك؟


ينبغي التفرقة بين "الإرهاب" وهو عمل مادي لا يعرف دين أو لغة أو مكان جغرافى، وبين "التطرف" الذي هو غلو وشطط فكري قد لا يستتبعه بالضرورة عمل مادي، وتختلف تشريعات الدول ونظمها في التعامل مع الإرهاب، ورغم أن بريطانيا في طليعة الدول التي توجه انتقادات لمصر في مجال حقوق الإنسان، إلا أن واقع الأمور أن القانون الجنائي البريطاني يجرم حتى التهديد باستخدام العنف حتى لو لم يتم اللجوء لعمل مادي، أي أنه على يمين التشريعات المصرية.



كيف يتم استغلال ذلك في الرد على الاتهامات الموجهة لمصر؟


بالفعل، أوضحنا تلك النقطة في أحد ردودنا في دورة مجلس حقوق الإنسان سبتمبر 2014 عندما وجهوا لنا انتقادات كعادتهم، وسننظر ماذا ستكون عليه تشريعاتهم الجديدة فيما يخص الإرهاب. وبالمناسبة، هذا وضع العديد من الدول الغربية، فقانون الإرهاب الهولندي لعام 2004 أضيفت إليه المادة 140 (أ) التى تساوى في العقوبة بين القائمين أو المحرضين على العمل الإرهابي وبين المنظمات والأفراد الذين يقدمون الدعم المالي أو المادي. 


بعض المنظمات الدولية مثل "العفو الدولية" تنتقد أوضاع مصر وتتجاهل أمثالها في دول أخرى.. فما حقيقة دور تلك المنظمات؟ 


بعض المنظمات التي تدعى أنها منظمات غير حكومية هي في حقيقتها منظمات مسيسة في فكرها وعملها ومعظم العاملين فيها هم مسؤولين سابقين بدول غربية خاصة الولايات المتحدة عندما تتعاقب الإدارات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، يأتي علي رأس تلك المنظمات "هيومان رايتس ووتش" وبدرجة أقل منظمة العفو الدولية.


ومن غير الواضح كيف يتم توصيف تلك المنظمات كمنظمات غير حكومية في مقابل مراكز بحثية مثلا، وما هي طبيعة أنشطتها الميدانية على الأرض التي هي أساس العمل الأهلي، ومن المؤكد أنها تتواصل مع كيانات لا تخلو من شائبة هي الأخرى في مصر، وتحاول تلك دائما استغلال الأوضاع الداخلية أو أية أحداث سلبية للترويج العدائي ضد الدول لتوفير الأداة للأطراف الراغبة في توجيه الانتقادات إلى الاستناد إلى تقارير ومطبوعات هذه الكيانات بدعوى أنها كيانات محايدة ومتخصصة.