التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 12:24 م , بتوقيت القاهرة

صور| المقطم.. بشرى "المسيح" إلى أمة "المصطفى"

في طريقه من مصر إلى الشام، بعد أن أمضى فيها عدة سنوات، توقف المسيح عيسى بن مريم، عليه السلام، على سفح جبل المقطم، ليضرب بقدميه الأرض، ثم يلتفت ليقول لوالدته: "يا أمّاه هذه مقبرة أمّة محمد"، كما أورد المقريزي في "المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار".

فأين جبل المقطم؟

جبل المقطم يقصد به، على وجه التحديد، الناحية الشرقية للفسطاط والقاهرة، ويشغل هذا الجبل المناطق التي تقع شرق قلعة صلاح الدين الأيوبي، حاليا.

في الفتح الإسلامي

يقول وهب الخولاني: "بينما كنا نسير مع فاتح مصر عمرو بن العاص في سفح هذا الجبل، ومعنا المقوقس، فقال عمرو: يا مقوقس ما بال جبلكم هذا أقرع ليس عليه نبات ولا شجر مثل جبال الشام، فرد المقوقس: ما أدري ولكن الله أغنى أهله بهذا النيل عن ذلك، ولكنا نجد تحته ما هو خير من ذلك، فقال عمرو: ما هو، رد: ليدفنن تحته قوم يبعثهم الله يوم القيامة لا حساب عليهم، فقال عمرو: اللهم اجعلني منهم"، كما أورد ابن عساكر في تاريخ دمشق.

جبل خشع لله

وفي رواية أخرى تحكي نفس الموقف بين عمرو والمقوقس، قال المقوقس: وجدنا في الكتب أنه كان أكثر الجبال أشجارا ونباتا وفاكهة، وكان ينزله المقطم بن مصر بن بيصر بن حام بن نوح، فلما كانت الليلة التي كلم الله تعالى فيها موسى عليه السلام، أوحى إلى الجبال، إني مكلم نبيا من أنبيائي على جبل منكم، فسمعت الجبال كلها وتشامخت، إلا جبل بيت المقدس، فإنه هبط وتصاغر، فأوحى الله تعالى إليه لم فعلت ذلك؟ فقال: إعظاما وإجلال لك يا رب.

وتضيف الرواية: فأمر الله الجبال أن يحيوه، كل جبل مما عليه من النبت، وجاد له المقطم بكل ما عليه من النبت حتى بقى كما ترى، فأوحى الله تعالى إليه إني معوضك على فعلك بشجر الجنة أو غراسها، فكتب بذلك عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فكتب إليه: إني لا أعلم شجر الجنة أو غراسها لغير المسلمين، فاجعله لهم مقبرة، ففعل، فغضب المقوقس من ذلك، وقال لعمرو: ما على هذا صالحتني! فقطع له عمر قطيعا نحو بركة الحبش يدفن فيه النصارى، كما جاء فى فضائل مصر المحروسة لابن الكندي.

شراء المسلمين

أورد المقريزي أن عمرو بن العاص سأل المقوقس أن يبيع له سفح المقطم بسبعين ألف دينار، فكتب عمرو بن العاص إلى عمر بن الخطاب، وقال له: إن الميت هنا لا يبلي، وبها موتى كثيرون بحالهم ما بلي منهم شيء، وبها قبر روبيل بن يعقوب وقبر إليسع، عليه السلام.

بركة تربته

قال الإمام جلال الدين السيوطي، في كتابه "حسن المحاضرة في تاريخ مصر والقاهرة"، إن كعب الأحبار سأل رجلاً يريد السفر إلى مصر، فقال له: أهد لي تربة من سفح مقطعها؛ فأتاه منه بجراب، فلما حضرت كعباً الوفاة أمر به ففرش في لحده تحت جنبه.

منع السكن فيه

ونقل السيوطي فتوى ابن الجميزي بهدم كل بناء بسفح المقطم، وقالوا: إنه وقف من عمر على موتى المسلمين.

ولم تكن هناك أي مساكن بالقرب من سفح المقطم حتى عهد المالك العادل، فما توفى وحكم الملك الصالح، ذهب إليه ابن الجميزي ليقنعه بهدم هذه المساكن، فيقول ابن الجميزي: وجهدت مع الملك الصالح في هدم ما أحدث بالقرافة من البناء، فقال: أمر فعله والدي لا أزيله. قال: وهذا أمر قد عمت به البلوى وطمت، ولقد تضاعف البناء حتى انتقل إلى المباهات والنزهة، وسلطت المراحيض على أموت المسلمين من الأشراف والأولياء وغيرهم.

وختم السيوطى عرضه للروايات بقوله عن مساكن المقطم: "يجب على ولي الأمر أرشده الله تعالى الأمر بهدمها وتخريبها حتى يعود طولها عرضاً وسماؤها أرضاً، لأنه- كما قال ابن الحاج في المدخل-: القرافة جعلها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لدفن موتى المسلمين فيها، واستقر الأمر على ذلك، فيمنع البناء فيها".