التوقيت الأربعاء، 01 مايو 2024
التوقيت 08:42 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| عبدالحميد صلاح يكشف كواليس فريق "حماية التراث"

بعد 3 أشهر من اندلاع "25 يناير"، مكث أخصائي الترميم عبدالحميد صلاح، أمام تلفازه، يطالع حوارا لزاهي حواس، وزير الآثار آنذاك، توقع خلاله سرقة مخازن آثار الجيزة خلال يومين، نظرا لاستهدافها وانعدام التأمين.


لم يدع عبدالحميد وقتا للاندهاش والاستنكار، وكون على الفور فريقا من المتطوعين الذين طمحوا في إنقاذ المخازن، واتفقوا أن الحل الوحيد هو نقل الآثار من المخازن إلى مكان آمن.


وبالفعل تمكن الفريق المتطوع من لقاء "حواس"، واقناعه بالفكرة، وتمكنوا من نقل الآثار تحت إشراف الوزارة وشرطة الآثار والسياحة.


ولكن الحلقة المفقودة مازالت تساور مخيلة عبدالحميد، فنجاح الفريق في نقل الآثار لم يكن على أسس علمية، وأثناء رحلة البحث عن الخطوات الصحيحة، التقطت أعينه إعلانا لدورة تنظمها منظمة "إيكوم" بعنوان "الإسعافات الأولية للآثار والتراث في فترات الصراعات".


واستجابت الأيكوم طلب أخصائي الترميم المصري للالتحاق بالدورة، التي كانت مدتها 5 أسابيع، وجد فيها عبدالحميد الأسس العلمية الذي كان يبحث عنها، وفي إجابة على تساؤل كيف دولة بحجم مصر لا تقام بها هذه الدورة؟، اقتنص عبدالحميد موافقة من "أيكوم" لإقامة الدورة نفسها في مصر، بالتعاون بين "أيكوم" و"اليونسكو"، وبناء على موافقات ومشاركة وزارتي الآثار والداخلية.


23 متدرب من وزارة الآثار، 10 متدربين من منظمات المجتمع المدني، تخرج منهم 29 فردا، مؤهلين لإنقاذ التراث في أي ظرف، ومدربين على درء المخاطر وكيفية إدارتها، والتوثيق الأثري، والتعامل السريع في أوقات الأزمات، بالإضافة إلى تنظيم النفس والتنسيق مع المتطوعين في تلك الأوقات.


في الوقت الذي بدأ فيه المدرب عبدالحميد صلاح تنظيم فريقه ووضع خطته، وبعد نجاح الفريق في إنقاذ متحف الفن الإسلامي، حدثت كارثة انتهاك متحف ملوي، وحين إذن أدرك أخصائي الترميم الممتلئ البنية، أن الأزمة مازالت مستمرة، قائلا: "كل من دربناهم على مواجهة الأزمات كانوا بالقاهرة، وواجهنا صعوبنا كبيرة في جمعهم وتسفيرهم إلى المنيا وقت وقوع الأزمة".


ورغم استعداد عدد لا بأس به من الفريق للسفر، إلا أن المعوقات لم تترك له متسعا لذلك، فالطرق المنغلقة، ورفض شرطة السياحة والآثار تحمل مسؤولية تأمينهم كانت البداية، ورفض سيارات الأجرة السفر إلى المنيا في تلك الأوقات العصيبة، قصفت رقاب آمالهم في إنقاذ المتحف.


"معرفناش نتصرف.. واتعلمنا إنه مينفعش يبقى فيه فريق واحد بس موجود في القاهرة".. درسا مستفاد، تعلمه عبدالحميد وفريقه، شكل نواة فريق قومي لإنقاذ التراث من جميع المحافظات، ولأن تكلفة استدعاء منظمات أجنبية في كل مرة لعقد الدورة التدريبية كبيرة جدا، كان عليهم إعداد فريق مدربين.


كانت الفكرة جديدة على مسامع المنظمات الأجنبية وغير مستصاغة، ولكن بعد سنة من النقاشات بدأت أول دورة لتدريب المدربين على إنقاذ التراث في مصر، والتي استمرت 3 أشهر، تباينت بين التدريب العملي، وإعداد المادة اللعمية، واستضافة 5 فرق من محافظات الصعيد، ليكونوا النواة الأولى للفريق الحقيقي.


ارتبط نجاح المدربين بنجاح المتدربين من وجهة نظر المنظمات الأجنبية، وتأكد الإشراف الدولي من ذلك في النهاية، وتم تدريب أمناء المتاحف المصرية على الاستعداد لمواجة أخطار الكوارث الطبيعية في المتاحف، فتم تدريب 11 فريقا من 11 متحفا، وتم تكوين فرق صغيرة كحضانات لبقية المتاحف الموجودة على مستوى الجمهورية.


ونتيجة لنجاح التجربة المصرية، فكرت المنظمات الدولية في طريقة لنقل خبرات الفريق المصري لإنقاذ التراث للدول العربية، وتم تنظيم دورة إقليمية للأثريين بالعراق وسوريا ولبنان وليبيا وفلسطين واليمن، ونجح الفريق في تكوين فرق مشابهة للفريق المصري بالدول سالفة الذكر.


"التراث ملك الناس كلها، واحنا مؤهلين للتدخل لأي أزمة أثرية".. هكذا أجاب عبدالحميد عن إذا ما كان الفريق المصري لديه استعداد لإنقاذ آثار العرب المهددة أم لا، ولكن الحل الأمثل من وجهة نظره هو أن يدرب فريق على مواجهة الأزمات من الدول نفسها، والاشتراك معهم من الجانب المصري بالمعدات أو بالبشر، في ظل وجود موافقة أمنية من الدولة والخارجية المصرية.


وغاص عبدالحميد في شريط من الانتهاكات والجرائم التي طالت التراث العربي فاختتم قائلا: "لو رجعنا للتاريخ هنلاقي كل أمة بتيجي بعد أمة تانية بتمحو كل ما تبقى لها من آثار، فالأثر هو علامة، ورسالة إنه كان في ناس موجودة هنا، فلما نبقى بلا تاريخ، سهل جدا أحد ينسبلنا التاريخ إلي هو عايزه".