التوقيت الخميس، 18 أبريل 2024
التوقيت 11:04 م , بتوقيت القاهرة

"مصر الجديدة" في 110 أعوام.. من واحة إلى منطقة البشوات

تحل هذه الأيام ذكرى مرور 110 أعوام على إنشائها، تلك المنطقة التاريخية التي يعرفها المصريون بأنها منطقة "البشوات" أو منطقة كبار القوم، نظرا لعراقة وتراث مبانيها إضافة إلى حفاظها على طابعها الخاص رغم  مرور العديد من السنوات على إنشائها، ضمت خلالها مختلف الأعراق والأجناس والأديان.


إنها منطقة مصر الجديـدة، التي تعتبر مـن أهـم التجـارب علـى مسـتوى العـالم في مجـال إنشـاء المـدن الجديـدة التابعـة في النصـف الأول مـن القـرن العشـرين، وبالتحديد عام 1906م، عندما راودت البارون البلجيكي إدوارد إمبان، فكرة إنشاء مجتمع حضري جديد في الصحراء شمال شرق القاهرة، متأثرا في ذلك بأفكار المدن الحدائقية والجديدة التي نشأت في أوروبا منذ نهايات القرن الماضي والتي جاءت تحت شعار "مجتمع صحي ونظيف".



إنشاء ضاحية مصر الجديدة جاء تنفيذا لعقد اُبرم مع شركة "واحات عين شمس"، وتم إنشاء خط سكة حديد وخطوط ترام لربط المدينة الجديدة بمنطقة وسط القاهرة، وبنى الشركاء الأساسيون في المشروع، وهم "البارون إدوارد إمبان، وبوغوص نوبار باشا"، الحي الجديد على مساحة 25 كيلومترا مربعا، انصهرت فيه أعراق وأجناس وأديان متنوعة، حيث تم اختيار مجموعة متميزة من المهندسين والمعماريين من مختلف الجنسيات لتصميم الحي الجديد.



وكـان نجـاح التجربـة ينبـع أساسـا في الفكـر التخطيطـي ومواكبـة مراحـل التعمـير لمتطلبـات التنميـة في ذلـك الوقت بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية، لكن مما لا شك فيه أنه قد بدأ يحدث تغيير كبير في البيئة العمرانية لمصر الجديدة بدايـة مـن النصـف الثـاني مـن هـذا القـرن لأسـباب عديـدة.



ولم يكن اختيار موقع واحة عين شمس التي تقع في قلب الصحراء قد تحدد بطريق الصدفة إنما جاء إحياء وتخليد لمدينة (أون) " تلك المدينة المصرية القديمة والتي عاش في معبدها وجامعتها بعد ذلك أرسطو وسقراط وأفلاطون والتي لا تزال آثار تلك المدينة باقية حتى اليوم".



ولتأكيد أن الاختيار لم يكن صدفة، فقد كان البارون أمبان مؤسس هذه الضاحية من عشاق فلاسفة الإغريق، إضافة إلى أن الرغبة كانت في موقع يتسم ببعض ملائمة التربة الرملية والمزايا المناخية (الجفاف التام)، وأيضا الأراضي المنبسطة للإنشاء والتعمير.


 وخضعت مصر الجديدة على مدى عقود لكثير من التحولات على مدى تاريخها، وتهدمت الكثير من مبانيها القديمة والعريقة لتحل محلها مبان جديدة، واختفت أماكن الذكريات المرتبطة بقاطني هذا الحي العريق.



وتطورت شبكة شـوارع مصـر الجديـدة نفسـها كـي تنـدمج في مجموعهـا في إطـار تصـميم متحـد المركـز، وفي هـذا الطـور تم التخلـي عـن فكـرة "المدينـة الخضـراء" لتلبيـة الاحتيـاج إلى مسـاكن، والتخلـي كـذلك عـن مشـروع الواحـة الأصلي من أجل تنمية مساكن متوسطة واقتصادية.


ومن هنا جاءت مبادرة "تراث مصر الجديدة في عام 2011 " كمبادرة شعبية تضم مجموعة من الشباب المتخصص في التراث الحضاري والمعماري، ردا على تدهور نوعية وجودة الحياة والتراث الثقافي والمعماري في جميع أنحاء هليوبوليس.



 وتسعى "مبادرة تراث مصر الجديدة"، وهي تحت التأسيس، إلى تعزيز الوعي العام من خلال الفعاليات الثقافية والاجتماعية للترويج لتراث حي مصر الجديدة، وتقوم أعمالها حول خمسة محاور رئيسية، وهي حماية التراث المعماري والعمراني لمصر الجديدة، حماية المساحات الخضراء وزيادتها وتنميتها، وزيادة الوعي بالتراث والتنمية الثقافية في مصر الجديدة، والمرور ومنظومة المواصلات العامة، والنظافة وإدارة المخلفات.



وتتناول المبادرة كما يقول متحدثها الرسمي، شكري أسمر، عددا من المشروعات المهمة، وتعرض تقارير انتهاك المباني الأثرية ذات القيمة الثقافية العالية إلى الجهات الحكومية والتنفيذية أملا في إيجاد حلول إيجابية.