التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 04:06 م , بتوقيت القاهرة

صحف عالمية: التقارب التركي السعودي وتأثيره على النفوذ الأمريكي

تبدأ فعاليات قمة كامب ديفيد، بينما الواقع على الأرض في الشرق الأوسط جديد تماما بتوازنات غير مسبوقة، ففي سوريا يبرز المحور السعودي التركي الذي تشكل بوساطة قطرية، كرأس حربة لا تهدد فقط نظام الأسد، إنما يمتد تأثيرها إلى الأزمة الليبية، التي شهدت هي الأخرى تقاربا بين حفتر وفجر ليبيا، ما يحمل القمة الأمريكية الخليجية وزنا أكبر من كونها رسالة تطمين عقب الاتفاق النووي الإيراني.


واشنطن بوست: تأثير المحور السعودي القطري يمتد لليبيا



بينما يحاول الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، جمع شتات ما فرقه الاتفاق النووي مع إيران، فإن "علاقة عمل جديدة" حسب الكاتب الأمريكي، ديفيد أجناثيوس، تجمع بين السعودية وتركيا، بوساطة قطرية، على الأراضي السورية قد تقلب موازين اللعبة على الأرض في الشرق الأوسط، بادئة بالإطاحة بنظام بشار الأسد، الذي بدأت قواته في الشعور بالإجهاد بعد أربعة سنوات من القتال أمام المكاسب التي صارت تحققها المعارضة المدعومة من التحالف الوليد.


وأشار الكاتب، نقلا عن مصادر، أن جبهة النصرة، التابعة للقاعدة، من المتوقع أن تعلن انفصالها عن القاعدة خلال الأيام المقبلة، والانضمام إلى جيش الفتح، ما قد يؤدى إلى نقطة تحول في الشمال، حيث يوجد تحالف واسع ضد نظام الأسد و"داعش"، فالاردن وإسرائيل، بحسب الكاتب، طورا علاقات سرية مع أعضاء بجبهة النصرة على حدودهم.


على جانب آخر، يشير الكاتب إلى أن الولايات المتحدة قد تساهم في تغيير اللعبة على الأرض بدعم منطقة حظر طيران، عبر الحدود السورية التركية، مدعومة بالقوات الجوية الأمريكية، ما قد يسمح لبعض اللاجئين للعودة إلى وطنهم، فضلا عن توفير منطقة انطلاق لهجوم متوقع للجيش السوري الجديد، الذى دربته الولايات المتحدة، وتكونت وحداته الأولى ضد عاصمة "داعش" في الرقة.


روسيا تدخل اللعبة من باب آخر


أما على الجانب الروسي، فيشير الكاتب إلى أن محادثات جون كيري الأخيرة مع بوتين، تضمنت دورا لروسيا في الانتقال السياسي السوري، بعيدا عن نظام الأسد، وهو عكس الموقف الذي كان يصر عليه بوتين في السابق، بدعم بقاء الأسد على رأس السلطة، خصوصا مع تعاون كل من قطر والسعودية وتركيا لتجهيز  قادة جدد من الأقلية العلوية لقيادة البلاد خلال المرحلة الانتقالية، بحسب الكاتب، الذي أشار إلى أن وتيرة التواصل مع هؤلاء تتسارع على الرغم من محاولات الأسد سحق كل منافسيه العلويين.


تقارب ليبي يقلب حسابات الجوار


لكن "علاقة العمل" الجديدة تلك لن يقتصر تأثيرها على الأزمة السورية فقط، فالتقارب التركي السعودي يمكن أن يحسن الأوضاع على الصعيد الليبي، حيث يدعم القطريون والأتراك جماعة فجر ليبيا التابعة للإخوان، بينما اعتادت كل من مصر والإمارات والسعودية على دعم برلمان طبرق وقوات خليفة حفتر.


ونقل الكاتب عن مصادر أن "فجر ليبيا" وافقت على التعاون مع حفتر لمقاتلة متطرفي "داعش"، فضلا عن أن السعودية تدعم المفاوضات المبدئية بوساطة الأمم المتحدة في المغرب، لتشكيل حكومة انتقالية.


ومن ثم، فإنه وسط كل تلك التغيرات على أرض الواقع، تجري قمة كامب ديفيد، التي وعلى الرغم من غياب أبرز قادة الخليج عنها باستثناء الأمير القطري ونظيره الكويتي، فإنه بعد أربع سنوات من انسداد طريق الحل في سوريا، ستكون هناك فرصة على الأقل لمناقشة إمكانية التغيير.


مونيتور: نهاية اللعبة غير محسومة



الإطاحة بالأسد، كأبرز نتائج المحور السعودي التركي في سوريا، ليست مؤكدة إلا بشروط، بحسب الكاتب التركي، جانكيز صدق، في مقاله بموقع "مونيتور" الأمريكي، فالكاتب يرى أن التحركات السعودية التركية قد تسرع من الإطاحة بنظام الأسد، خصوصا مع تواتر أنباء عن إمكانية خلق منطقة عازلة لتدريب وتسليح المعارضة داخل الأراضي السورية.


وأشار إلى أن التحالف الأخير، بين الدولتين السنيتين العظميين في المنطقة، جاء بعد خلاف طويل أعقب مواقفهما المتعارضة من الإطاحة بنظام الإخوان في مصر، لكن بعد وفاة الملك عبدالله والتغييرات في القيادة السعودية، فإن الظروف تغيرت.


نظام الأسد لا يزال حيا


الكاتب، على ناحية أخرى، يشير إلى أن هذا التحالف، وإن تمكن، بدعم كل من جبهة النصرة وأحرار الشام في سوريا، من تحقيق تقدم على أرض المعركة، قد يفيد أيضا المعارضة غير الإسلامية، فإنه دون تأييد الولايات المتحدة الكامل تصبح الإطاحة بنظام الأسد أمرا غير مؤكد.


ويبرر الكاتب رأيه، بأن المتمردين لا يزالون بعيدين عن دمشق، وإذا تمكن السعوديون والأتراك من إرسال المزيد من الأموال والأسلحة، فإن أعداد المتمردين ستزداد، وستكون إستراتيجيتهم المفضلة هي حرب الاستنزاف.


لكن النظام السوري لا يزال قادرا حتى الآن على أن تكون له اليد العليا، بحسب الكاتب التركي، كما أن إيران وروسيا لم يرفعا حتى هذه اللحظة الرايات البيضاء لدعم نظام الأسد، خصوصا أن فقدانه سيكون ضربة كبيرة لهما، ما يعني إمكانية حرب طويلة الأمد أيضا.


ويرى الكاتب أن السعودية بملكها الجديد ووزير دفاعها، ذو الثلاثين عاما، لا يمكن أن يمثلوا رهانا على المدى الطويل، فالحرب في اليمن بقدر شعبيتها في السعودية، يمكن أن تكون لها نتائج كارثية على الملك الجديد، خصوصا أن معارضيه الذين دفع بهم إلى خارج السلطة، ربما يعودون للحياة مجددا، ما يعني أننا أبعد ما يكون عن نهاية اللعبة.


تايمز: خريطة الجماعات المسلحة في سوريا لم تعد في صالح أمريكا



صحيفة "تايمز" البريطانية من جهتها، أكدت على الأثر الذي أحدثه الاتفاق النووي الإيراني الأمريكي على العلاقات مع السعودية، إلا أن الصحيفة تناولت أيضا التحركات السعودية في سوريا، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة لا ترغب في الدخول في التحالف السعودي المكون من جبهة النصرة، التابعة للقاعدة، خصوصا أن العديد من الجماعات المعتدلة المدعومة من الولايات المتحدة في سوريا تم تدميرها أو أجبرت على التفكك بعد هجمات من جبهة النصرة مطلع العام الجاري.


لكن خطط الولايات المتحدة لعمل محاور جديدة في سوريا تم إرباكها بتأجيل تركيا لتدريب مشترك لجماعات مدعومة من الولايات المتحدة، لما قيل أنه "أسباب تقنية"، ما يعني، بحسب الصحيفة، أن قمة كامب ديفيد هي نموذج لإبراز الشقاق بين الولايات المتحدة وحلفائها  في المنطقة.


وأشارت الصحيفة، نقلً عن مصادر أمريكية، أن دول خليجية تضخ أمولا وأسلحة ضخمة للمجموعات المعتدلة والمتشددة على حد سواء في سوريا، وأشارت المصادر نفسها إلى أن مصطلح "الجيش السوري الحر"، وهو المجموعة الأولى التي جذبت الدعم الأمريكي في سوريا، تحولت في الوقت الحالي إلى مظلة تشمل عددا كبيرا من الجماعات التي يتخذ بعضها موقفا راديكاليا يمنعها من تلقي الدعم أو السلاح من الولايات المتحدة، ما قد يجعل خريطة التوازنات على الساحة السورية تتخذ شكلا غير مسبوق منذ بداية الأزمة من حيث اللاعبين على الأرض.


تايم: فرصة للتعرف على الأمير الصغير



وفي حين مثل غياب العاهل السعودية عن القمة في كامب ديفيد رسالة واضحة وقوية على الغضب الخليجي من التقارب الإيراني الأمريكي، رأته مجلة "تايم" الأمريكية فرصة للتعرف على اثنين من الشخصيات الأكثر تأثيرا في مستقبل السعودية، الذين لا يعرف عنهم الكثير على الرغم من حساسية وأهمية مناصبهما، وهما الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد والنائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع، والأمير محمد بن نايف ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية.


وتقول الصحيفة إن المعلومات حول وزير الدفاع تكاد تكون غامضة، حتى أن عمره الحقيقي غير معروف، إذ تشير تقارير إلى أنه في التاسعة والعشرين وأخرى إلى أنه في الرابعة والثلاثين، لكن هذا الغموض نفسه يشي بالكثير حول التغيرات الكبيرة على الأرض في الشرق الأوسط، خصوصا في بيت آل سعود، الأسرة التي حكمت السعودية منذ 1932.


فالحرب الدائرة حاليا في اليمن، التي تستهدف ظاهريا المتمردين الشيعة، أثرت على البيت السعودي من الداخل، إلا أنها أيضا أثرت على الولايات المتحدة، التي وجدت نفسها مجبرة على تقديم الدعم الاستخباراتي والمعلوماتي، لكن المشكلة الجوهرية تبقى في إيران، التي تشعر السعودية بالتهديد ليس فقط لأنها تكسب في العراق واليمن، وليس بسبب استمرار دعم الأسد في سوريا، لكن أيضا بسبب التقارب الأمريكي الإيراني.


وتقول الصحيفة إنه على الرغم من أن السعوديين تعلموا من الإسرائيليين كيف يظهرون غضبهم من الولايات المتحدة، فإن الأمر الإيجابي في قمة كامب ديفيد هو أن حضور محمد بن نايف وبن سلمان سيعطي الولايات المتحدة الفرصة للتعرف على الشخصين، اللذان سيكونان مسؤولان عن إدارة الأمور هناك.


فورين بوليسي: فرصة لتوضيح حقيقة العلاقة مع الخليج



لكن أصواتا أخرى ترى في القمة، التي اعتبرها أوباما فرصة لتطمين الحلفاء في الخليج، وسيلة لإرسال الولايات المتحدة رسالة جديدة لهؤلاء الحلفاء، مفداها "إننا أصدقاء تجمعنا المصالح، لكن ما بيننا ليس علاقة أبدية"، بحسب مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.


وأشار تقرير المجلة إلى أن السعودية وأمريكا يسيران جنبا إلى جنب على مدى أربعين عاما وسط عتمة أزمات الشرق الأوسط، إلا أنه وللمرة الأولى خلال القمة الأخيرة يبدو أن هناك تباعد بين البلدين، وحاجة إلى المزيد من الرسائل القوية.


فالولايات المتحدة ستستخدم القمة لسماع تخوفات قادة الخليج من إيران، إلا أنه من المرجح أيضا أن تشرح بوضوح للعرب، أنه لن يكون هناك اتفاق دفاعي جديد مع قادة الخليج، كما لن تكون هناك ضمانات أمنية شاملة من الولايات التمحدة، واذا تمكن أوباما من إرسال الرسالة الصحيحة لمن سيحضرون القمة، فإن العلاقات بين الطرفين من المحتمل أن تكون مثمرة أكثر من ذي قبل.


إيران ليست جوهر القمة


وأشار التقرير إلى أن الدعوة لقمة من الولايات المتحدة لطمأنة دول الخليج بعد الاتفاق النووي مع إيران أمر طبيعي، إلا أن قرار بعض قادة الخليج عدم حضور القمة يعني أنه لا شيء سيبعث على طمأنتهم.


ومن الخطأ أن تكون الطمأنة هي جوهر القمة وذلك لثلاثة أسباب: أولها أن السعودية وزعماء دول التعاون الخليجي ليسوا حلفاء رسميين للولايات المتحدة، كما أنهم لا يتعاملون كأصدقاء ولا تجمعهم نفس القيم على الصعيد الاجتماعي والسياسي، ومن ثم فإن الطرفين يمكن أن يكون بينهما تعاون على أسس معينة، إلا أن علاقتهم بالولايات المتحدة ستبقى انتقالية، وليست علاقة التزام.


السبب الثاني أن الالتزام الأمريكي تجاه السعودية والخليج، لا ينبغي أن يكون مطلقا على الصعيد الأمني، فالطرفان حلفاء منذ السبعينيات في العديد من القضايا الأمنية، لكن ذلك التحالف كان مبنيا على تبادل المنفعة: حماية أمريكية مقابل دعم لمصالحها في المنطقة، ودعم استقرار سوق الطاقة العالمي.


لكن هذا الاتفاق مع الوقت جعل الدول العربية تفرض مسؤولياتها الأمنية على الولايات المتحدة، ثم تلومها على عدم الإيفاء بها، حسب الصحيفة، التي تقول "إنه ينبغي علينا ما بين وقت وآخر تذكير أنفسنا من هو المسيطر في العلاقة".


أما السبب الثالث، فهو أن الولايات المتحدة لم تتوقف عن التطمين طوال السنوات، ما خلق، حسب الكاتب، نوعا من الاعتمادية على الولايات المتحدة، بدلا من تشجيع دول الخليج على أن تكون مستقلة، وقادرة على الوقوف على قدميها عندما يتعلق الأمر بأمنها من العدوان الخارجي، بينما كان ينبغي على الولايات المتحدة بدلا من ذلك بذل مزيد من الضغوط لإحداث إصلاح داخلي.


وبختتم التقرير بالقول إن دول الخليج ينبغي أن تدرك أن هدف الولايات المتحدة في الخليج هو الإبقاء على التوازن الإقليمي، وليس دعم انتصار الخليج في معركتهم ضد إيران، وقمة كامب ديفيد هي أفضل فرصة لإرسال هذه الرسالة.