التوقيت الثلاثاء، 30 أبريل 2024
التوقيت 07:40 ص , بتوقيت القاهرة

من الرجال من يكون قوي الشهوة

"في تعدد الزوجات- مع تحري العدل- مصالح كثيرة، وفوائد جمّة، منها عِفة الرجل وإعفافه عددا من النساء، ومنها كثرة النسل الذي يترتب عليه كثرة الأمة وقوتها، وكثرة من يعبد الله، ومنها إعالة الكثير من النساء، والإنفاق عليهن، ومنها مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم بهم الأمم يوم القيامة، إلى غير ذلك من المصالح الكثيرة التي يعرفها من يعظم الشريعة وينظر في محاسنها وحكمها وأسرارها، وشدة حاجة العباد إليها بعين الرضا والمحبة والتعظيم والبصيرة، أما الجاهل أو الحاقد الذي ينظر إلى الشريعة بمنظار أسود، وينظر إلى الغرب والشرق بكلتا عينيه، معظما مستحسنا كل ما جاء منهما، فمثل هذا بعيد عن معرفة محاسن الشريعة وحكمها وفوائدها، ورعايتها لمصالح العباد رجالا ونساءً." انتهى كلامه – يرحمه الله – واحداً من الشيوخ العظام". المصدر

طلب مني صديق عزيز أن أنوه في مقالٍ عن رأيي في تعدد الزوجات، خصوصًا أن في القرآن نصًا يُقره ويُبيحه بشكل مباشر، على حد قوله، وهو يريد أن يعلم منطق الآراء المختلفة في هذا الأمر، من وافق منهم هواه ومن لم يوافق. ورغم أني لم أعتد التحدث عن شكل ديني لعلاقة اجتماعية، إلا أني أجد نفسى مضطرًا لذلك اضطرار تجنب الوقوع في اختزالٍ مخل بالقضية.

فلا شك أن الأمر وثيق الصلة بالدين، بل إن الدين يُفرد مساحة كبيرة جدًا من نصوصه لتنظيم العلاقات الاجتماعية عامةً والأسرية على وجه الخصوص.. لكني سأنظر إلى الأمر منظرًا آخر، فلن أحاول أن أُثبت إباحة التعدد أو أن أثبت وجوبه أو تحريمه، بل سأذهب مع كل من يقول شيئًا كيفما كان مقاله.

ذُكر في القرآن في الآية (3) من سورة النساء: (وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا)، وتلك الآية تُبيح التعدد عند جمهور علماء المسلمين، بالرغم من الارتباط غير المفهوم (على الأقل بالنسبة لي) بين إباحة التعدد كنتيجة للخوف وعدم القسط فى اليتامى من النساء (يظل الأمر غير مفهوم حتى مع قراءة التفاسير)، إلا أني لن أجادل كثيرًا في أن النص القرآني قد أباح التعدد، لأنه وبمنتهى البساطة القرآن أيضا لم يوجب التعدد.

ظل الأمر متعادلاً لا يحكمه إلا القبول الاجتماعي والهوى النفسي لصاحب الرأي. فهناك على الجانب الآخر من طرف الحبل من يحاول أن يجد في القرآن استحالة تحقق شرط العدل، ومن عامة الناس من يؤمن بإباحة التعدد شرط وجود عيب فى الزوجة (كالعقم مثلاً)، ومن الناس من ينظر بكراهة إلى التعدد كشر جزاء لزوجة أفنت حياتها مع زوجها (على الحلوة والمرة)، فلا فائدة إذًا من تتبع أقوال جمهور العلماء فلا موافقتهم استطاعت أن تفرض الأمر على النساء (حتى الكثيرات من المنتقبات) ولا تشديدهم الأفلاطوني على إقامة العدل قد منع اللجوء للمحاكم. بل أن الأمر قانونيًا مسموح به فى بعض الدول وغير قانوني في الكثير من الدول منهم العربية المسلمة الأغلبية كتونس مثلاً.

أرض الواقع تقول:
أن النص لم يفرض ظاهرة اجتماعية.
أن الظروف الاجتماعية والعرف المحلي هما المحددان الرئيسيان لتلك القضية.
أن القانون المصري يسمح بالتعدد ويفرض إعلام الزوجة، ويُحق لها الطلاق في حالة عدم موافقتها.
أن القانون في الدول الغربية الذي دومًا لا يسمح بالتعدد، لا دخل له في حال موافقة امرأتين على مشاركة رجل علاقة زوجية بدون زواج.

هل هناك ما يقول لك عما أبحث في مقالي هذا؟ أنا وبلا شك أبحث عن شكل أخلاقي إنساني لفعل ما تريد أن تفعل طبقا لما هو مباح على أرض الواقع أينما تكون. ولنأخذ أمثلة:

(1) يُحق القانون المصري للزوجة اشتراط ما شاءت في عقد الزواج.. فلتشترط عدم زواج زوجها إن خشيت.. أو ليشترط هو موافقتها الضمنية دائمًا على الزواج من أخرى.
(2) زوجتك عقيمة، وتريد أنت أن تُنجب، فلتتفقا إذن.. أتفقتما أن تتزوج فلتفعل، وإلا فلتطلق سراحها أو تقتنع برغبتها.
(3) زوجتك مقتنعة بحقك في الزواج من أخرى لأنها (ست بتعرف ربنا) "بالشفا" توكل على الله وعش سعيدًا.
(4) زوجتك أقسمت لك أنها لن تشعر بالمتعة الجنسية إلا فى وجود امرأة أخرى تشاركك الفراش .. (لا تعليق).
(5) أحببت أخرى وكرهت زوجتك (بسبب أو بدون سبب)، عندك فرصة في الشرع تقول لك إن من حقك الزواج، تكلم مع زوجتك المكروهة، عل وعسى أقنعتها، أو تفرقتما، أو "طلّعت تلاتة تربنتينك فى المحاكم"
 
إلّا أن صديقي طالب مقالي هذا قد ذهب إلى أبعد من ذلك: ماذا لو كان لا سبب في رغبة الزوج الزواج من أخرى إلا شهوته الزائدة التي لا تكفي إخمادها زوجة واحدة؟! ولعلى قد ذهبت لأكثر من ذلك تطرفًا في أمثلتي بالأعلى.. إلا أن هذا السؤال استوقفني كثيرًا.. لأني وجدته ليس سؤالاً عارضًا لصديقى فحسب، بل هو واحد من بعض حِكَم التعدد فى الإسلام عند كثير من الشيوخ العظام.

"من الرجال من يكون قوي الشهوة، ولا تكفيه امرأة واحدة، ولو سُدَّ الباب عليه وقيل له لا يُسمح لك إلا بامرأة واحدة لوقع في المشقة الشديدة، وربما صرف شهوته بطريقة محرمة. أضف إلى ذلك أن المرأة تحيض كل شهر وإذا ولدت قعدت أربعين يومًا في دم النفاس فلا يستطيع الرجل جماع زوجته، لأن الجماع في الحيض أو النفاس محرم، وقد ثبت ضرره طبيًا. فأُبيح التعدد عند القدرة على العدل". المصدر

ثم ذهب عقلي لسؤالٍ لم يكن على البال:

قُلت ما الحكمة المبتغاة من ختان الإناث؟! العفة؟ لأن عدم الختان يؤدي إلى الشهوة الزائدة؟! الشهوة القوية أو الزائدة.. نفس النقطة أصبحت سببًا فى إباحة تعدد زوجات الرجل.. و "قصقصة" أعضاء المرأة!

وطالما نتكلم بالعقل إذن نزيد على الخمس نقاط أعلاه:

(6) إذا أحسست بشهوة قوية جدًا أردت بسببها الزواج من أخرى، فلتتحدث مع زوجتك.. ولا تقلق.. عندها الحل.

(تحب مقص ولا سكين؟).

للتواصل مع الكاتب