التوقيت الأربعاء، 24 أبريل 2024
التوقيت 05:30 م , بتوقيت القاهرة

هل هناك رؤية لانتخابات البرلمان؟

مرة أخرى يبرز السؤال هل هناك رؤية سياسية للانتخابات البرلمانية القادمة في مصر؟


من الواضح غياب هذه الرؤية، وهناك العديد من المؤشرات على ذلك:


أولها حديث رئيس الوزراء منذ أسابيع قليلة عن أن الانتخابات ستبدأ قبل رمضان وتستمر خلال هذا الشهر، متجاهلا أو  غير مدرك صعوبة هذا الأمر من الناحية الفنية في ظل امتحانات الثانوية العامة، وبالتالى عدم توافر مقرات للتصويت في المدارس والتي ستشغلها لجان الامتحانات. أو ضعف اهتمام المواطن بانتخابات يُجرى جزء منها أثناء الشهر الكريم، الذي ينشغل فيه المواطنون بأشياء أخرى بعيدة عن السياسة، أو استغلال تيار الإسلام السياسي الأجواء الدينية لشهر رمضان لدعايتهم الانتخابية.


المؤشر الثاني لغياب الرؤية يتعلق بتعديل قانون الانتخابات، فبعد أن أبطلت المحكمة الدستورية بعض مواده، عادت نفس اللجنة التي أعدت القانون السابق غير الدستوري للاجتماع مرة أخرى لتعديل القانون، وجاءت التعديلات الجديدة خالية من الرؤية السياسية.


وارتكبت اللجنة عددًا من الأخطاء في تقسيم الدوائر سوف تنعكس بالسلب على نتائج الانتخاب مثل التعديلات التي قامت بتوسيع بعض الدوائر لتضم أربعة مقاعد أو ثلاثة، والتي سيكون لمرشحى تيار الإسلام السياسي وخاصة السلفيين فرص أكبر للفوز بهذه الدوائر لاتساع نطاقها الجغرافي والسكاني والذي لا يقدر المرشحون الآخرون على تغطيته.  كذلك قامت لجنة تعديل القانون بإلغاء عدد من دوائر المقعد الواحد مثل الدقي ومصر الجديدة وضمها لدوائر أوسع ذات مقعدين، مع أن الدوائر الأصغر هي الأفضل للمرشحين المدنيين.


مؤشر ثالث يتعلق بتزايد تأثير المال السياسي في استقطاب المرشحين، ويقوم بذلك الأحزاب التي يسيطر عليها رجال أعمال. وهناك خطورة في اتساع تمثيلها في البرلمان لأنها ستعكس وجهات نظر ومصالح أصحاب رأس المال أولا. وهنا نجد اللجنة العليا للانتخابات لا تُحرك ساكنًا، مع أنها المعنية بوضع ضوابط تمويل الانتخابات. كما لا تتحرك أيضا لجنة شؤون الأحزاب والتي يفترض أنها تراقب تمويل الأحزاب.


يضاف لذلك غياب الرؤية فيما يتعلق بتشكيل القوائم الانتخابية وخاصة تلك التي تزعم أنها تحظى بمساندة الدولة، وهناك خطأ كبير في الترويج لهذا الأمر لما له من دلالات حول إمكانية تدخل الدولة لمساندة هذا القوائم وهو ما قد يؤدى بالناخب للنفور منها بل والتصويت ضدها كاحتجاج على هذا التصور.


على المسؤولين التنفيذيين أن يتجنبوا الحديث عن مواعيد الانتخابات وأن يتركوا الأمر للجنة العليا للانتخابات وهي الوحيدة المختصة بهذا الأمر، وعلى لجنة تعديل الانتخابات أن تُدرك خطورة تقسيم الدوائر اعتمادا فقط على الأرقام والتقسيم الإداري للبلاد ودون رؤية سياسية، وعلى لجنتي الأحزاب والانتخابات تفعيل دورهما في متابعة ظاهرة شراء المرشحين والأحزاب.


انتخابات البرلمان القادم أهم من أن تُترك للتصرفات العشوائية، وأن يتم التعامل معها بلا رؤية سياسية.