التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 02:30 م , بتوقيت القاهرة

"الجولان".. رصاصة إيران الأخيرة للبقاء في سوريا

تشهد جبهة الجولان في سوريا المرحلة الحالية تصعيدا عسكريا، يحمل دلالات على وجود اتجاه لتغيير حالة الجبهة الساكنة منذ أكثر من 4 عقود مضت وحتى اليوم.

بعد مقتل 4 مقاتلين سوريين نسبوا إلى "حركة المقاومة السورية" في المنطقة القريبة من مجدل شمس المحتلة في الجولان، بلغ الوضع في المنطقة مرحلة متطورة من التعقيد، مع صعوبة قراءة المؤشرات المتداخلة فيما بينها، في إطار سلسلة أحداث تتضمن تواجدا كثيفا لحزب الله والحرس الثوري الإيراني، وسيطرة مقاتلي المعارضة السورية المسلحة على أجزاء كبيرة من المنطقة برفقة "جبهة النصرة"، فضلا عن محاولات تنظيم "داعش" الحصول على موطئ قدم في المنطقة.

يقول المحلل السياسي اللبناني، لقمان سليم، عن الحدود الإسرائيلية السورية إنها أصبحت مثل "قبور الأولياء" يتم التوسل بها، فكلما ضاق الأمر بحزب الله وبمن معه سواء إيران أو سوريا يتم تحريك الجبهة لخلط الأوراق في المنطقة.

ويضيف "سليم" لـ "دوت مصر": "الحدود الإسرائيلية السورية اليوم هي قبر الولي الذي يتوسل به الإيرانيون وحزب الله، وهذا يعود لسببين: الأول وعي حزب الله الكامل أن اللبنانيين المقيمين في الجنوب - لاسيما الشيعة منهم - لن يقبلوا ولن يتحملوا مغامرة عسكرية جديدة في مناطقهم، أما السبب الثاني فهو أن منطقة الحدود اللبنانية السورية الإسرائيلية هي الرصاصة الأخيرة في المسدس الإيراني، الذي يضمن حجة للبقاء كنفوذ في سوريا ولبنان، ولن يطلق الإيرانيون هذه الرصاصة إلا عندما يقعون في حرج جديد كما هو الحال في سوريا".

ويشير المحلل اللبناني إلى أن "ما نشهده من حراك على الحدود الإسرائيلية السورية، التي تحولت إلى منطقة يمكن تسميتها بالمنطقة (الحرة سياسيا)، أي بالمنطقة التي يمكن للنظام السوري أن يرفع عن نفسه مسؤولية ما يجري فيها كونه لا يسيطر عليها بالكامل، فضلا عن أن حزب الله ومن خلفه من الإيرانيين في حالة حرج وبحالة لتشتيت الأنظار عن الانتكاسات التي يتعرضون لها من اليمن إلى سوريا".

غموض وتمويه

ويوضح المحلل العسكري، العميد نزار عبدالقادر، لـ "دوت مصر"، القضية قائلا إن "ما جرى في اليومين الماضيين في منطقة الجولان هو محاولة في الواقع لتحويل خط الفصل في الجولان إلى جبهة مواجهة مع إسرائيل، بعدما سيطر الهدوء على هذا الخط في ظل حكم آل الأسد منذ عام 1973 وحتى اليوم".

واستطرد: "إسرائيل تتنبه لهذه المحاولة، وهناك نوع من الغموض والتمويه الذي ترافق مع عملية الهجوم الإسرائيلي، حيث تبين أن المجموعة التي حاولت زرع العبوات الناسفة للإيقاع بإحدى الدوريات الإسرائيلية من دروز الجولان، لكن ليس من المعروف أصلا أن هناك مقاومة أو جماعات ناشطة سياسيا، من الممكن أن تشكل عنصر مقاومة ضد إسرائيل في تلك المنطقة عبر كل هذه السنوات".

وتساءل عبدالقادر: "من هي الجهة التي جندت هؤلاء للقيام بهذه العملية، وما هي البيئة التي تقف ورائهم وتريد التمويه عن هويتها الحقيقية؟"، وتابع: "قد تكون هذه العملية مستترة لحزب الله وهي محاولة لإعادة تأكيد على عامل الردع الذي يتحدث عنه حزب الله دائما، في عملياته السابقة عبر خط مزارع شبعا أو عبر الخط الأزرق اللبناني".

قواعد اللعبة

ويواصل العميد عبدالقادر: "أنا لا أريد أن أخمن كثيرا عن هوية هذا الموضوع، لكن يبدو أن العمليات الإسرائيلية ضد بعض عمليات نقل الصواريخ لحزب الله أو بعض المخازن في القلمون التابعة لحزب الله، يمكن ربطها بما جرى في الجولان، لكن ليس هناك من معلومات واضحة لشرح السيناريو بتفاصيله ورسائله التي حملها".

ويستطرد: "نحن نعلم ونتذكر أنه بعد عملية مزارع شبعا التي حدثت في وضح النهار وأوقعت بعض الإصابات في دورية إسرائيلية، قال حسن نصرالله إنه على إسرائيل أن تدرك أن قواعد اللعبة تغيرت"، متسائلا: "هل هذا التغيير الآن يعني بدء عمليات من الجولان؟، قد يكون ذلك لكن ليس هناك من معلومات تؤكد هذا الخيار".

اعتبارات إقليمية

ويرى ?المحلل السياسي اللبناني، جورج علم، أن هذه العمليات تشير إلى وجود نوع من التحالف بين إيران وحزب الله والجيش السوري لتحريك جبهة في القنيطرة ومزارع شبعا، ما يشكل خطرا كبيرا على الاستقرار في المنطقة، وهذا الأمر سيؤدي إلى حرب واسعة النطاق، بحسب تأكيده، مشددا في الوقت ذاته على أن المسألة ليست بالسهلة.

ويوضح "علم" من بيروت أن "النظام السوري قراره ضعيف فيما يخص عمليات الجولان، لأنه بحاجة لدعم إيران وحزب الله، وهو ما يستغله حزب الله حتى يطل على الرأي العام اللبناني بأنه يمتلك أرضية في سوريا لاستعادة مزارع شبعا التي ماتزال محتلة، فضلا عن تكريس الدور الإيراني في سوريا، لاسيما أن هذا المثلث يشكل خط تماس مع إسرائيل، بالتالي هناك مبرر للقول إنها مسألة صراع إقليمي وليس داخلي، أي صراع "محور المقاومة" مع إسرائيل.

استحقاق نووي

ويؤكد "علم" أن النظام السوري غير مستفيد في هذه الحالة، وأن ما يجري يخدم مصالح إيران وحزب الله فقط، فقوات بشار الأسد غير قادرة على مواجهة الغارات الإسرائيلية، ما يدفعها إلى الرد من خلال حلفائها.

واستكمل: "المسألة معقدة للغاية، وإذا فتحت جبهة القلمون عندئذ ستكون هناك جبهة عريضة تنطلق من الحدود اللبنانية السورية إلى مثلث الجولان والقنيطرة ومزارع شبعا، ما سيعمل بدوره على تغيير أوراق كثيرة في المنطقة ، وإن كنت استبعد ذلك، لأن إيران أمام استحقاق كبير هو الاتفاق على البرنامج النووي، وليس من مصلحتها فتح جبهات تضعف موقفها في المفاوضات الأخيرة".