التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 02:47 م , بتوقيت القاهرة

فيديو| الحرب الأهلية اللبنانية.. ما أشبه اليوم بالبارحة

بداية الحرب الأهلية اللبنانية ارتبطت بعوامل طائفية وإقليمية، إذ إن لبنان لم يكن بعيدا عن واقع التحالفات الإقليمية والهيمنة الحاصلة في تلك الفترة، بعد صعود أنظمة جديدة إلى المنطقة، تحت مسميات الاشتراكية والوحدة والحرية.


هذا الصعود ارتبط بارتدادات القضية الفلسطينية، بعد حرب 1967 والتي تمكنت فيها إسرائيل من السيطرة على مزيد من الأراضي العربية، وأزمة الفلسطينيين الذين تم إخراجهم من الأردن تجاه سوريا ولبنان.



تتشابه هذه الحالة في تلك الفترة، مع الأزمة السياسية والبرلمانية التي يمر بها لبنان اليوم، ومدى الخصومة الطائفية والتبعية المتمثلة بتيارات موالية لطهران، وتيارات مدعومة من المملكة العربية السعودية.


حرب طويلة
الشرارة الأولى للحرب التي أدت لمقتل أكثر من 300 ألف شخص، كانت مرتبطة بالاحتقان الماروني من التواجد الفلسطيني في لبنان، حيث بدأت بروايتين، أولها أنها كانت في يوم 13 أبريل/نيسان 1975، بعد محاولة اغتيال زعيم حزب الكتائب اللبناني (الماروني)، بيار الجميّل، قام بها مسلحين فلسطينيين أدت لمقتل مرافق "الجميل"، جوزيف أبو عاصي، إضافة إلى 3 آخرين.



جاء رد حزب الكتائب على محاولة الاغتيال بالتعرض لحافلة كانت تقل أعضاء من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين- القيادة العامة إلى مخيم تل الزعتر مرورا بمنطقة عين الرمانة، و27 فلسطينيا، واشتهرت بحادثة "عين الرمانة"، التي أدت إلى انتشار القتال في جميع أنحاء البلاد.


اتسمت الحرب الطويلة نسبيا في لبنان، والتي استمرت 15 عاما، بالطابع الديني والسياسي، انغمس في هذه الحرب المسيحيين الموارنة والدروز والشيعة والسنة والفلسطينيين (منظمة التحرير الفلسطينية)، لتلحق بها مؤخرا إسرائيل والنظام السوري.



عنف طائفي
تطورت الحرب الأهلية اللبنانية في ديسمبر 1975، بعد العثور على 4 جثامين لأعضاء من حزب الكتائب، وقامت قوات مسيحية، بوضع نقاط تفتيش في منطقة مرفأ بيروت وقتلت المئات من الفلسطينيين واللبنانيين المسلمين بناء على بطاقات الهوية "التي كانت آنذاك تدون مذهب حاملها" وتم تسمية ذلك اليوم بالسبت الأسود.


بعد ذلك توسعت الاشتباكات  وانقسمت بيروت إلى منطقتين عرفتا بالمنطقة الشرقية وأغلبها مسيحيين، والمنطقة الغربية التي كانت مختلطة مع أكثرية إسلامية.


دموية الحرب اللبنانية برزت في مشاهد كثيرة، بيروت الشرقية كانت محاطة بمخيمات الفلسطينيين المحصنة مثل منطقة "الكرنتينا" ومخيم "تل الزعتر"، قامت القوات المسيحية في العام 1976 باقتحام منطقة الكرنتينا ذات الأغلبية المسلمة والواقعة تحت سيطرة منظمة التحرير الفلسطينية والتي كان يسكنها أكراد وسوريون وفلسطينيون، وقتلت الميليشيات المسيحية 1500 من سكان المنطقة، ليأتي رد الميليشيات الفلسطينية بعدها بيومين باقتحام بلدة الدامور المسيحية وقتل المئات من السكان المسيحين.


أدت المجزرتين إلى هجرة جماعية للمسلمين والمسيحيين، لجأ كل منهم إلى المنطقة الواقعة تحت نفوذ طائفته.



التدخل السوري 
بعد مجزرة الدامور، تطور تخوف التيار المسيحي في لبنان، وكانت ميليشيات حزب الكتائب المارونية على وشك الهزيمة، ليأتي التدخل السوري عن طريق دعوة الرئيس سليمان فرنجية سوريا للتدخل، من اجل حماية ميناء لبنان.


تحول الدعم السوري في تلك الفترة من ما كان يسمى "جبهة الرفض الفلسطينية" إلى دعم الحكومة ذات الأغلبية المارونية.


دخلت القوات السورية لبنان عام 1976 بناء على طلب "سليمان"، سيطرت على طرابلس وسهل البقاع، وفرضت سوريا حظر التجوال واستطاعت الميليشيات المسيحية اقتحام دفاعات مخيم تل الزعتر والذي كان تحت حصار وقصف متواصل طوال أشهر الذي أدى لمقتل الآلاف من الفلسطينيين، مما أثار غضب العالم العربي ضد سوريا.


تم إعطاء الضوء الأخضر لسوريا عربيا، وافقت دمشق على اقتراح جامعة الدول العربية بالإبقاء على 20 ألف جندي في لبنان تحت مسمى قوات الردع العربية التي تهدف لفك الاشتباك في لبنان.



في فترة لاحقة وتحديدا في ربيع 1978، قامت القوات الإسرائيلية بغزو القوات جنوب لبنان حتى نهر الليطاني رداً على العمليات التي كانت منظمة التحرير الفلسطينية تقوم بها ضد إسرائيل، حيث كانت تهدف إسرائيل إلى خلق منطقة عازلة بعرض 10 كيلومترا داخل الأراضي اللبنانية وبطول الحدود اللبنانية - الإسرائيلية.


حصاري بيروت
بعد مقتل عضو بارز في حزب الكتائب على يد قوات "المردة" في يونيو 1978، أرسل بشير الجميل قواته بقيادة سمير جعجع إلى مدينة إهدن لاختطاف طوني فرنجية، قائد ميليشيات المردة وابن الرئيس سليمان فرنجية، لإجباره على تسليم المسؤولين عن مقتل العضو الكتائبي، إلا أن العملية انتهت بمقتل طوني فرنجية وعائلته والمقاتلين التابعين له، وسميت الواقعة فيما بعد بمجزرة إهدن، لينهى سليمان فرنجية ارتباط حزبه تيار المردة بالجبهة اللبنانية بعد مقتل ابنه.



ما بين يوليو وأكتوبر عام 1978 قام الجيش السوري بمحاصرة بيروت الشرقية معقل القوات اللبنانية فيما سمي بحرب المئة يوم، تم خلال تلك الفترة قصف شديد لبيروت الشرقية وحي الأشرفية ولم ينتهي الحصار والقصف إلا بعد وساطة عربية أدت إلى وقف إطلاق النار.


في العام 1982، شهدت الحرب تحولا بعد الاحتلال الإسرائيلي للبنان، حيث وصلت الإسرائيلية إلى بيروت، وحاصرتها لمدة 7 أسابيع، لإخراج 16000 مقاتل فلسطيني منها.


بعد تدخل قوات فرنسية وأمريكية من شهر أغسطس من العام نفسه، تم الأشراف على خروج منظمة التحرير من بيروت بحراً إلى اليونان ومن اليونان إلى سوريا وتونس والأردن والجزائر.


حرب الدروز والمسيحيين
بعد انسحاب إسرائيل من جبل الشوف في لبنان، 1983، اندلعت معارك عنيفة ودامية بين الحزب التقدمي الاشتراكي "دروز"، مدعوماً من بعض القوى الفلسطينية، من جهة والقوات اللبنانية "ماروني" والجيش اللبناني من جهة أخرى، ارتفعت بسرعة وتيرة المعارك على مختلف الجبهات لترتفع معها أعداد القتلى واعتبرت حرب الجبل إحدى أعنف فصول الحرب اللبنانية، وانتهت المعارك بهزيمة القوات اللبنانية وانسحاب المقاتلين المسحيين إلى بلدة دير القمر ومن ثم إلى بيروت الشرقية.



في تلك الفترة بدأ يظهر حزب الله كقوة شيعية تقاتل إسرائيل في الجنوب، حيث انبثق حزب الله من صفوف حركة أمل الشيعية، ليتبنى الحزب فكر الثورة الإسلامية في إيران وحصل منذ بداياته على الدعم من حرس الثورة الإيرانية.


في العام 1988، عند اجتماع مجلس النواب اللبناني لانتخاب رئيس جديد، كان الانقسام على أشده، حيث سلم الرئيس أمين الجميل، الجنرال ميشال عون، منصب رئاسة الجمهورية حسب تفسيره للدستور اللبناني، بينما أصرت الكتل الوطنية والإسلامية على تفسير الدستور بالشكل الذي ينص على تولي رئيس الوزراء مهمات رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد، ليصبح للبنان رئيسين وحكومتين، حكومة عسكرية مسيحية في بيروت الشرقية مدعومة من النظام العراقي وحكومة مدنية مسلمة في بيروت الغربية مدعومة من سوريا.



اتفاق الطائف
في صيف 1989 توصل النواب اللبنانيون في السعودية إلى اتفاق "الطائف" الذي كان بداية لإنهاء الحرب الأهلية، وانتخب رينيه معوض رئيساً للجمهورية، إلا أن رينيه معوض قتل بعد انتخابه بـ 16 يوم وخلفه الياس الهراوي.


بعد معارضة عون للرؤساء اللبنانيين، تم إقصاء ميشال عون من قصر بعبدا الرئاسي وأعدم المئات من أنصاره في أكتوبر عام 1990 بعملية لبنانية-سورية مشتركة، ليلجأ بعدها إلى السفارة الفرنسية ببيروت ويتوجه من بعدها إلى منفاه في باريس.


كانت نهاية الحرب الأهلية باقصاء ميشال عون وتمكين حكومة إلياس الهراوي، وبإصدار البرلمان اللبناني في مارس 1991 لقانون العفو عن كل الجرائم التي حصلت منذ 1975، وتم حل جميع الميليشيات باستثناء حزب الله.