التوقيت السبت، 18 مايو 2024
التوقيت 03:04 م , بتوقيت القاهرة

الاحتفال بالموالد بين "حرام السلفية" و"حلال الصوفية"

فى موسم الموالد الصوفية، خلال شهور جمادى ورجب من كل عام، تبدأ معركة "الحكم الشرعي" بين السلفية والصوفية بخصوص الاحتفال بالموالد، حيث يؤكد الصوفية أنها من صميم الدين ولا تخالفه، في حين يرى السلفيون أنها بدعة تخالف الدين.

" دوت مصر" يعرض رأي الفريقين من خلال عرض فتوى الشيخ محمد الصالح العثيمين، ورأي دار الإفتاء المصرية من خلال فتواها الشهيرة في عهد المفتي الدكتور علي جمعة، وهو أحد أعلام الصوفية في مصر.

رافضو الموالد: بدعة وضلالة

عندما سئل الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين- كما جاء في كتاب " فتاوى الشيخ محمد الصالح العثيمين " 1 / 126- ما الحكم الشرعي في الاحتفال بالمولد النبوي، كان جوابه:  الاحتفال يعني الفرح والسرور وإظهار التعظيم وكل هذا من العبادات المقربة إلى الله، فلا يجوز أن نشرع من العبادات إلا ما شرعه الله ورسوله، وعليه فالاحتفال بالمولد يعتبر من البدعة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل بدعة ضلالة " قال هذه الكلمة العامة ، وهو صلى الله عليه وسلم أعلم الناس بما يقول، وأفصح الناس بما ينطق، وأنصح الناس فيما يرشد إليه، وهذا الأمر لا شك فيه، لم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم من البدع شيئاً لا يكون ضلالة، ومعلوم أن الضلالة خلاف الهدى.

ونصح العثيمين، المسلمين عامة، أن يتجنبوا مثل هذه الأمور التي لم يتبن لهم مشروعيتها لا في كتاب الله، ولا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا في عمل الصحابة رضي الله عنهم، وأن يعتنوا بما هو ظاهر من الشريعة، من الفرائض والسنن المعلومة، وفيها كفاية وصلاح للفرد وصلاح للمجتمع .

وهاجم المحتفلون بالموالد فقال عنهم، "إذا تأملت أحوال هؤلاء المولعين بمثل هذه البدع وجدت أن عندهم فتوراً عن كثير من السنن بل في كثير من الواجبات والمفروضات ، هذا بقطع النظر عما بهذه الاحتفالات من الغلو بالنبي صلى الله عليه وسلم المؤدي إلى الشرك الأكبر المخرج عن الملة الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه يحارب الناس عليه، ويستبيح دماءهم وأموالهم وذراريهم، مضيفا أن هذه الأعياد أو الاحتفالات بمولد الرسول عليه الصلاة والسلام وغيره من الصالحين لا تقتصر على مجرد كونها بدعة محدثة في الدين بل يضاف إليها شئ من المنكرات مما يؤدي إلى الشرك".

المحتفلون بها: من أعظم العبادات

أما الرأي المؤيد للاحتفال بالموالد، فهو رأي دارالإفتاء المصرية في فتواها رقم 140 عام 2007، والتي قالت فيها إن الاحتفال بذكرى مولد سيد الكونين وخاتم الأنبياء والمرسلين نبي الرحمة وغوث الأمة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أفضل الأعمال وأعظم القربات؛ لأنها تعبير عن الفرح والحب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومحبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصل من أصول الإيمان.

وقالت دار الإفتاء، في فترة وجود الدكتور علي جمعة مفتيا للديار المصرية، أن سلفنا الصالح درج منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرآن والأذكار وإنشاد الأشعار والمدائح في رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

واختممت الفتوى بأنه "إذا كان الله تعالى يخفف عن أبي لهب – وهو مَن هو كُفرًا وعِنادًا ومحاربة لله ورسوله – بفرحه لمولد خير البشر بأن يجعله يشرب من نُقرة مِن كَفّه كل يوم اثنين في النار؛ لأنه أعتق مولاته ثُوَيبة لما بشرته بميلاده الشريف صلى الله عليه وآله وسلم كما جاء في صحيح البخاري ، فما بالكم بجزاء ربنا سبحانه وتعالى لفرح المؤمنين بميلاده وسطوع نوره على الكون! وقد سن لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بنفسه الشريفة جنس الشكر لله تعالى على ميلاده الشريف، فقد صح أنه كان يصوم يوم الاثنين ويقول : " ذَلِكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ " رواه مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه".

واعتبرت الإفتاء أن المولد "شكر منه عليه الصلاة والسلام على منة الله تعالى عليه وعلى الأمة بذاته الشريفة، فالأولى بالأمـة الاقتداء به صلى الله عليه وآله وسلم بشكر الله تعالى على منته ومنحته المصطفوية بكل أنواع الشكر، ومنها الإطعام والمديح والاجتماع للذكر والصيام والقيام وغير ذلك ، وكل ماعون ينضح بما فيه، وقد نقل الصالحي في ديوانه الحافل في السيرة النبوية "سبل الهدى والرشاد في هدْي خير العباد " عن بعض صالحي زمانه : أنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، فشكى إليه أن بعض ما ينتسب إلى العلم يقول ببدعية الاحتفال بالمولد الشريف، فقال له النبي صلى الله عليه وآله وسلم :"من فرِح بنا فَرِحْنا به"، والرؤيا وإن كان لا يثبت بها حكم شرعي فإنه يُسْتَشهَد بها فيما وافق أصول الشرع الشريف".