التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 01:28 ص , بتوقيت القاهرة

"البستان" و"التكعيبة".. هنا يعيش حرفيو "صاحبة الجلالة"

حتمت عليهم مهنتهم البحث عن أماكن تجمعهم، للتسلية تارة وللعمل تارة أخرى، فتحولت المقاهي التي يجلس عليها الصحفيون إلى أماكن تأخذ شهرتها كونها خاصة بهم، وتُعرف بأسماء الكتاب الكبار الذين يجلسون عليها، تحديدًا مقاهي وسط البلد.

"زهرة البستان".. ملتقى الثوار

بين ميداني التحرير، وطلعت حرب يقبع مقهى لا تتعدى مساحته عدة أمتار، اتسعت جدرانه لتحتضن المئات الذين كانوا يركضون هربًا من القنابل المسيلة للدموع أثناء الاشتباكات التي وقعت بتلك المنطقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، هو مقهى "زهرة البستان"، الذى يٌقدر عمره بنحو ثمانين عامًا.

رغم أن المقهى لا يعرف التفرقة بين من يجلسون عليه، ألا أنه اشتهر كونه مقهى للصحفيين، والكتاب، والأدباء، والفنانين، حسبما أيضا ما تشير إليه اللافتة المتصدرة واجهته.

"تعرفت على زهرة البستان منذ سنين طويلة، وفي أيام الثورة كان مكانًا عظيمًا باحتوائه الكثيف للوجوه الأدبية، وكان يسمح بالتقاط الأنفاس ثم العودة لميدان التحرير مرة أخرى" ..

هكذا قال الشاعر زين العابدين فؤاد عن المقهى، الذى لم يستضيفه وحده، لكن ضم أيضَا الملحن أحمد إسماعيل، و الكاتب إبراهيم عبد المجيد، و الكاتب مكاوى سعيد، إلى جانب عدد من الصحفيين الذين يترددون عليه بشكل شبه يومى.

هشام فرج، الذى يعمل في المقهى منذ 20 عام، يقول إنه يتردد على مسامعه من بعض الشخصيات أن ثورة 1919 انطلقت من "زهرة البستان" كما انطلقت منها ثورة 25 يناير، مشيرًا إلى أن المترددين على المقهى يشعرون بالراحة النفسية أثناء الجلوس، وهو مصدر إبداع لهم.

ويؤكد الرجل أن مقهى زهرة البستان يمثل حالة خاصة تختلف عن المقاهي الأخرى، فهو يفتح أبوابه لجميع رواده من الفئات المختلفة، ومن جميع الأعمار.

"التكعيبة".. استراحة الصحفيين العاجلة

في أحد الحواري الضيقة المتفرعة من شارع شامبليون، و على مقربة من ساحات عمل الصحفيين في وسط القاهرة، تتراص صفوف من الكراسي الخشبية، لابد أن تحجز عليها مقعدك قبل أن يحل المساء، بحسب القواعد المعروفة لمقهى التكعيبة أو مقهى "الصحفيين".

صحفيون و صحفيات تأخذهم أرجلهم إلى مقهى التكعيبة فور انتهاء عملهم، أو في منتصف يوم العمل لأخذ قسطًا من الراحة، و يقول العامل بالمقهى، محمد إبراهيم، إن "التكعيبة" ملتقى للعديد من الشباب، يأتون إليه  ليلعبوا الطولة أو الشطرنج، أو يتناولون مشروب ما أو يشربون الشيشة.

ويضيف إبراهيم: "المناقشات بينهم دايما بتكون على الصحافة و السياسة، و بتكون ودية، وقليل لما يحصل خناقة بين الزباين".

وعن أبرز أسماء الصحفيين، الذين يتخذون من "التكعيبة" مجلسًا لهم، يوضح أن من بينهم ياسر الزيات، وائل عبد الفتاح، خالد البلشى، عبد العال الباقوري، جورج بهجوري، عصام شيحة.

ويرى العامل بمقهى التكعيبة أن أهم ما يميزها و يجذب الصحفيين إليها هو موقعها الهاديء، والآمن والقريب من نقابة الصحفيين ودار القضاء العالي، وعدد من المؤسسات الموجودة في وسط البلد، وهو ما يجعلهم يتخذونها كـ "استراحة عاجلة" لهم.

في مقهى الزمالك.. ممنوع التصوير والسياسة

لم يختلف عن أي مقهى آخر، ولم يتميز بشيء دون غيره، رغم ذلك يفضل عدد كبير من الشخصيات الصحفية البارزة، الجلوس عليه بشكل دائم، ما جعل مقهى الزمالك يشتهر مؤخرا كونه مقهى خاصا بالصحفيين.

يقول صاحب المقهى، فتحي عبدالمحسن، إن المقهى بدأ عمله منذ عام 1958، ولم يجلس عليه صحفيين آنذاك، لكن الوضع تغير بعد الثورة، وأصبح المقر الدائم لعدد كبير منهم، ومنهم الكاتب عبدالله السناوي، والصحفى جمال فهمي، والكاتب خالد السرجاني قبل وفاته، وأحيانًا يأتي نقيب الصحفيين السابق ضياء رشوان.

وبسؤاله عما تردد حول أن هذا المقهى هو مقر اجتماع بعض الشخصيات الصحفية بعيدا عن أعين وسائل الإعلام، يوضح أن هذا الحديث ليس صحيحا، فهم لديهم أماكن أخرى يجتمعون فيها، والمقهى هو مجرد مكان يجلسون فيه مثل غيرهم.

يوجد بمقهى الزمالك بعض المحظورات، والتي يتحدث عنها صاحبه: "يُمنع الكلام في السياسة، وأي حد يتكلم في السياسة ويعلي صوته بطرده من القهوة، أيا كان مين، ولازم اللي يقعد يحترم النظام واللي موجودين".

ويتذكر فتحي عبدالمحسن أنه أثناء حكم الرئيس السابق محمد مرسي، جاءت المباحث لسؤاله عما يقوله الصحفيون داخل المقهى، وكان رده أنه لا يتدخل فيما لا يعنيه، وهو ما جعله يخشى اقتراب وسائل الإعلام من المقهى حتى الآن، خوفا على زبائنه من الاغتيالات، خاصة و أن بعضهم على قائمة الجماعات المسلحة، ولذلك يرفع شعار "ممنوع التصوير" كى يصبح القهى ملاذ آمن لهم.