التوقيت الجمعة، 19 أبريل 2024
التوقيت 12:09 م , بتوقيت القاهرة

عاصفة الحزم

يقول المؤرخ والاستراتيجي فان كلوتزة: (الحرب هي الدبلوماسية بشكل آخر أو بأدوات أخرى، وما اللجوء لتوظيف القوة إلا بمثابة "آخر العلاج الكي ") لحسم حالة هولامية في بلدٍ تتجاوز مساحته نصف مليون كيلومتر مربع، وتعداد سكانه هو الثاني بعد السعودية في شبه جزيرة العرب؛ مما ينبئ بتبعات كارثية على الصعيدين السياسي والإنساني لو سمح بانزلاقها لحرب أهلية، لما لذلك من تأثيرات سلبية في محيطها الجغرافي المباشر.


وبقراءة الموقف من حيث الآليات والجهد المعتمدين، ندرك قدر ما بذل من كليهما قبل استنفاد كل السبل الممكنة للتوصل إلى اتفاق سياسي يحول دون ذلك الانزلاق لآتون حرب أهلية لاستحالة القبول.


وأهداف عاصفة الحزم تنحصر في التالي:


أولا: تحيد العناصر التي وظفت قوة السلاح في الانقلاب على الشرعية والإرادة الوطنية، بما في ذلك خارطة الطريق المتفق عليها لتحقيق عملية الانتقال السياسي وإطلاق النظام الفيدرالي. 


ثانيا: إعادة توازن القوى الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، وللتدليل على ذلك التحول في الموقف الأمريكي من الحشد الشعبي العراقي باشتراطها إخراج كل تشكيلاته من مسرح عمليات تكريت، قبل توفير أي عمليات دعم  جوي ضد داعش، كذلك الموقف الأمريكي الداعم للعملية إلى حد إنذار إيران بضرورة الفصل بين المفاوضات حول برنامجها النووي وعاصفة الحزم. 


ثالثا: تحقيق إجماع عربي سياسي غير مسبوق قابل للتوظيف بأكثر من شكل أهمها إغلاق  أبواب الفراغ السياسي في أكثر من بلد عربي بهدف إعادة الاستقرار لها، وما السودان إلا أحد تلك الأمثلة، أو التحول في الموقف الجزائري المناكف نسبيا في الكثير من الملفات بما فيها موقفها من سوريا.


عاصفة الحزم ما هي إلا عنوان أولي لمشروع جديد غير مسبوق ستتبعه خطوات أخرى في أكثر من ميدان سيتماهى فيها السياسي بالاقتصادي، والأمن مقروناً بالتنمية والعدالة الاجتماعية عبر نقل التجارب والمعرفة. لذلك جاءت هذا العملية تحديدا قبل انطلاق أعمال القمة العربية في شرم الشيخ بهدف إخراج الملف اليمني من حيز الجدل المحتمل، لكون من سيرأس الوفد اليمني هو الرئيس الشرعي لليمن بغرض إلغاء أي حجة للبعض للاعتراض أو التشكيك في شرعية العملية العسكرية.


البعض يعتقد أن هناك عمليات عسكرية أرضية واسعة ستعقب العمليات الجوية، وذلك الافتراض بعيد، كل البعد، عن الأهداف السياسية المحددة لعاصفة الحزم. ففي أقصى الحالات قد تتقدم اليمن في وقت لاحق بطلب تقديم برامج إعادة تأهيل قطاعات الأمن والدفاع، كذلك تطوير مؤسسات الحكم المحلي وإدارة أعمال تأهيل الاقتصاد اليمني لا غير ذلك. فاليمن يملك كل مقومات النجاح بما يملك من مصادر طاقة وثروات طبيعية كثيرة، بالإضافة إلى موارد بشرية قابلة للتأهيل في أكثر من قطاع اقتصادي.


عاصفة الحزم بإنجازاتها  السياسية اليوم ما كانت لتتحقق لولا وقفة المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالله بن عبدالعزيز، ذلك الموقف عندما قال: " لا للعبث بالمصير العربي"، ليعيد للضاد مكانتها وليأتي بعد ذلك الملك سلمان بن عبدالعزيز ليستل ألفها سيفاً فيرسم في الجو أسوراً من عزة ونار ومعه كل عربي حر.سلمان بن عبدالعزيز ليس بالقائد التقليدي لأنه برغماتي لا يراوح  وقت الجد،  وعلى الجميع الاستعداد للعدو سريعا منذ هذه اللحظة.


تحية لكل فرسان الجو والبر والبحر فأنتم أداة الحزم في العاصفة.