التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 12:14 ص , بتوقيت القاهرة

هذه حكاية الحوثي

لمن يريد أن يفهم، ماذا حصل في اليمن، فلنبدأ، من الرئيس الشرعي، فبغض النظر عن توصيفك له أنه مجرم، أو قاطع طريق، أو سني، أو ظالم.. إلخ، وكل التهم الملفقة، أو الكاذبة، أو التي تنقلها دون علم، فإن عبدربه هادي منصور، هو الرئيس المنتخب، وهو المسئول عن الدولة اليمينة أمام المجتمع؟ وأمام محيطه الإقليمى، وأمام العالم.


بدأت الحكاية، من الحوثي، الذي يرى أنه حاكم اليمن التاريخي، وأنه مهمش هو والزيديين، (في هذا نظر) وعبر 4 حروب خاضها مع الجيش اليمنى، وقع ما كان يرجوه، وهو ثورات الربيع العربي، التى طالت اليمن أيضا، حتى استقرت به في النهاية، إلى إقالة الرئيس على عبدالله صالح، صاحب النفوذ الواسع، في الجيش وفى كل مؤسسات الدولة.


صالح لم يرض بما حصل، ففكر وفي النهاية قدر الخطة مع أعداء الأمس، الحوثيين، وتحالف معهم، في اتفاق مشبوه، يتولى فيه ابنه الرئاسة، ويشكل فيه الحوثيون الوزارة، ورضى عبد الملك بهذا الاتفاق، الذي مكنهم من كل شيء في الدولة الفقيرة.


الحوثي كما قلنا في مقال سابق، استطاع أن يتعاون مع الإخوان، حتى خدعهم وتخلّص منهم بعدما اتفق مع هادي منصور، الذي كان يريد اليمن خالية من الجماعة، ثم انقلب مؤخرًا على كل الدولة، وتعاون مع طهران، التي ترغب في محاصرة السعودية من الشمال والجنوب والضغط على مصر عبر السيطرة على باب المندب بالبحر الأحمر.


زعيم الحوثيين استغل وجود تنظيم القاعدة، وتحدث كثيراً عن داعش، ووجودها في اليمن، ونجح في تصدير خطاب المظلومية التاريخية، وخطر الإرهابيين الذي يهدد الجميع، وكانت قصة "الجرعة" لأنه يعلم أن نتائج الحوار الوطني التي أُعلنت، والتي استمرت 10 أشهر منذ مارس 2013، والتي تضمنها مشروع الدستور الذي كان قاب قوسين أو أدنى من طرحه للتصويت، تصب في عكس مصالحه.


وفجأة وثب على السلطة، دون إعلان أنه استولى عليها، عن طريق ضرب منصور في قائد الجيش، وتفريغ القوات من قيادتها، ودخول جماعته إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، ثم الاستيلاء على وسائل الإعلام، ورفض مقررات الحوار الوطني، وطرح دستور يكون فيه الرئيس شكلاً دون صلاحيات، ومعه الحكومة، ويكون فيه الجيش تحت إمرة الحوثي، إضافة إلى المخابرات والأمن الوطني والشرطة، ويحكم الرجل صنعاء من "صعدة" وهو جالس في بيته، من خلال "حرس ثوري" يسمى "اللجان الشعبية".


الحوثى حينما دخل إلى صنعاء، استولى على كل شيء بسهولة، لماذا؟


لأنه تعاون مع على عبدالله صالح، وضباطه وجنوده الموالين له، والموجودين في كل هيئات الدولة.


إذن ما جرى كان إجراءات إسقاط السلطة، والإجراء لا بد أن يمر عبر مرحلة من اثنين، إذا كان بالفعل ما يفعلونه ثورة مؤيدة شعبياً :


-  محاكمة ثورية وأحكام لكل أركان النظام، وتشكيل حكومة تسيير أعمال، وأن تبعث الحكومة الجديدة إلى كافة الهيئات الدولية أنها مسؤولة علن البلد، وملتزمة بكل الاتفاقات  التى أبرمتها.


-  محاكمة طبيعية عن طريق القانون اليمنى الطبيعى والقضاة الطبيعيين، ثم تشكيل حكومة، ورئيس مؤقت، والسعى بعد ذلك فى بناء المؤسسات، ووضع خارطة طريق.


كل هذا لم يحدث، والذى جرى أنهم فرضوا الإقامة الجبرية على الرئيس، وعلى الحكومة، حتى يقدم منصور استقالته تحت التهديد، وهذا خرق قانونى كبير، فقدم منصور استقالته للبرلمان، الذي لم يقبلها، وفى ذات الوقت، خرجت المظاهرات الحاشدة، غير المؤيدة للتدخل الإيرانى، وللسيطرة الحوثية، بالذات في محافظات الجنوب ذات الأغلبية السنية.


الحوثى واصل عناده، فقام بحل البرلمان، دون أن يصدر مرسومًا، لا ثوريًا، ولا قضائيًا، بمعنى (كل واحد يروح بيته)، وأقام مفاوضات مع حلفائه فى فندق"موفمبيك"، رغم أن البلد أصبحت بلا رئيس، وأثناء تلك الحوارات فر الرئيس الشرعي إلى عدن، ودعا المجتمع العربي والدولي أن يواجه مصيره، وأن يدافع عن صنعاء والسلم فى اليمن.


عبدالملك الحوثى كان إلى هذه اللحظة لا يفهم أي شىء، وتقابلت معه وفود إقليمية ودولية، وجاء بعض منهم إلى مصر، التى ظلت أسبوعاً تحاول إقناعهم بالشرعية، والشراكة، إلا أنهم رفضوا كل شيء، وهذا معناه استيلاء الحوثيين على صنعاء، وعلى وحدات الجيش، وعلى الطيران، بدون صفة فى اليمن، أو صفة إقليمية ودولية.


فماذا لو حصلت مجموعات من المواطنين على سلاح وطيران وقامت بفعل الأمر نفسه؟ ثم ما علاقة إيران باليمن أو السواحل اليمنية، حينما أعلنت أن بعض سفنها وقفت في باب المندب لضرب الإرهابيين؟!!


الأدهى والأمر، أن الحوثي سار لعدن، وأراد أن يبتلع اليمن كلها شمالها وجنوبها، وتشكك في قدرة الدول العربية ومنها مصر ، على اتخاذ قرارها المستقل.


مصر التى رفضت الانضمام إلى التحالف الدولى وإرسال جنودها برياً لضرب داعش على الأرض، حماية لمصالحها الوطنية، هى مصر ذاتها التى تدعم الأمن القومى العربي، وتشارك جيرانها العرب، في دعم اليمن، فلماذا إذن نلقى بالاتهامات دون معلومات؟ ولماذا نستفيض في الشرح دون رؤية؟ ولماذا لا نعرف الفرق بين التكتيك والاستراتيجية؟ في وقت الخطر فيه، والجد يحتاج إلى ضبط البوصلة جيداً، فالقادم عاصف.