التوقيت الخميس، 02 مايو 2024
التوقيت 05:53 ص , بتوقيت القاهرة

الكيماوي في سوريا.. روايات متناقضة عن "الموت"

استخدام السلاح الكيماوي في الأزمة السورية لم يكن وليد الصدفة، التقارير الاستخباراتية الغربية التي حذرت قوات الرئيس السوري بشار الأسد، كانت على علم بكميات السلاح الكيماوي التي يمتلكها النظام السوري.


خط أحمر


وصدرت مواقف عديدة من مسؤولين غربيين وأمريكيين تحذر النظام السوري من استخدام السلاح الكيماوي في سوريا، وأطلق الرئيس الأمريكي تحذيرات متكررة من استخدام نظام بشار الأسد السلاح الكيماوي، واعتبره خطا أحمر في ذلك الوقت، وأن ذلك سيتبعه إجراءات تصل إلى حد العمل العسكري.


وكانت الحكومة السورية قد حذرت من قيام "المجموعات الإرهابية باللجوء إلى استخدام السلاح الكيماوي ضد أبناء الشعب السوري".


وحذر زعماء غربيون، وفي مقدمتهم الرئيس الأمريكي باراك أوباما ونظيره الفرنسي فرانسوا هولاند، السلطات السورية من استخدام الأسلحة الكيماوية معتبرين ذلك خطا أحمرا قد يستدعي إجراءات أكبر منهم قد تصل إلى عسكرية. 


وأقر النظام السوري امتلاكه السلاح الكيماوي للمرة الأولى في يوليو/تموز 2012، وأنها مخزنة ومؤمنة، ولن تستخدم إلا في حال التهديد الخارجي.


هجوم خان العسل


وبدأت الهجمات بالسلاح الكيماوي في سوريا على منطقة خان العسل قرب حلب، في 19 مارس 2013، المنطقة التي تسيطر قوات المعارضة على بعض أجزائها والبعض الآخر تابع لقوات النظام.



وأدى الهجوم الصاروخي والمحمل بسلاح كيماوي إلى مقتل أكثر من 25 شخص، وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان، ذلك العدد، ولفت إلى أن 16 جنديا بالجيش السوري النظامي قتلوا وإن 10 آخرين توفوا في المستشفى، دون التأكيد إذا كانوا جنودا أم مدنيين.


من جانبها نفت قوات المعارضة السورية قيامها بالهجوم، واتهمت قوات النظام بذلك، وقال وقتها المتحدث باسم المجلس العسكري الأعلى في حلب، قاسم سعد الدين، إن "مقاتلي المعارضة وصلتهم تقارير عن هجوم شنه النظام على خان العسل ويعتقدون أن قوات النظام أطلقت صاروخ سكود مزودا بسلاح كيماوي ثم فجأة علموا بأن النظام نسب مسؤولية الهجوم للمعارضة"، مؤكدا أن "مقاتلي المعارضة غير مسؤولين عن هذا الهجوم".


رواية الحكومة


وكالة سانا للأنباء التابعة للنظام السوري، قالت إن "إرهابيين أطلقوا صاروخا يحتوي مواد كيماوية في منطقة خان العسل بريف حلب ما أدى إلى استشهاد 25 شخصا من المدنيين وإصابة 86 بجروح أغلبهم بحالة خطرة".


وصرح وزير الإعلام عمران الزعبي من جانبه، بأن "إرهابيين أطلقوا صاروخ بمواد كيماوية من كفرداعل منطقة النيرب على خان العسل بحلب ما أسفر عن استشهاد 16 وإصابة 86 من المدنيين والعسكريين أغلبهم في حالة خطرة"، محملا تركيا وقطر "المسؤولية القانونية والأخلاقية والإنسانية عن هذه الجريمة" التي اعتبرها "تصعيد خطير".


هجوم الغوطة


في يوم 21 آب/أغسطس من العام 2013، وبعد 3 أشهر على هجوم خان العسل، تعرضت مناطق الغوطة الشرقية المحاذية للعاصمة السورية دمشق، لهجوم بالسلاح الكيماوي، راح ضحيته المئات من الضحايا المدنيين.


وأفادت التقارير بأن الهجوم استخدم فيه غاز الأعصاب، وكان ذلك أثناء تواجد بعثة المفتشين الدوليين عن السلاح الكيماوي في دمشق، أدى إلى مقتل 1466 مدنيا في مناطق سيطرة المعارضة السورية.



الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية قال إن قوات من اللواء 155 التابعة للجيش السوري، والمتركزة في منطقة القلمون قامت وابتداء من الساعة 2:31 فجراً بالتوقيت المحلي بإطلاق 16 صاروخاً، وكانت هذه الصواريخ تستهدف مناطق الغوطة الشرقية، وبعد ساعة من ذلك سقطت صواريخ اخرى على الجهة الشرقية من مدينة زملكا بدمشق.


وأضاف الائتلاف في روايته، أنه وفي 2:40 فجراً، استهدف القصف بلدة عين ترما بصواريخ أصابت منطقة الزينية، وبعد دقيقتين، تم إطلاق 18 صاروخاً استهدفت مناطق الغوطة الشرقية بدمشق، فسقط صاروخ بين زملكا وعربين، واستمر إطلاق الصواريخ حتى الساعة 5:21 فجراً، بسقوط صاروخين، استهدفا مدينة المعضمية في الغوطة الغربية، وقد بدأ وصول الحالات إلى المستشفيات من الساعة 6:00 صباحاً.



تورط النظام


بعد 20 يوماً على حدوث الهجوم قالت منظمة هيومان رايتس ووتش إن لديها أدلة تشير بقوة إلى أن هجوماً بغاز سام على مقاتلين من المعارضة السورية نفذته قوات الحكومة السورية وأنها توصلت إلى تلك النتيجة بعد تحليل روايات شهود ومعلومات عن المصدر المرجح للهجمات وبقايا للأسلحة التي استخدمت وسجلات طبية للضحايا.


بالنسبة للنظام السوري، نفى وقوع هجوم بالأسلحة الكيميائية في البداية، واتهم قنوات خليجية بمحاولة حرف لجنة التحقيق الأممية عن هدفها بالتحقيق في هجوم سابق وقع في خان العسل، وبعد تزايد الأنباء والتقارير الدولية عن الهجوم بما في ذلك تقرير منظمة أطباء بلا حدود، أصدر الجيش السوري رواية مختلفة عما حصل، واتهم قوات المعارضة المسلحة بشن الهجوم من المناطق التي تخضع لسيطرتها، واتهمت الحكومة السورية المعارضة بتنفيذ الهجوم لمنح حجة لقوى أجنبية لضرب سوريا.


تحرك عسكري


وأوقفت واشنطن تحركا عسكريا ضد نظام الأسد في شهر شهر أيلول/سبتمبر، بعد موافقة سوريا على تدمير برنامج أسلحتها الكيماوية بالكامل بموجب اتفاق تم التفاوض بشأنه مع الولايات المتحدة وروسيا.



وتفادت سوريا بموجب الاتفاق ضربة عسكرية أمريكية ردا على أسوأ هجوم كيماوي منذ عقود والذي أنحت واشنطن وحلفاؤها الأوروبيون باللائمة عنه على نظام الأسد.


وأصدر مجلس الأمن الدولي، أمس الجمعة، قراراً دان فيه بشدة استخدام غاز الكلور السام، كما نص القرار على أنه في حالة عدم الامتثال للقرار رقم 2118، فسوف يتم فرض تدابير بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.


من جانبها رصدت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان"، في الآونة الأخيرة، 71 خرقاً من قبل النظام السوري لقرار مجلس الأمن رقم 2118، الخاص بنزع السلاح الكيماوي، وأصدرت الشبكة تقارير موثقة، قبل هجوم الغوطة 21 أغسطس/آب 2013، بحسب العربي الجديد.



كما أصدرت تقارير بعد صدور قرار مجلس الأمن، أبرزها التقرير تحت عنوان: لا يوجد خط أحمر، الذي وثقت فيه ما لا يقل عن 27 هجوماً بالغازات السامة، ومتابعة لسلسة طويلة لاستخدام القوات الحكومية للغازات السامة، بدأت منذ عام 2012، وما زالت مستمرة حتى الآن".