التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 06:31 ص , بتوقيت القاهرة

حوار| مندوب مصر باليونسكو: "هنتخانق ع المية هنروح فين"

قضايا كثيرة لم يسعنا الوقت لسردها على طاولة مندوب مصر باليونسكو ورئيس المجلس التنفيذي للمنظمة السفير دكتور محمد سامح عمرو لانشغاله، إلا أن "دوت مصر" حاوره حول بعض الأمور التي تهم قطاعات كبيرة من المصريين.


لأول مرة يتحدث سامح عمرو عن أزمة قناع "توت عنخ آمون" التي أثارت الجدل خلال الفترة الماضية، بجانب آخر تطورات المتحف الكبير والإسلامي، والقاهرة التاريخية، ومنطقة أبو مينا، وما دار خلال مؤتمر وزراء التعليم العرب الذي جاءت زيارته لمصر للمشاركة به منذ أسابيع.


مواضيع كثيرة كشفها مندوب مصر الدائم لدى اليونسكو خلال لقائه مع "دوت مصر"، وإلى تفاصيل الجزء الثاني من الحوار..


العراق وسوريا .. ممنوع الوفود


الآثار العربية في العراق وسوريا تشغل بال الكثير من المتابعين، وهناك فريق بحث تابع للأمم المتحدة قال إن عمليات نهب الآثار تأتي في المركز الثالث من حيث العائدات التي يعتمد عليها تنظيم داعش، كيف تتعاملون مع الأوضاع هناك خصوصًا وأنكم لا تستطيعون إرسال أي وفود للوقوف على حقيقة الأمر؟


نتابع الوضع عن كثب من خلال التقارير لأننا لا نستطيع إرسال وفود إلى هناك حيث لا نملك مثل مجلس الأمن قوات خاصة، والمجلس التنفيذي كان قد تبنى مشروع قرار العام الماضي بضرورة حماية التراث في العراق وسوريا.


والأزمة هناك ليست أزمة نزاع مسلح، بل تكمن في أن التنظيمات الإرهابية تأخذ الآثار وتبيعها في الأسواق الخارجية وتمول بها عملياتها العسكرية، ومن هنا تأتي الخطورة، وهذا ما استدعى انتابه المجتمع الدولي واليونسكو، ولأول مرة قرارات مجلس الأمن –الذي يهتم فقط بحفظ السلام والأمن الدوليين- تأتي فيها فقرات خاصة بضرورة المحافظة على التراث العالمي.


كيف يمكن إيقاف هذا الأمر، وهناك دول تسمح قوانينها بالإتجار في الآثار، وتستغلها التنظيمات الإرهابية لأغراض البيع؟


في إطار التعاون الدولي على الدول التي تسمح بالإتجار في الآثار أن تساعد العراق وسوريا في بالامتناع عن السماح ببيع هذه القطع عبر أراضيها، لعدة أسباب من بينها أنها خرجت بشكل غير مشروع، وأن عائدها يذهب لتنفيذ عمليات إرهابية.




الآثار X الدين


التنظيمات المتطرفة تقوم بتدمير الآثار بسبب ما يسمونه بأنها تمس المعتقدات الدينية، واليونسكو أجرى عدة ندوات بشأن التأكيد على عدم مساس الآثار بهذه المعتقدات، هل تعتقد أن ذلك سوف يؤتي ثماره؟


عقدنا ندوة في ديسمبر الماضي كان محورها الأساسي "هل الدين مع فكرة تدمير التراث" وكان الملخص أنه لا يوجد تعارض، وذلك بحسب عدد كبير من رجال الدين الذين شاركوا في الندوة..


لكن هذا كلام نظري، ما هي نتيجته على أرض الواقع وكيف سيؤتي ثماره؟


هذه الرسائل التي نمتلك أن نصدرها في الوقت الحالي وليس أمامنا سواها، ولكن هذا يوضح لنا أنه لابد من دراسة التراث، ورفع وعي الشعوب به، وأنه لا يتعارض مع الجانب الديني، هذا ما كان ضروريًا أن يتم منذ عامين في سوريا والعراق، لكن للأسف لم يحدث، وهذا درس ليس لمصر فقط لكن للعالم أجمع.


 


"هنتخانق ع المية هنروح فين؟"


في ظل اهتمامكم بمجال الموارد المائية والري، هل يمكن أن يقدم اليونسكو حلولا لأزمة سد النهضة غير متعلقة بالجانب السياسي، أم لابد أن يطلب منكم ذلك حتى يتم الأمر؟


موضوع سد النهضة يدور فيه نقاش سياسي، وأعتقد أنه يسير في نهج جديد عقب تولي الرئيس السيسي السلطة، وهذا ما سيكون له انعكاساته في تهدئة الأجواء، وذلك في ضوء إيماننا بأهمية التنمية لإثيوبيا، وإيمانهم بعدم الإضرار بحقوق مصر المائية.


أما بخصوص دور اليونسكو، فنحن نحاول باستمرار الدفع بخبرات فنية تعمل على تهدئة العملية السياسية، ولابد من وجود إطار واضح للتعامل يلتزم بقواعد القانون الدولي وأهمها عدم إلحاق الضرر بالآخر، فالنوايا الطيبة مهمة للغاية في العلاقات الدولية، ولكن يجب أن ينعكس ذلك أيضًا على قواعد واضحة للتعامل حاليا ومستقبلا.


وعلاقة الدول ببعضها في أي حوض مائي مثل علاقة الأب والأم بأولادهم، فهي علاقة غير قابلة للانفصال، فلا أحد يستطيع أن يأخذ المياه ويذهب بها بعيدًا لأنه لا يرتاح مع بقية دول الحوض المائي، بكل بساطة "هنتخانق على المية هنروح فين" .. ما يحكم العلاقة دائمًا لابد أن يكون التعاون المشترك.




الأردن ولبنان وتعليم اللاجئين


مؤتمر وزراء التعليم العرب الذي أقيم في شرم الشيخ، ما هي الرسالة التي يوجهها إقامة هذا المؤتمر على أرض مصر في هذا التوقيت؟


الرسالة التي يقدمها المؤتمر هي أن مصر بخير، وأكد دورها المحوري في المنطقة وأنها من تستطيع لم شمل العرب، فيما تكمن أهمية المؤتمر ذاته أنه جمع كل وزراء التعليم العرب لوضع أجندة التنمية المستدامة وكيفية تنفيذها في فترة ما بعد 2015، وما يدلل على أهمية المؤتمر الذي شاركت فيه كممثل عن المجلس التنفيذي لليونسكو هو حضور رئيس الوزراء إبراهيم محلب.


من أهم النقاط التي ناقشتموها في المؤتمر هي مشكلة تعليم اللاجئين، وقد تداول البعض شائعات بحدوث مشادات بين ممثلي بعض الدول منهم لبنان حول مشكلة اللاجئين السوريين، ماذا حدث تحديدًا وعلى ماذا اتفقتم في هذا الشأن؟


هناك تضخيم في الأمر، لم يحدث مشادات، فعلى سبيل المثال الأردن ولبنان يتحملون عبئًا إضافيًا، فبعد أن كان لديه مليون طالب، بات لديه 1.5 مليون طالب، وقد وجها بضرورة مساعدتهما لأنهما لا يستطيعان تنفيذ هذا الأمر بأكمله، لكن الرسالة التي أكدنا واتفقنا عليها جميعًا هي أنه لابد ألا نحرم هؤلاء الأطفال من التعليم، وإلا فنحن نخلق مشكلة جديدة.. "خلونا نستحمل بعض".



صناعة الثقافة .. "محتاجين كتير"


صناعة الثقافة في فرنسا تحتل المصدر الثاني للدخل بـ 58 مليار يورو، بينما تحتل صناعة السيارات مثلا المركز الخامس، هل تمتلك مصر مقومات لصناعة الثقافة، وهل نستطيع الوصول لأن تدر هذه الصناعة دخلا على الدولة في ظل نسب أمية مرتفعة؟


نحن بكل تأكيد نمتلك مقومات صناعة الثقافة، فنحن نمتلك خبرة في إقامة المؤتمرات والمهرجانات، ولدينا مواقع سياحية وأثرية وشواطئ ممتدة، وهذه الصناعة لن يكون لها مكان إلا عن الطريق الاهتمام بالتعليم كمنظومة كاملة ككل وليس محو الأمية فقط، عن طريق التأهيل المناسب لصناعة الثقافة، فعلى سبيل المثال نحتاج ألا يزعج سائق التاكسي السائح الذي يركب معه، وألا يشعر هذا السائح أنه يُخدع في عمليات "الفصال"، وفي مناطق معينة يجب ألا يتم التعامل مع السائحات بشكل يزعجهن، بجانب ضرورة قرب الفنادق من المناطق السياحية، والحد من حوادث الطرق، نحتاج لأن نقوم بصنع ثقافة عامة في كل القطاعات لكي يعود السائح الذي يأتي إليك مرة واثنين، ويبلغ أصدقائه ومعارفه بالقدوم، لأن السياحة والآثار هما منحة الله لنا ولابد أن نعتني بهما بما يتناسب وأهميتها.




التراث غير المادي والسيرة الهلالية


التراث غير المادي، ربما لم يسمع البعض عن هذا المصطلح كثيرًا من قبل، وهو يوضح الثقافة غير المادية للشعوب بخلاف المعالم التاريخية والقطع الأثرية والفنية، مثل أشكال التعبير الموروثة والفنون الاستعراضية، لماذا تسيرون بكل جهد في حماية هذا النوع من التراث منذ تبني الاتفاقية في 2003؟


التراث غير المادي جزء من المنظومة السياحية والأثرية ولابد أن نهتم بها ، مثل فن الخيامية، والطرق على النحاس، والصناعات الحرفية الصغيرة .. إلخ، والسبب الذي جعل اليونسكو يتبنى هذه الاتفاقية هو أنه رأى العالم يتجه للميكنة، وكل المهارات الفردية بدأت في الاختفاء.


في 2009 أطلقتم مشروع تراث البحر المتوسط لدعم تنفيذ اتفاقية 2003 في مصر والأردن وسوريا ولبنان، في مصر ما هي أشكال التراث غير المادي التي تم توثيقها؟


تم توثيق السيرة الهلالية، ولدينا ملف يتعلق بفن التحطيب، كما ان هناك ملف تم تقديمه عن فن الأراجوز، وننسق بشكل دائم مع وزاره الثقافة في هذا الأمر.



الإخوان "ما اهتموش بالثقافة"


ما هي صورة مصر الحالية داخل منظمة اليونسكو؟ هل لازال هناك من يصف 30 يونيو بأنها انقلاب؟ وهل لذلك أي أثر الآن؟


في خلال تلك الفترة ولأني لا أعتقد اهتمامهم بالثقافة واليونسكو وما إلى ذلك، فقد كان كل تركيزي حماية مصالح مصر في المنظمة، لأنني أمثل دولة لديها 18 مليون طالب، وكنوز من الآثار، وذلك بغض النظر عن من كان في سدة الحكم وقتها.


عقب 30 يونيو الوضع تحسن كثيرًا، ولم تقدم اليونسكو فقط أموالا لمتحف الفن الإسلامي، لكنها من أكثر من أسبوع خصصت 400 ألف دولار للتعليم الفني ومحو الأمية في مصر، وهذا مؤشر على الاهتمام وتقديم الدعم السياسي للنظام الحالي.


مصر دولة كبيرة لا يمكن الاستغناء عنها داخل منظمة اليونسكو، وليس هناك دليل على هذا أكبر من أننا تقدمنا لانتخابات المجلس التنفيذي ونجحنا وجاءت مصر على قائمه الدول العربية الفائزة، ثم تقدمت شخصيًا لرئاسة المجلس وحصلت على 55 صوت من أصل 56، وكان هذا الأمر في أكتوبر 2013 أي بعد 30 يونيو بعدة أشهر فقط، فهل هذا تعامل منظمة مع دولة لا تعترف بنظامها الحالي؟! دعونا لا نصدق كل ما يقال، ونركز على الإنتاج بشكل جيد، والتفكير في كيفية تحقيق التنمية، والاستفادة من تجارب الماضي.