التوقيت الأحد، 12 مايو 2024
التوقيت 08:33 ص , بتوقيت القاهرة

لماذا رفضت "مفوضي الدستورية" قانون تقسيم الدوائر؟

أودعت هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، برئاسة المستشار محمود غنيم، تقريرها المتضمن أسباب توصيتها "بعدم دستورية جداول الدوائر ا?نتخابية الخاصة بالنظام الفردي" المرافقة للقرار بقانون رقم 202 لسنة 2014، بشأن تقسيم دوائر انتخابات مجلس النواب.


التقرير الذي حصل "دوت مصر" على نسخة منه، وجاء في 64 صفحة، أودع في الدعوى المقامة من محمد سعد عبد الرازق، للمطالبة ببطلان القانون؛ لضمه دائرة الدرب الأحمر لدائرة السيدة زينب بالقاهرة، ولأن القرار رقم 1 لسنة 2015 بتحديد موعد ا?قتراع ببعض المحافظات يومي 22 و23 مارس 2015، والبعض الآخر في 25 و26 إبريل 2015، يمثل إهدارا لمبدأ العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص بين المرشحين، لأنه يعطي لبعض المرشحين فرصة أوسع في وقت الدعاية.


وأوضح التقرير أن الجداول الخاصة بالدوائر المخصصة للانتخاب بالنظام الفردي خالفت المواد 4 و53 و87 و102 من الدستور، مشيرا إلى أن المشرع فارق مفارقة شديدة بين وزن الصوت ا?نتخابي في العديد من الدوائر الفردية، بحيث أخل بضوابط التمثيل العادل للسكان والمتكافىء للناخبين المتطلب دستوريا، وفقا للمادة 102 من الدستور.


كما أنه خالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في المادة 53 من الدستور، وعصف بحقي ا?نتخاب والترشح حين مايز  تحكما، بين قيمة أصوات الناخبين في الدوائر ا?نتخابية المختلفة، وغاير تسلطا بين أقدار المرشحين، وما يحتاجه كلا منهم من أصوات للنجاح تبعا للدائرة التي سيترشح بها، وذلك كله دون مبرر موضوعي – بحسب التقرير.


ضوابط دستورية


وجاء بالتقرير أن الدستور وضع ضابطين أساسيين لتقسيم الدوائر ا?نتخابية، هما التمثيل العادل للسكان و للمحافظات؛ مشيرا إلى أن التمثيل العادل للسكان ? يعني أن يكون التساوي بين أعداد من يمثلهم النائب في كل دائرة تساويا حسابيا مطلقا؛ ?ستحالة تحقيق ذلك، وإنما يكفي أن تكون الفروق بين هذه الأعداد والمتوسط العام لأعداد من يمثلهم النائب على مستوى الدولة في حدود المعقول، كما أن عدالة تمثيل المحافظات تقتضي أن تمثل كل محافظات الدولة في مجلس النواب، بصرف النظر عن عدد سكانها.


أضاف التقرير أن المشرع يتعين عليه عند تقسيمه الدوائر الانتخابية، وتوزيع المقاعد النيابية، عليه أن ينظم ممارسة المواطنين لحقي التصويت والترشح على قدم المساواة، وعلى أساس من الفرص المتكافئة، سواء في الأداء بأصواتهم والوزن النسبي الذي يعطي لهذه الأصوات، أو في الفوز بعضوية البرلمان.


كما أن التنظيم التشريعي لتقسيم الدوائر يجب أن يكفل للناخبين والمرشحين، المعاملة الكاملة والعادلة والمتكافئة، وأن المساس بهذه الضمانة يجعل التقسيم مخالفا لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص، وتلك الضمانة لها شقين، أولهما يتعلق بالناخبين وضرورة أن يكون لصوت الناخب الوزن والثقل النسبي الذي يكون لصوت غيره، سواء في دائرته أو في غيرها، والشق الثاني متعلق بالمرشحين وضرورة معاملتهم معاملة قانونية واحدة دون تمييز.


المذكرة الإيضاحية للقانون


المذكرة الإيضاحية لمشروع قانون تقسيم الدوائر، أشارت إلى أن القانون راعى 5 ضوابط، وهي أن يمثل النائب في أي دائرة العدد ذاته من الناخبين الذين يمثلهم باقي النواب في الدوائر الأخرى، وانضباط تقسيم الدوائر بحيث يتناسب عدد النواب مع عدد السكان في كل دائرة، وعدالة تمثيل المحافظات بضمان تمثيل كل محافظة، بصرف النظر عن عدد سكانها، ومراعاة بعض المبررات الموضوعية التي تتفق مع التوجيهات الدستورية، مثل طبيعة بعض المحافظات الحدودية أو المحرومة، وعدم فصل أو اقتطاع أجزاء من المكونات الإدارية للدائرة ا?نتخابية، مع مراعاة التجاور الجغرافي لمكونات كل دائرة، إ? أنها لم تبين كيفية تطبيق هذه المعايير ومدى انعكاسها على أرض الواقع عند تقسيم الدوائر ا?نتخابية، بل جاءت العبارات عامة دون تدليل على كيفية تطبيقها – بحسب التقرير.


مذكرة قسم التشريع


أشارت هيئة المفوضين ضمن تقريرها إلى مذكرة قسم التشريع بمجلس الدولة حول القانون، والتي شددت على تتعيين ا?عتماد في تقسيم الدوائر ا?نتخابية على معيار الوزن النسبي للمقعد، باعتباره وضع قاعدة عامة مجردة عن أي ميل أو هوى، وبما يحقق معيار المساواة، حتى وإن نتج عن ذلك مفارقات في بعض المحافظات، وانتهت المذكرة لفصل بعض الدوائر المضمومة وإعادة توزيع البعض الآخر، على نحو يحقق السلم ا?جتماعي بشكل أكبر، كفصل قسمي العجوزة والدقي بمحافظة الجيزة، ليصبح لـ"العجوزة" مقعدين والدقي مقعد واحد، وكذلك فصل مركزي الصف وأطفيح، ليصبح لكل منهما مقعدا.


وقال التقرير إن مذكرة قسم التشريع، لم تبين أسباب تغير هذه الدوائر المضمومة بعينها لفصلها، رغم أن هناك دوائر غيرها مضمومة إلى بعضها تركها قسم التشريع على حالها، في الوقت الذي تجمع فيه مكونات إدارية مستقلة، مثل البساتين ودار السلام بالقاهرة، وههيا وابإبراهيمية في الشرقية، وطلخا ونبروه في الدقهلية، دون إفصاح عن مبررات هذه المغايرة. كما لم تبين المذكرة دواعي السلم ا?جتماعي التي دفعت إلى اقتراح فصل بعض الدوائر – بحسب التقرير.


معيار العدد المتكافىء


المعيار الذي كان يتعين اتخاذه للحكم على مدى سلامة ودستورية تقسيم الدوائر، يتحقق بتمثيل كل محافظات الدولة في مجلس النواب أيا كان عدد سكانها، وأن يمثل النائب في أي دائرة عدد من الناخبين يتقارب مع المتوسط العام الذي يمثلهم النائب على مستوى الدولة، ومراعاة التجاور الجغرافي للمكونات الإدارية للدائرة، وعدم التعسف في رسم الدوائر ا?نتخابية ومراعاة الصالح العام، لذا كان من الضروري الاستعانة بمعيار العدد المتكافىء للناخبين (المعروف بصوت واحد لشخص واحد)، بمعنى وجود تمثيل متساو من النواب لأعداد متساوية من الناخبين، باعتباره هو المعبر عن التوزيع العادل للسكان، كأسس لتوزيع المقاعد في مجلس النواب – بحسب التقرير.


عيوب المعيار المزدوج 


 أضاف التقرير، أن المعيار المزدوج الذي اعتمد عليه في تقسيم الدوائر، تسبب في تفاوت بنسب كبيرة في التصويت بين محافظة وأخرى، في الوزن النسبي لأصوات الناخببن، وهذا التفاوت يتضح بشكل صارخ داخل دائرتي محافظة جنوب سيناء؛ ففي حين خصص القانون مقعدا واحدا لدائرة شرم الشيخ، خصص مقعدين لدائرة طور سيناء، رغم أن المتوسط ا?نتخابي للأولى هو 64223، والمتوسط ا?نتخابي للثانية 57092، أي أن الدائرة الأقل سكانا وناخبين خصص لها عدد أكبر من المقاعد.


كذلك فإن ثقل الصوت ا?نتخابي في قسم الجمالية بمحافظة القاهرة، يساوي ما يجاوز الثلاثة أصوات في أقسام عين شمس والبساتين وحلوان. وثقل الصوت ا?نتخابي في مدينة برج العرب بمحافظة ا?سكندرية، يساوي قرابة الثلاث أصوات في دوائر  المنتزه ثان، والمنتزه أول، والعامرية أول. وفي محافظة القليوبية يساوي الصوت ا?نتخابي بمدينة قليوب، ما يجاوز ضعف الصوت ا?نتخابي بدائرة طوخ، و شبرا أول والخانكة .


الحلول 


قدمت هيئة المفوضين حلولا؛ لعلاج مشاكل التقسيم، تمثلت بالنسبة لمحافظة القاهرة في ضم دائرتي 15 مايو وحلوان، وتخصيص 4 مقاعد لهما، وهي المقاعد المخصص لهما منفردتين حاليا، ليصبح معدل الأصوات التي يمثلها النائب في الدائرة المقترحة 160268 ناخبا، وضم دائرتي الساحل وروض الفرج، ويخصص للدائرة الجديدة 4 ممثلين لذات العدد الحالي، وعليه يكون معدل الأصوات 159558.


فيما يخص الإسكندرية، أوصى التقرير بضم دائرتي أول وثاني الرمل في دائرة واحدة، بحيث يخصص لها 4 مقاعد، ليصبح المتوسط ا?نتخابي لها 160750، بالإضافة إلى ضم دائرتي أول العامرية وبرج العرب.


وفي محافظة المنيا، يتم ضم دائرتي مدينة المنيا ومركز المنيا، ويخصص لهما 4 مقاعد. وضم دائرتي مركز ملوي ومدينة ملوي، وتخصيص 4 مقاعد لهما، وفي محافظة دمياط، تضم دائرتي الزرقا وفارسكور ويخصص لها مقعدا واحدا، بالإضافة إلى ضم عدد من الدوائر، بمحافظات الجيزة والمنيا وأسيوط وقنا.


ولفت التقرير إلى قلة عدد الناخبين بدائرتي حلايب وشلاتين بمحافظة البحر الأحمر، ونصر النوبة بمحافظة أسوان، وكذلك عدم تناسب أعداد الناخبين بمحافظات شمال سيناء وجنوب سيناء ومطروح والوادي الجديد، مع عدد المقاعد المخصصة لها، إ? أنه عاد ليؤكد دستورية ذلك ?عتبارات الأمن القومي، ووجوب ربط أهالي تلك المحافظات بالوطن الأم.


أعد التقرير بواسطة كلا من المستشارين حاتم بجاتو ومحمد النجار وعبد العزيز سالمان وطارق شبل وطارق عبد العليم وعماد البشري وحسام فرحات.