التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 09:04 ص , بتوقيت القاهرة

فيديو| سكان "الضاحية".. كثير من الخوف قليل من الحياة

انتصبت كثير من السواتر الترابية في الشوارع القريبة من المربع الأمني بضاحية السلام، موقع التفجيرات التي أودت بحياة حوالي 25 عسكريا على الأقل وإصابة العشرات في هجوم أعلنت جماعة أنصار بيت المقدس (داعش-  ولاية سيناء) مسؤوليتها عنه.

كان الانفجار مدويا ليلة 29 يناير الماضي. بدأ حظر التجوال في السابعة مساء كالمعتاد، وقبله بنحو الساعة انطلقت مباراة الديربي المصري الأكثر شعبية بين فريقي الأهلي والزمالك.

استوى المشاهدون على مقاعدهم، وخلال الشوطين كانت ربات البيوت أعددن وجبات العشاء. لبعضهن من ضعاف السمع كان صوت الانفجار من علامات حماس المشاهدين، ولآخرين كان دليلا ما على أن "المربع" تحت القصف.

"المربع الأمني" في ضاحية السلام لم يكن بعيدا عن هجمات الإرهاب منذ ظهور جماعة أنصار بيت المقدس (التي أعلنت لاحقا مبايعتها لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام). أعلنت "أنصار بيت المقدس" من قبل أنها في "حرب" ضد قوات الجيش والشرطة، واستهدفت مقرا للمخابرات في رفح خلال سبتمبر 2013 ما أدى لمقتل 6 عسكريين على الأقل.

يضم المربع الأمني بضاحية السلام، المعروفة بين الأهالي اختصارا بـ"الضاحية"، مجموعة من المباني والمصالح الحيوية في محافظة شمال سيناء، منها، الكتيبة 101 التابعة للجيش الثاني الميداني، ومبنى المخابرات، ومديرية الأمن، ومصلحة الجوازات، ومبنى المحافظة، والمستشفى العسكري.

كانت عائلة كامل مغنم، الوالد، وزوجته "أم محمود" وابنتيهما "حبيبة" و"رضوى" جلسوا للتو لتناول طعام العشاء، ثم فجأة سقطت نوافذ الصالة عليهم في أثناء الأكل عقب انفجار مدو. هرب جميعهم إلى الحمام خشية أن يصيبهم مكروه.

قالت الأم: "الشباك ده كله وقع، والنار كانت برة شديدة، والتراب والدخان ملا البيت. احنا فضلنا في الحمام لحد ما جه جارنا خدنا فوق.. كل الناس اتجمعوا في شقة واحدة من الخوف".

لحقت بالعمارات المواجهة للمربع الأمني بضاحية السلام أضرار بالغة. في عمارتين، عاينتهما "دوت مصر" كانت آثار التدمير هائلة، انخلعت وتحطمت النوافذ والشبابيك، بما فيها من زجاج. وقعت كافة الأجهزة على الأرض من آثار الموجات الارتدادية للانفجار.

"كنا مرعوبين.. احنا معرفناش ايه اللي حصل.. انا اتعورت في ضهري وايديا لما الشباك وقع علينا واحنا بنتعشى.. جرينا على الحمام وسيبنا بابه مفتوح.. احنا لحد دلوقت مش بنام غير الصبح من الخوف"، تقول "حبيبة" الحاصلة على بكالوريوس التربية.

في خوف يعيش أهالي "الضاحية"، تغلفها روايات الرعب بين غير المقيمين فيها والسكان على السواء. يقول شاب من الحي "العساكر بيضربوا اللي بيعدي جنب المربع الأمني بالنار". يتحرك سكانها بحذر شديد، فقوات الأمن الجريحة تفرض اجراءات أمنية مشددة بالمنطقة، وتنتشر "دشم العساكر" حتى فوق منازل الأهالي.

يشهد سوق ضاحية السلام حركة خفيفة، وشوارعها يقل فيها عدد المترجلين في وسط النهار. يفضل السكان الالتزام ببيوتهم. حتى في داخل البيوت يسود الصمت بين أعضاء العائلة الواحدة.

منذ الحادث لم تتصالح "أم محمود" مع المنطقة إلا بعد 10 أيام، قضتها ملتزمة بيتها لا تخرج حتى لجلب احتياجاتها الأساسية من السوق، تقول "خايفين.. أنا منزلتش من البيت غير لما البصل والحاجات اللي مخزناها خلصت".

وقت وقوع الحادث كانت السيدة "كايدة مطاوع"، 62 عاما، في شقتها بالدور السادس في العمارة 18. كانت "كايدة" صائمة وأفطرت وذهبت لتغفو. أفاقهما صوت الانفجار لكنها ظنت أنه من "تشجيع الكورة" ثم فوجئت بابنتها تأخذ بيدها وتخرجها من وسط حطام الأثاث.

لا تعرف "كايدة" ما لحق من أضرار بأثاثها تحديدا، تقول "من ساعتها مطلعتش يا ابني. أكدب لو قلت أعرف". كانت شقة العجوز الستينية مخلوعة الباب، وكذلك باب البلكونة ومعظم الشبابيك. وتنتثر شظايا الزجاج على ما بقي من الحطام.

تعود الحياة إلى طبيعتها على استحياء في "الضاحية". بين السادسة صباحا والسابعة مساء يقضى الناس حاجاتهم ويتبضعون. يخشون الخروج خارج بيوتهم. وما زالت آثار الدمار على حالها بعد أسابيع من الحادث.