التوقيت الأربعاء، 24 أبريل 2024
التوقيت 08:22 م , بتوقيت القاهرة

مبتدأ الأسبوع السياسي: معركة مجلس الأمن وأحمد عز

(1)

ضمان مرور قرار في مجلس الأمن ليس شرطا لطرحه. الدول تطرح مشاريع قرارات وهي لا تظن الفوز بها. وتأمل بذلك في أن تسجل موقفا، أو تكشف مواقف آخرين، أو تمهد لمواقف في المستقبل. مشاريع القرارات العربية بشأن فلسطين، مثلا، لم تمر. لكن الحكام العرب استخدموها في دفع أمريكا إلى إعلان تأييدها لإسرائيل، ثم استخدموا هذا في توجيه المشاعر الشعبية ضدها، واستخدموا هذا في الجدل السياسي العالمي. كل هذه "مكاسب جانبية" من وجهة نظرهم.

وبالتالي فإن "خذلان" مصر في مجلس الأمن ليس المحصلة النهائية لمشروع القرار. المحصلة أكبر من ذلك. الخارجية المصرية تعلّمت أن تأييد دول عربية معينة مرهون بمصالح هذه الدول، وبالتالي تعلمت أن تأخذ هذا في الاعتبار في المستقبل. على الأقل لا بد أن تذهب إلى مجلس الأمن وهي حاسبة حسبتها. إن لم يكن الفوز مضمونا فليس البديل أن نمتنع عن تقديم القرار، بل يكون المطلوب معالجة إعلامية مختلفة، ليس إلا.

الرأي العام في مصر علم أن بين "حلفائنا" مصالح، لكنها ليست شيكات على بياض. الوحدة مع سوريا درس يجب أن نتذكره اليوم في ذكراه الـ57. كما يجب ألا ننسى أبدا أن لدول الخليج مصالح مع قطر أيضا. وفي السياسة، إن رجحت مصالح دولة مع دولة، فهذا المعيار الوحيد للصداقة.

(2)

كان الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي محتجزا لدى الحوثيين في صنعاء. بالصدفة البحتة خرج من محبسه وظهر في عدن، وألغى قرارات للحوثيين. قيل إنه "كسر الإقامة الجبرية"، ولم نعرف كيف. لكن الحديث بدأ مرة أخرى عن "مصالحة سياسية". لو أدركنا أهمية اليمن، الحدود الجنوبية للسعودية، لعلمنا كيف ستختار السعودية إن خيرت بين أمن مصر من الجهة الليبية، وأمن السعودية من الجهة اليمنية. ليس في هذا مشكلة. هذه سياسة. وينبغي ألا تجعلنا نتعامل برد فعل مبالغ فيه. إنما ينبغي أن نفهم من أين تأتي "الغلاوة السياسية".

(3)

في سياق إقليمي، منفصل إن شئنا ومتصل إن شئنا، فإن الدول الإفريقية الخمس المتضررة من بوكو حرام - نيجيريا، النيجر، الكاميرون، تشاد، بنين - اتفقت مطلع الشهر الجاري على تشكيل قوة متعددة الجنسيات قوامها 8700 جندي لمواجهة جماعة بوكو حرام الإسلامية الإرهابية. هذا العدد يظهر أن القوة المذكورة لها أهمية سياسية أكثر منها ميدانية.

أمس، زار وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس كلا من تشاد والكاميرون، لتأكيد تضامن بلاده للدول الإفريقية المذكورة. لفرنسا مصالح في مكافحة الإرهاب في تلك المنطقة المهمة لمصالحها. ولنا مصالح مهمة في دول حوض النيل، التي تقع إلى الشرق من الدول المذكورة، ومصر ستحضر اليوم الاجتماع الاستثنائي لدول الحوض في الخرطوم.

في سياق تبادل المصالح لا بد من تعزيز وجودنا جنوب الصحراء، سيحسن هذا فرصنا في أن نقايض مصالح بمصالح. هل يكون المدخل تفاهمات مع فرنسا في الحرب ضد الإرهاب على ضفتي الصحراء الكبرى؟ ربما.

هل يكون المدخل مصالح تجارية؟ لا بد. ولكننا الآن لا نملك "كتيبة" كافية من رجال الأعمال وسيداته.

(4)

المصالح التجارية صورة جيدة جدا للتعاون بين دولة وأصحاب الأعمال فيها. من نقلوا تركيا من حدود أوروبا إلى حوض النيل، والقرن الإفريقي، رجال وسيدات الأعمال، وليس الحكومة فقط.

ولذلك فإن القاعدة الاستثمارية القوية في الداخل تفيد الدولة في الخارج. هذه القاعدة تأتي من شيئين. ممارسة "تعددية"، لا مركزية، توفر أجواء مطمئنة لأصحاب الأعمال، وإطار تشريعي يشجعهم على المشاركة بثرواتهم. رجال وسيدات الأعمال ثروة قومية في الداخل والخارج، يوفرون فرص عمل في الداخل، وينسجون شبكات مصالح لدولهم في الخارج.

لو تقدم أحمد عز للانتخابات، وفاز بمقعد في مجلس الشعب، ما الكارثة؟

ردد كثيرا في لقائه مع أستاذ عمرو أديب عبارة "هذا مجرد مقعد من 540 مقعدا". وهو مصيب. هذا مجرد مقعد من 540 مقعدا، ليس إلا. لكن وجوده في الانتخابات سيوحي بثقة النظام الحالي في نفسه، أنه لا يخشى من مقعد بين أكثر من500، ووجوده سيرسل رسالة إلى رجال أعمال آخرين.

أمثال أحمد عز مواهب استثمارية فذّة. لا يعني هذا أن نسمح لهم بالتجاوز. لا. بل ألا نعاقبهم إلا بالقانون.

إقصاء أحمد عز رغما عن القانون هو وجه العملة الآخر للسماح له باستغلال وضعه المالي والسياسي لتحقيق مصالح شخصية. كلاهما - سياسيا - اختراق للقانون. كلاهما فساد سياسي.