التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 03:38 ص , بتوقيت القاهرة

من قس إنجيلي إلى الرئيس الأمريكي (3)

سيادة الرئيس باراك حسين أوباما


تحية طيبة وبعد


هذه رسالتي الثالثة التي أكتبها إليك، بعد أن نقلت لنا وسائل الإعلام أخبار الجولة التي قام بها وفد من جماعة الإخوان المسلمين داخل الولايات المتحدة الأمريكية، تلك الجولة التي شملت أكثر من 12 مدينة أمريكية كبرى، والتي التقوا فيها عددا من المسؤولين ومراكز صناعة القرار فى بلادكم، وليطالبوا بعدم الاعتراف بالنظام الحالى.


وذكرت لكم إن ما يثير دهشتنا كمصريين، أنكم على الرغم من أنكم عانيتم من مرارة التمييز بسبب لون بشرتكم، إلا أنكم لازلتم تصرون على التعامل مع جماعة مارست التمييز والعنف والإرهاب على مدار تاريخها منذ نشأتها في عام 1928 وحتى اليوم، وعنفهم وإرهابهم شمل الكل المسيحيين والمسلمين ممن ليسوا على شاكلتهم، كما أن تمييزهم على أساس الجنس والدين موثق في أدبياتهم وواضح في تصرفاتهم.


وسردت لك يا سيادة الرئيس في الرسالتين السابقتين بعضًا مما ذكره حسن البنا مؤسس الجماعة عن موقفه السلبي من المرأة وعملها، وفي رسالتي هذه سأشرح لك موقف الإخوان من المسيحيين المصريين شركاء الوطن، وموقفهم العنصري من بناء الكنائس.


إن لجماعة الإخوان المسلمين موقف سلبي من بناء وترميم الكنائس، ولهم فتوى شهيرة موثقة في هذا الشأن، دعني أسردها لك يا سيادة الرئيس لعلك تفهم حقيقة هذه الجماعة التي لازلت تدعمها أنت وإدارتك، فقد نشرت مجلة الدعوة في إصدارها الثاني في العدد رقم 56 والصادر في شهر ديسمبر عام 1980 إجابة أحد كبار مشايخ الإخوان عن سؤال حول حكم بناء الكنائس في ديار الإسلام، فقال سيادته ما نصه: (إن حكم بناء تلك الأشياء – على حد تعبيره – في ديار الإسلام على ثلاثة أقسام: الأول: بلاد أحدثها المسلمون وأقاموها كالمعادي والعاشر من رمضان وحلوان وهذه البلاد وأمثالها لا يجوز فيها إحداث كنيسة ولا بيعة، والثاني ما فتحه المسلمون من البلاد بالقوة كالإسكندرية وهذه أيضًا لا يجوز بناء هذه (الأشياء) فيها، بل إن الشيخ يؤكد أن بعض العلماء طالب بوجوب الهدم لأنها مملوكة للمسلمين، والقسم الثالث ما فتح صلحاً بين المسلمين وبين سكانه والمختار هو إبقاء ما وجد فيها من كنائس وبيع على ماهي عليه في وقت الفتح على أن يمنع بناء أو إعادة ما تهدم منها).


ما رأيك يا سيادة الرئيس في هذه الفتوى العنصرية؟! هل توافق عليها؟ هل ترضيك؟


إن المحصلة النهائية المستخلصة من فتوى الإخوان هي حتمية غياب الكنائس في ديار الإسلام، ويترتب على ذلك منطقياً إنه لا مكان لغير المسلمين في مصر، فالشيخ ينهي فتواه مشدداً بوضوح على أنه لا يجوز إحداث كنيسة في ديار الإسلام.


يا سيادة الرئيس إنك عندما أتيت إلى مصر وألقيت خطابا تاريخياً في جامعة القاهرة ظهر الخميس 4 /6 /2009، وتحدثت بوضوح عن الحرية الدينية فقلت: "إن الحرية الدينية هي الحرية الأساسية التي تمكن الشعوب من التعايش؛ لذا يجب علينا دائماً أن نفحص الأساليب التي نتبعها لحماية هذه الحرية".


وقلت أيضاً: "يجب على الحكام أن يحترموا حقوق الأقليات، وأن التعددية الدينية هي ثروة يجب الحفاظ عليها، ويجب أن يشمل ذلك المسيحيين في مصر، وكذلك يجب إصلاح خطوط الانفصال في أوساط المسلمين كذلك، لأن الانقسام بين السنة والشيعة قد أدى إلى أمر مأساوي".


هذا ما ذكرته في خطابك يا سيادة الرئيس، فقل لي مالذي يدفعك أنت وإدارتك الأمريكية لمساندة هذه الجماعة العنصرية؟!! كيف تساند جماعة إرهابية قتلت الشيعة واعتدت على الكنائس، بل وتحرم وتجرم بناء الكنائس؟


يا سيادة الرئيس أنت أخطأت مع إدارتك الأمريكية خطأ فادحًا عندما ساندتم وتساندون هؤلاء المتطرفين، ولأنك عانيت من التمييز كان من دواعي الاتساق مع الذات أن تقاوم من يمارسون التمييز، بدلاً من مساندتهم والاستماع إلى أضاليلهم من خلال الإدارة الأمريكية، وختاماً تقبل تحياتي.