التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 02:37 ص , بتوقيت القاهرة

في ذكرى الحريري.. لبنان أمام حقول ألغام

يعيش لبنان في 14 شباط/فبراير من كل عام ذكرى مؤلمة في تاريخه، حيث اغتيل رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وسط العاصمة بيروت، فيما وجهت أصابع الاتهام لقوى إقليمية، بشكل مباشر للنظام السوري، بحكم أنه الحاكم الفعلي للبنان في تلك الفترة. وتتابعت سلسلة الاغتيالات لتطال عددا كبيرا من وجوه لبنان السياسية والصحفية، المعارضة للنظام السوري.


المشروع الذي بدأه الحريري، هو محاولة لإلغاء الهيمنة السورية على لبنان، فكان الرد بقتل من كان يريد للدولة اللبنانية السيادة والحرية والاستقلال، وخرج لبنان من عهد الوصاية السورية إلى هيمنة حزب الله، حيث عبر خلال الأعوام العشرة السابقة، الكثير من حقول الألغام، من إسقاط الحكومة إلى فراغ الرئاسة، إضافة إلى أحداث مخيم نهر البارد وحرب تموز 2006، و7 أيار الشهيرة عام 2008، والتي سيطر حزب الله خلالها على العاصمة بيروت، بسبب قرارات حكومية لم تصب في صالحه.



لبنان الاستقلال


تقول النائبة اللبنانية، نائلة معوض، لـ"دوت مصر" حول المرحلة التي مر بها لبنان بعد اغتيال الحريري، "الاغتيالات لم تكن تطال لبنان فحسب، الاغتيالات استهدفت سيادة استقلال لبنان، والمتمسكين به كدولة مستقلة.. في الحقيقة اغتيل الرئيس رفيق الحريري، لأنه كان يريد أن يجعل من لبنان البلد الذي كان ما قبل الحرب الأهلية، يعطي نموذجا للتعايش الديني والطائفي والطبقي، وكان يريد أن يجعل من بيروت أجمل مدينة، وتمكن من إعمارها".


وتابعت معوض بالقول: "الحريري كان يملك طموحات كبيرة من أجل لبنان، وهي مثل ما نطمح إليه اليوم، وهذا لن يتحقق إلا بظل دولة قوية ومؤسسات قوية، على رأسها المؤسسات الأمنية التي تحمي الدولة، ونحن اليوم بعد 30 عاما لا نريد النقاش مع حزب الله، ورغم أن النتائج غير مشجعة، لكننا نعيش أيام فيها دولة ضمن دولة، وهذه الدولة (حزب الله) لديها سلاح أكثر من الدولة".



تركيع اللبنانيين


وذكرت معوض "أننا كلبنانيين نريد أن نكمل نضالنا من خلال المظاهرات، وإذا لم يكن كذلك من خلال تشجيع اللبناني للبقاء على أرضه، فهذا وطن لا نستطيع تركه".


وبشأن المرحلة التي تلت مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، ترد معوض، "عشنا فترة آلام كبيرة بعد مقتل الحريري، لقد عدت بالذاكرة إلى اغتيال الرئيس اللبناني رينيه معوض، كانت لديه إمكانية ليبني دولة، وجاء الرئيس الحريري وأعاد الأمان إلى اللبنانيين، أيضا عاش اللبنانييون في ظل الاحتلال السوري، لقد كنا مهددين جميعا بسبب ذلك وأنا منهم، لقد تحملنا كل شيء لأن الأوطان لا تبنى إلا بالعمل والجهد، ولكن بإرادة قوية، وكان الشعب لبناني معنا ويدعمنا، وأفضل برهان على ذلك يوم 14 آذار/مارس، جاء أكثر من ربع الشعب اللبناني إلى ساحة الشهداء، لكي يقول يقول نحن مع لبنان الذي نريده للبنانيين وليس لأحد".


وتشير إلى أن "النظام السوري عمل من أجل جعل الدولة اللبنانية علبة فارغة، من خلال بناء دولة حزب الله، والتصور أن قتل الحريري سيركع جميع اللبنانيين، وحصل عكس ما كانوا يريدون وهو أننا مستمرون على نهج الحريري".



إزاحة العقبة


الكاتب والمحلل السياسي اللبناني، عبدالوهاب بدرخان، تحدث لـ"دوت مصر"، بشأن الهدف من قتل الحريري ومستقبل لبنان في ظل المتغيرات الإقليمية، التي بدأت تصل إلى حدود أمنه.


وقال بدرخان، "تبين أن الهدف من اغتيال رفيق الحريري كان إزاحة عقبة كبيرة سواء محلية أو إقليمية أمام هيمنة إيران على لبنان وسوريا معا، لو كان الحريري موجودا لتغيرت أشياء كثيرة، واستطاع من خلال دوره وعلاقاته وشبكة تحالفاته أن يتحرك من أجل ردع هذا الفريق أو ذاك في لبنان، وغياب الحريري لم يضر اللبنانيين فحسب، بل أضر الشعب السوري في محنته".


صيغة توازن


وحول مستقبل لبنان بعد مقتل الحريري يقول بدرخان "بدأت السطوة التي يملكها حزب الله ومن ورائه إيران على لبنان، ورغم أن الذي يحمي لبنان الآن هو تعدد الطوائف والأحزاب، والصيغة التي قام عليها الحكم، فإنها تؤمن شي من التوازن، صحيح أن العرب يقولون بأن اللبنانيين طائفيون ونظامهم طائفي، لكن الأفضل القول بأن وجود الطائفية وإعطاء كل جهة حقها، حمى التعايش، وحتى الآن هذه الصيغة تؤمن شيء من الاستقرار الداخلي".


وتابع، "لكن التداعيات للثورة السورية على لبنان وتوسع إيران داخل سوريا ووجود حزب الله على الجبهات السورية، يشكل نوعا من القلق الكبير على الصيغة اللبنانية، لأن إيران وحزب الله يعتبران ضرورة أن ينتزع الأخير مكسبا خاصا له، على حساب الصيغة اللبنانية، لذلك حزب الله يحتجز الانتخابات الرئاسية ويمنعها، فهو يريد إيصال مرشحه ميشال عون للرئاسة، لأن هناك أجندة مشتركة وهي تنفيذ ما يريده حزب الله وإيران، بإعطاء امتيازات للشيعة، وتعديل الصيغة الحالية وإنشاء مواقع جديدة لهم، من خلال إعطاءهم المناصب المهمة في لبنان".


هيمنة حزب الله


ويتابع، "يحكى كثيرا عن تطلع حزب الله لقيادة الجيش، حيث أنه بقيادة الجيش يستطيع أن ينفرد بتحديد السياسة الدفاعية، والإشراف عن كل مسائل البلد السياسية والعسكرية".


ويرى بدرخان أن غياب الحريري مكّن حزب الله وإيران من تحقيق مثل هذه الهيمنة، لكن كل ذلك إلى حين، ولن يدوم، "اللبنانيون تعلموا الصبر وسيواصلون الصبر وبسبب هذه الهيمنة، فإن كل ذكرى لاغتيال الحريري يعيد شحذ الهمم في الفريق، الذي سابق الحريري من أجل الوصول بلبنان للاستقلال".



وحول إمكانية سيطرة حزب الله على لبنان أو التماثل مع المشهد في اليمن، قال بدرخان "لا أعتقد أن هناك من سيتيح لحزب الله أن يكرر غزوة بيروت، سواء بسبب ضعف الطئفة السنية وعدم عسكرتها، ذلك لأن حزب الله ليس مضطرا لهذه الغزوات ولن نرى حرب أهلية مثل عام 1975، لكن قد تكون حرب عل مستوى سياسي وأمني، في مقابل توسع تنظيم داعش، وهذا التنظيم ليس مفيدا للطائفة السنية، بل يفيد أطرافا أخرى كحزب الله، ويفضل السنة في لبنان محاورته لعقلنة تصرفاته، من أجل التخفيف من الشحن الطائفي الذي ينشئ بيئات متطرفة، وحزب الله لديه مصلحة في ذلك ولديه الكثير من القوات في سوريا، ويريد أن يحمي تدخله في سوريا الطائف السنية في لبنان، حاليا ستظل تتصرف كمهزوم وبالمعنى السياسي لا تزال مصدر قوة لكثير من الطوائف اللبنانية ولبنان نفسه، لأنه لا تستطيع أن تنفرد  طائفة واحدة بالحكم وحزب الله يدرك ذلك".