التوقيت السبت، 20 أبريل 2024
التوقيت 01:33 ص , بتوقيت القاهرة

مع الروسي.. ما تيجي نعلمهم "اللغة المصري"!

<p>تصريح ثم نفي، من وزارة التربية والتعليم، بأن اللغة الروسية ستكون في مناهج التعليم السنة القادمة. لا بأس، الروسية، الصينية، الإسبانية، كلها نافعة، وكلها تفتح مجالات عمل في أسواق جديدة.                             </p><p>لكن أليست "اللغة المصري" أولى ببعض الاهتمام. <span style="color:#FF0000;">غريب أننا لا ندرس في مدارسنا شعر العامية وأدب العامية</span>، لا ندرس شعر بيرم التونسي وحسين السيد ومرسي جميل عزيز وأحمد رامي وصلاح جاهين وفؤاد حداد وأحمد فؤاد نجم، كل هؤلاء النجوم من شعراء العامية الموهوبين.</p><p>اللغة العامية هي اللغة الأم لهذا المجتمع. يتذوقها بسهولة، وبلا عناء مشتت في فهم المفردات والتراكيب، ودون حاجة إلى الرجوع إلى عادات مجتمع آخر و"أمثاله" الشائعة لفهمها. <span style="color:#FF0000;">وما قيمة هذا؟</span></p><p>قيمته أنه يوجه اهتمام المتلقين إلى التذوق، يجعلهم يفهمون معنى الشاعرية حين يقارنون، في لغة يفهمونها، بين استخدام واستخدام. كما يساعد الموهوبين منهم على المحاولة، بدلا من التقعر الذي نغرق فيه حين نحاول أن نكتب محاولاتنا الأولى بلغة لا نستخدمها في حياتنا اليومية.</p><p>كون اللغة العامية لغة الحياة اليومية يجعلها أليفة، نعم، لكنه أيضا يجعلها برية وجامحة. اللغات العامية تعيش بلا قواعد، ومحفوظة وباقية بلا قواعد، وتكسر القواعد، وتتغير، وتتمدد بألفاظ جديدة، وتعبيرات جديدة، طوال الوقت. هذا يجعلها صنوا للحياة وشبيهة للكائنات الحية، بانفتاحها على التجربة، ورفضها للأسوار والحدود. وهل يحتاج الأدب إلى شيء أكثر من احتياجه إلى الانفتاح على الجديد، وأكثر من احتياجه إلى الحرية وامتلاك ناصية الأداة التي نستخدمها فيه، اللغة.</p><p>ليس عجيبا أن الشعر العامي المنتج مصريا أكثر تميزا من ذلك المكتوب بالفصحى. لكن العجيب أنه أقل حظوا بالتقدير، حتى من الجهات الرسمية نفسها، وحتى مع حقيقة أن العثور على متقن للغة العربية الفصحى بين صفوف النخب المصرية صار أمرا صعبا.</p><p>أوروبا كان لديها لغاتها النخبوية أيضا. لكن حركة التنوير جلبت معها بشكل طبيعي استدعاء اللغات العامية واستخدامها، مما فرض بروز لغة كتابة جديدة، أقرب إلى ما يتحدث به الناس في حياتهم اليومية ويفهمونه. من أين جاء هذا؟ جاء من كون حركة التنوير حركة جوهرها الفرد، وليس "القيم العلوية".</p><p><span style="color:#FF0000;">لا نهوض لأمة لو كانت لا تفهم لغة "مفردات النهضة"</span>. انصراف الجمهور عن الخطاب السياسي، وعن القراءة، ليست بعيدة تماما عن انفصالهما عن لغته اليومية.</p>