التوقيت الجمعة، 03 مايو 2024
التوقيت 02:41 ص , بتوقيت القاهرة

السيسي وبوتين: عشاء في "وقف روزفلت"

كان توجها ذكيا أن يصحب الرئيس السيسي ضيفه الرئيس الروسي في جولة في وسط البلد. هذا خروج من جو "الأرستقراطية الرئاسية" الذي عاشت فيه مصر خلال العقود الماضية، والذي كان أحد ملامحه الانعزال عن الشعب.
                
كما أنه رسالة مهمة لدول العالم، في لقاء يترصده الإعلام، بالثقة.


العشاء في "وقف روزفلت"، برج القاهرة، النقطة المركزية في العاصمة، والحفل الموسيقي في الأوبرا، يعطيان شعورا بالاسترخاء. في بلد لا ينقل عنه العالم سوى أخبار العمليات الإرهابية، وأعداد قتلى هنا وهناك، بفضل أخطبوط إعلامي عربي وأجنبي تقوده دولة قطر "الشقيقة".


ثمة ملاحظات على اختيار الباليه، وهو فن تتفوق فيه روسيا، للترحيب بالرئيس الروسي، فكأننا نبيع الماء في حارة السقايين. فليتنا عزمنا الرئيس الروسي على حفل فن تتفوق فيه مصر. هناك طبعا وجهة نظر أخرى تقول إن في هذا رسالة للضيف الروسي بانفتاح مصر على العالم واحتضانها لفنونه. يبقى هذا موضوع جانبي إذن، فيه وجهات نظر. إنما التوجه الأساسي، الفكرة الأساسية، جيدة جدا.


وما دمنا في كنف مقال عن "الرمزيات" فلا يمكن أن تفوتنا رمزية هدية "الكلاشنيكوف"، السلاح الأكثر استخداما في العالم، في لقاء سياسي بين رئيس الدولة التي صنعته ورئيس دولة تتسلح عادة من "الخصم" الأمريكي. لا يمكن أن تفوتنا رمزيته في لقاء سياسي صفقات السلاح أحد محاوره الأساسية.


وبالمثل كانت هدية الرئيس السيسي، الدرع الذي يحمل صورة لبوتين، متماشية مع مشكلة الأمن القومي الأبرز لروسيا حاليا، وهو الجدل حول مد قواعد نظام "الدرع الصاروخي" الأمريكية إلى دول على الحدود الروسية، بالتحديد أوكرانيا. وفي المقابل فإن الجيش الروسي أنهى مؤخرا المرحلة الأولى من مشروع "الدرع الصاروخي" الروسي.



مصر محتاجة إلى مد تحالفاتها الاستراتيجية إلى آفاق جديدة. لكنني آمل ألا يتم ذلك بالطريقة القديمة، فنتورط بالتضحية بعلاقات متميزة جدا مع الولايات المتحدة. إذ ليس مكتوبا في السحاب أن التحالف مع روسيا جيد، ومع أمريكا خيانة، كما يحاول ردفاء الستينيات وامتداداتهم الشبابية اليسارية أن يوحوا. 


بل مفهوم في ظل الظروف الحالية، التي تتصرف فيها الإدارة الأمريكية تصرفات مريبة مع تنظيم إرهابي دولي، أن تسعى مصر إلى تقوية شبكة علاقاتها. إنما يجب ألا يصرف التقارب مع روسيا أنظارنا عن حاجتنا إلى تربص الفرص لإقامة علاقات جيدة جدا مع أمريكا وأوروبا.