التوقيت الجمعة، 26 أبريل 2024
التوقيت 02:50 ص , بتوقيت القاهرة

سفير مصر لـ"واشنطن بوست": حافظوا على ما تبقى من مصداقيتكم

بعث السفير المصري في الولايات المتحدة، محمد توفيق، خطابا إلى صحيفة "واشنطن بوست"، نُشر على موقع السفارة الإلكتروني، اليوم الأربعاء، للتعقيب على افتتاحية الصحيفة في 30 يناير الماضي، والتي جاءت تحت عنوان "ذكرى كئيبة في مصر"، داعيا الصحيفة إلى اتخاذ مواقف محايدة في تغطيتها للأحداث في مصر، بدلا من الموالاة بشكل أعمى لجماعة الإخوان.


وجاء نص هذا الخطاب كالآتي:


"لقد كانت افتتاحية واشنطن بوست، في 30 يناير، تحت عنوان "ذكرى كئيبة في مصر"، منحازة وغير حساسة على أقل تقدير، حيث نشرت بعد ساعات بالكاد من الهجوم الإرهابي الذي ذهب بلا داعٍ بحياة 30 شخصا من أبناء بلدي، لقد فشل مجلس التحرير في إظهار حتى أدنى التعاطف مع محنة عائلات الضحايا، حتى إن الإشارة الوحيدة التي ذُكرت عن هذا الهجوم وضعت اللوم في حدوث هذه الأعمال الإرهابية على الحكومة المصرية بشكل مباشر، وبهذا المنطق المنحرف نتساءل: من الذي ينبغي أن يتحمل اللوم عن تفجيرات أوكلاهوما أو بوسطن؟".


وتابع الخطاب: "لقد كانت تغطية واشنطن بوست لهجمات باريس الأخيرة على العكس واسعة ومتوازنة، في حين أن المذبحة الأوسع بكثير التي ارتكبتها بوكو حرام في نيجيريا لم تلق الحد الأدنى من التغطية، أليس من المشروع للمصريين والشعوب الأخرى في العالم الثالث أن يسألوا هل واشنطن بوست تضع القيمة نفسها لحياة جميع البشر؟، في الواقع لديهم كل الحق في أن يتساءلوا عما إذا كانت الصحيفة والمؤسسات الأخرى ذات الأفكار المشابهة تعتبرنا أراضي اختبار مشروعة لنظريتهم الجيوسياسية وتجاربهم الاجتماعية".


واستطرد: "في الواقع، تصر واشنطن بوست على التغريد على خطى الإخوان، فإلى جانب الافتتاحيات ومقالات الرأي، يلطخ التحيز جميع أوجه تغطيتها للأحداث في مصر، ففي أغسطس 2013، عندما شن أنصار الإخوان حملة منسقة من الهجمات ضد مراكز الشرطة والكنائس المسيحية، اقترحت الصحيفة في تغطيتها بوقاحة أن الشرطة كانت وراء هذه الهجمات، هذا المنحى يعزز أيضا الاستمرار في تلميع الذين يقومون بالدعاية للإخوان باللغة الإنجليزية، في حين لا تعطي الصحيفة أدنى الانتباه إلى الرسائل باللغة العربية التي تنشرها هذه الجماعة، حيث توجه خطابا إسلاميا متطرفا، وتدعو إلى سفك الدماء والشهادة والإرهاب".


واستكمل: "وفي الآونة الأخيرة، دعا الموقع الرسمي للإخوان في مصر أنصارها باللغة العربية للاستعداد لـ(الجهاد لا هوادة فيه وطلب الشهادة) في مصر"، بل وذهبت واشنطن بوست أبعد من ذلك بتبرئة الإخوان من جرائمهم، ويتضح ذلك من خلال إدعاءاتها في افتتاحيتها المذكورة: "أكثر من 20 من المحتجين قتلوا على يد الشرطة".


وتابعت: "الافتتاحية أهملت بشكل واضح الإشارة إلى أن 3 على الأقل من القتلى الذين كانوا من أنصار الإخوان سقطوا حينما كانوا يزرعون قنابل انفجرت قبل آوانها، وأن اثنين من رجال الشرطة قتلوا على يد "متظاهرين سلميين"، ويقول الخطاب، إن التحقيق سوف يظهر عدد المناصرين للإخوان الذين فقدوا حياتهم في هذه الأحداث الأخيرة، وكم كان عدد ضحاياهم، أو للأسف عدد المارة الذين وقعوا في مرمى النيران".



ويستمر السفير في خطابه، قائلا: "مع ذلك هذه الافتتاحية الأخيرة التي تعد أعظم خدمة لدعاية الإخوان، ساوت المتظاهرة السلمية شيماء الصباغ بهؤلاء الإرهابيين الذين وضعوا القنبلة"، مضيفا: "مثلي مثل ملايين المصريين نعيت وفاة شيماء، وقد صرح الرئيس السيسي بوضوح أنه يفكر في حالتها وحالة ابنتها، وهناك تحقيق مستقل شامل يجرى لتقديم الجناة إلى العدالة، لكن استخدام موت هذه المرأة البريئة لتمويه عنف الإخوان أمر لا يغتفر".


وواصل الخطاب: "بوست ليست الوحيدة التي تنشر الوهم بأن جماعة الإخوان "سلمية"، وأنها "تنبذ العنف" وتمثل "الإسلام المعتدل"، بدلا من الاعتراف بالحقيقة التي لا جدال فيها تاريخيا بأنها المنظمة الأم التي خرج من رحمها الجهاد العنيف الحديث الذي نعيشه، وأن مُنظّرها الرئيسي سيد قطب لا يزال مصدر إلهام للإرهابيين حول العالم، التاريخ يظهر كيف نجح عدد قليل من الأكاديميين الغربيين واللوبيين في إعادة تغليف الإخوان وإظهارها لنخبهم على أنها الدواء الشافي لعلاج التطرف بدلا من كونها حصان طروادة الذي ينتشر من خلاله".


 ويضيف السفير في خطابه: "الرئيس السيسي حمل الراية بعد دعوته إلى ثورة في الفكر الإسلامي لحرمان المتطرفين من فرصة استغلاله لأغراضهم الشريرة، وهو مثال يحتذى به، فبجانب كونه أول زعيم مصري يزور الكاتدرائية الأرثوذكسية في العباسية ويتمنى للمسيحيين عيد ميلاد سعيد، أكد خلال مؤتمر نظمه الأزهر في أواخر العام الماضي أن مواجهة الفكر المتطرف العنيف لا يمكن أن ينجح إلا بالتركيز على التراث الغني بالتسامح الذي طبقته شعوبنا خلال عقود بدلا من اختراع الأعذار للإخوان".


ويتابع الخطاب بالقول: "العدسة المعيبة، التي تعيد واشنطن بوست بها إعادة التمثيل بشكل سيء لأقوال ولأفعال الرئيس السيسي، تبدو مضللة وتهدد الهدف الهام في القضاء على التطرف في المنطقة".


واختتم: "لا أتوقع ولا أتمنى أن تكون تغطية بوست عن مصر قائمة على رؤيتنا، لكني آمل بإخلاص أن تجدوا الشجاعة لتراجعوا موقفكم ليس لصالح مصر التي ستظل أمة عظيمة وواثقة في نفسها بغض النظر عما تقولون، لكن لتقديم تغطية أكثر صدقا لقرائكم والحفاظ عما تبقى من مصداقيتكم في العالم العربي".