التوقيت الإثنين، 29 أبريل 2024
التوقيت 12:07 ص , بتوقيت القاهرة

الحوثي والوحيشي ولعبة القط والفأر

عبدالملك الحوثي وناصر الوحيشي، كلاهما يؤدي دورًا بالغ الخطورة، على أمننا القومي العربي، فالأول هو زعيم الحوثيين باليمن، والأخير هو زعيم تنظيم القاعدة باليمن والجزيرة العربية.


الحوثي استطاع أن يتعاون مع الإخوان المسلمين، حتى خدعهم وتخلّص منهم بعدما اتفق مع هادي منصور الذي كان يريد اليمن خالية من الجماعة، لكنه انقلب مؤخرًا على كل الدولة، وتعاون مع طهران، التي ترغب في محاصرة السعودية من الشمال والجنوب والضغط على مصر عبر السيطرة على باب المندب بالبحر الأحمر.


زعيم الحوثيين نجح في تصدير خطاب المظلومية التاريخية، وخطر القاعدة الذي يهدد الجميع، وكانت قصة "الجرعة" لأنه يعلم أن نتائج الحوار الوطني التي أُعلنت والتي استمرت 10 أشهر منذ مارس 2013، والتي تضمنها مشروع الدستور الذي كان قاب قوسين أو أدنى من طرحه للتصويت، تصب في عكس مصالحه.


فكان الهدف هو الوثوب على السُلطة، دون إعلان أنه استولى عليها، عن طريق ضرب منصور في قائد الجيش، وتفريغ القوات من قيادتها، ودخول جماعته إلى المؤسسات الأمنية والعسكرية، ثم الاستيلاء على وسائل الإعلام، ترفض مقررات الحوار الوطني، وطرح دستور يكون فيه الرئيس شكلاً دون صلاحيات، ومعه الحكومة ويكون فيه الجيش تحت إمرة الحوثي، إضافة إلى المخابرات والأمن الوطني والشرطة، ويحكم الرجل صنعاء من "صعدة" وهو جالس في بيته، من خلال "حرس ثوري" يسمى "اللجان الشعبية".


أوباما ترك مسرح اليمن ليكون العالم العربي جاهزًا للفوضى التي يريدها الأمريكان، واللاعبون هم دول إقليمية كـ"عمان" التي تلعب لصالح طهران، و"قطر" التي تريد خلق قلاقل للسعودية والإمارات ومصر، وكذلك جماعات كـ"القاعدة" التي كان لها دور في حادث فرنسا الذي تم التخطيط له باليمن.


الوحيشي قائد تنظيم القاعدة بالجزيرة العربية، والرجل الأخطر في التنظيم، والمرشح أن يتولى مكان الظواهري، كان كامنًا في مأرب، يهدد ويتوعد الحوثيين، ووجه بياناً تحذيرياً إليهم، متوعدًا إياهم بـ"جعل رؤوسهم تتطاير"، واتهمهم باستكمال المشروع الفارسي، وداعيًا السُّنة لحمل السلاح.


وبدأت القاعدة التي كانت ضعيفة للغاية في الفترة الأخيرة، "طئفنة" المشهد وجعله صراعًا طائفياً، وحشدت المئات من القبائل السنية، وأصبح الحوثي هو الحجة الجاذبة لتجنيد مقاتلين مع التنظيم، وأصبح استدعاء المشهد الطائفي، هو الخيار الأقوى للقاعدة لتجد مساندة من اليمنيين.


وشكل وصول الحوثيين إلى صنعاء فرصة ذهبية للقاعدة، فدخلت على خط الأحداث بقوة، مؤكدة أنها ستواجه الحليف المحلي لإيران، فيما أعلن عبد الملك الحوثي أنه سينقل المعركة إلى شرقي ووسط البلاد لحماية معسكرات الجيش من خطر القاعدة في محافظتي "البيضاء" و"مأرب".


وبعد انتهاء حصار صنعاء وتوقيع الرئيس اليمني على اتفاق الشراكة، تحرّكت قوات الحوثي باتجاه مأرب، فتصدت لهم قوات القاعدة في معارك دامت 7 أيام، وكان القاعدة على وشك الانتصار، لولا تدخل الطائرات الأمريكية التي قصفت التنظيم، وأدرك الحوثيون أن أمريكا تريدهم للقضاء على التنظيم الخطر، فاحتلوا القصر الرئاسي.


استفاد الحوثي من وجود القاعدة ليقدم نفسه إلى أمريكا، أنه الحل الأوحد لمواجهة أخطر أفرع التنظيم في العالم، لكن في المقابل استفاد الوحيشي من الحوثيين في "طئفنة" المشهد، ليعود تنظيمه للحياة من جديد، ويتحالف مع حركات أخرى مضادة للحوثيين الزيدية.


اليمن لن يعرف الاستقرار قريباً، والساحة اليمنية قد تكون ملعباً لصراعات أشد عنفاً، سيكون طرفاها الحوثي والوحيشي.


ولن يتربع الحوثي وأنصاره على "عرش بلقيس" ويبايع "سليمان" علناً، كما قال الشيعي محمد صادق الحسيني في موقعه عصر الظهور، لأن لعبة القط والفأر، بين الحوثي والوحيشي، لم تنتهِ بعد.