التوقيت السبت، 27 أبريل 2024
التوقيت 03:51 م , بتوقيت القاهرة

لم ينتصر الرسول

<p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">لو سمعت حد بيشتم دينك. أو بيستهزئ بكتابك المقدس ونبيك. ويسخر من آيات الله.. كيف تتصرف؟</span></p><p dir="RTL">الإجابة موجودة في القرآن، المصدر الأول للتشريع المُلزم لنا جميعا والثابت عن الرسول وعن رب العباد، بدلا من الروايات التاريخية الضعيفة والموضوعة والمكذوبة، والتي يحلو للبعض أن يتمسك بها. حتى لو كفر بكلام الله.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">1- يقول الله:</span></p><p dir="RTL">(وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى? يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ) سورة النساء: 140.</p><p dir="RTL">إذا كنت وسط جماعة تكفر بآيات الله جهرا، وتستهزئ بها، وهي درجة أكثر وقاحة وجرما من الكفر. وأنت تسمع بأذنك هذا الاستهزاء بآيات الله التي تؤمن بها. فما الحل..؟ اترك المكان وغادرهم. لم يقل اشتبك معهم كلاميا. أو دافع عن مقدساتك. أو  اذهب وأحضر سلاحك واقعد لهم حتى تردعهم. فقط قم وأعلن احتجاجك بصمت.</p><p dir="RTL">الأكثر من ذلك. قول الله "حتى يخوضوا في حديث غيره"، يعني لو تركوا الحديث عن الاستهزاء بآيات الله وتحدثوا في شؤون الحياة، فلا بأس من العودة، بمفهوم الآية، وتجلس مع قوم أنت على يقين أنهم يسخرون من دينك ويستهزئون به. لكن يجمعكم هم إنساني ومصالح مشتركة. والآية تُكرس لدرجة متطورة من العقلانية والفصل بين القضايا وعدم إلباس الدنيا لباس الخصومة الدينية، وتنوع سبل العلاقات بين البشر.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">2- يقول الله:</span></p><p dir="RTL">"وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً) سورة المزمل: 10</p><p dir="RTL">أي اصبر على أذاهم وأقوالهم وسبابهم. واهجرهم. حتى الهجر في الإسلام يكون جميلا.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">3- يقول الله:</span></p><p dir="RTL">(وَقِيلِهِ يا رَبِّ إِنَّ هؤُلاءِ قَوْمٌ لا يُؤْمِنُونَ فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) سورة الزخرف: 88</p><p dir="RTL">بعد أن شرع القرآن للهجر الجميل. وضع تشريعا مجاورا للمكذبين.. الصفح.. وهو أعلى درجات العفو والتصالح. وقل سلام. أي قل كلام يدعو للسلام وينبذ العنف.</p><p dir="RTL">فالسيوف، وإن فتحت البلدان، فهي لا تفتح القلوب. والرصاص، وإن قتل الأرواح، فهو لا يقتل الإيمان. ودين الله يستلزم في الباب الأول للاعتقاد القناعة والحرية والاختبار والعقل والنظر في الكون الذي عليه بصمات تجليات الله. وكلها أمور لا تزدهر إلا في وجود بلد آمن ومجتمع يُعلي قيم الصفح والسلام والحياة الهادئة.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">4- ومرة رابعة يقول الله:</span></p><p dir="RTL">(وَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل لِّي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ ? أَنتُم بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِّمَّا تَعْمَلُونَ) يونس: 41</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">5- المنافقون استهزأوا بالرسول، وأثبت القرآن ذلك</span>، لكنّه لم يثبت في كل كتب التاريخ أن النبي قتل واحدا منهم.</p><p dir="RTL">(يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ اسْتَهْزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخْرِجٌ مَا تَحْذَرُونَ (64) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ).</p><p dir="RTL">واضح من كلام الآية أنهم استهزأوا بالله والرسول. لكن الآية لم تُرتب أي جزاء دنيوي على ذلك. ولم تأمر النبي بعقابهم. رغم أنهم يمثلون ازعاج واضطراب داخلي لأن النبي كان يشغل منصب سياسي إلى جوار منصبه الديني. وهو ما يعطيه سلطات أوسع في عقاب هؤلاء لاستقرار الحياة.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">لكن الثابت أن حرية النقد في مدينة الرسول ارتفعت حتى نالته هو.</span></p><p dir="RTL">وعندما قال أحدهم للنبي نقتل عبد الله بن أبي، زعيم المنافقين، قال النبي : أخشى أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه" فسمعة الإسلام كانت أولى وأبقى عند الرسول من الانتقام من عدو  الله. على الرغم من أن ابن أبي رجع بثلث الجيش في أحد وهدد حياة المسلمين بالخطر. وكان يعلن العداء للرسول جهرا.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">فهل ينتصر الإسلام بالقتل..؟!</span></p><p dir="RTL">6- عندما مر اليهود بالنبي وقالوا السام عليك يا محمد. يقصدون الموت عليك. وهو يعرف أنهم يشتمونه ويستهزئون به. فكان يرد وعليكم. ولم يتوقف عند تلك السفاهة. وقامت زوجته عائشة ترد عنه وقالت: بل الموت عليكم وغضب الله عليكم ولعنكم.. فأوقفها النبي عن الكلام، رغم أنها لم تُخطئ، ورغم أنها ترد الكلام بكلام، وقال "يا عائشة إياكِ والعنف إياك والفحش وعليك بالرفق".</p><p dir="RTL">تخيّل الرفق مع يهود متطاولين لا يحترمون مقام النبوة ولا مقام الرئاسة والسياسة. عائشة لم تحمل رمحا، بل قالت كلمات.. والنبي رفض الرد الوقاحة بمثلها. ورفض الدفاع عن نفسه في حضوره داخل مدينته. واكتفى بالصمت.</p><p dir="RTL">7- والثابت أن المرأة اليهودية التي وضعت له السم في الطعام، حينما قبضوا عليها، تحدث معها قليلا ثم عفا عنها.. رغم أنها تستحق الإعدام في أعلى القوانين في الدولة الحديثة.. وتلك لم تعتدِ على الرسول كلاميا. بل كادت أن تقتله.. والنتيجة هي تجاوز الانتقام إلى العفو العام.</p><p dir="RTL">لكن هناك حالات في التاريخ تقول إن النبي أمر بقتل أشخاص بعينهم. معدودة على أصابع اليد الواحدة لكنها بروايات متنوعة:</p><p dir="RTL">1- ثلاثة أرباع تلك الروايات مكذوبة وضعيفة، وقال بعض علماء الحديث إنه لم يثبت فيها شيئا.</p><p dir="RTL">2- كان النبي يقول لحسان بن ثابت اهجهم ولك من الله ناصر.. يعني كان يواجه الكلملة بالكلمة والشعر بالشعر.</p><p dir="RTL">3- بعض هذه الأوامر كانت تهديدية ولم يثبت أنها وقعت عملا، وبعضها نال عفوا من الرسول.</p><p dir="RTL">4- الأقرب إلى الصحة فيها كانت واقعة كعب بن الأشرف، الذي خان المسلمين، وذهب يجمع جيشا من قريش ليحارب الرسول، ويحفزهم على الانقضاض على المدينة لقتل من فيها، وسرب أسرار المدينة العسكرية لسهولة دخولها.. فهو خائن. ورجل حرب. ويمثل تهديدا للمسلمين. وبالقانون الطبيعي العادل ينال الإعدام في أرقى الثقافات اليوم.</p><p dir="RTL">5- المشهد الأخير والأساسي في الإسلام هو فتح النبي لمكة التي شتمته وآذته وطردته، ودخل مطأطأ رأسه على فرسه حتى لا يظنون فيه فخرا وتعاليا. وقالوا له اليوم يوم الملحمة، فقال كلا. اليوم يوم المرحمة.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">الاغتيالات السياسية</span></p><p dir="RTL">سنتحدث بشجاعة ونقول، إن أي دولة حاكمة قد تضطر إلى ممارسة العنف. بل إن فرق القوة بين الدولة والناس هو الذي يخلق مفهوم الدولة. وهو ليس تبريرا للعنف لكني أتحدث عن أمر واقع. حلوه ومره. مميزاته وعيوبه. أمريكا اضطرت لاغتيال بن لادن في منزله دون محاكمة. ومصر اغتالت الملك فاروق في منفاه. وإسرائيل اغتالت علماء الهندسة النووية المصريين والعراقيين. كل الدول تتورط في ذلك.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">معظمه بشع وإجرامي وقليله يقع تحت وطأة الضرورة.</span></p><p dir="RTL">والنبي محمد عندما أسس لدولة قام بتصرفات بشرية ودنيوية وسياسية. ولو قام ببعض التصرفات السياسية والعسكرية لحماية دولته فهو أمر مقبول في إطاره، "لكنه ليس تشريعا دينيا منقولا عنه".</p><p dir="RTL">وهو نفسه من فتح الباب لذلك وقال (وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر)، سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني. لكن الفارق أن النبي كان يتحرك في إطار دولة، هادئة ومتزنة وواضحة للجميع ولها سياسات، وليس مجموعة إرهابية عشوائية تختفي عن الأنظار وتمارس الإجرام.</p><p dir="RTL">لكن بعد أن استقر الأمر وانتهى الصراع صار النبي يضع التشريعات الثابتة والمؤبدة، التي تمثل أصل المعاملات. وعبر عنها بقوله "اليوم يوم المرحمة". مع أعدائه الذين شتموه وألقوا على رأسه القاذورات وطردوه من أرضه.</p><p dir="RTL">وهو ما يتوافق مع رسالة الإسلام في القرآن (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) فلماذا يريد البعض أن يخالف نص القرآن المباشر، وأن يحول الرسول إلى لعنة ووبال ودمار على العالمين..! ثم يظن أنه يطبق الإسلام.</p><p dir="RTL">والرسول وهو يختم الدين في خطتبه الأخيرة، والتي قال "عسى ألا ألقاكم بعد عامي هذا"، والدمع يحتشد في عينه، وبصوت هادر يوقظ به الضمائر والنفوس ويتلو  وصيته التي يريد أن تلتصق بذاكرة الناس، <span style="color:#FF0000;">ويقول:</span></p><p dir="RTL"> "أيها الناس إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام".. وكان خطابه للناس وليس للمؤمنين. فالعصمة للجميع.</p><p dir="RTL">"لا تعودوا من بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض".. ولم يقل كفارا تعبدون الأوثان. فإزهاق روح الإنسان وحده كفر بالله، ولا يهم بعدها كثرة العبادة وحمل الشعارات الزائفة.</p><p dir="RTL"> "أيها الناس آباكم واحد. كلكم لآدم وآدم من تراب.. لا فضل لعربي على أعجمي ولا أبيض على أسود" .</p><p dir="RTL">ثم تلى قول الله (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا).</p><p dir="RTL">تلك رسالة محمد يا من تبحث عنها. وهذه كلمات الرسول الأخير ووصيته الجامعة.. عصمة الدم والمال للناس جميعا. والكفر والإيمان يتوقفان على حفظ روح الانسان. التأكيد على وحدة الأصل البشري والمساواة بين الناس. وجعلنا الله شعوبا لنتعارف فلا نتقاتل.</p><p dir="RTL">فالتعارف رسالة الله إلى عباده بعد تجاوز الحروب والصراعات والأزمات.</p><p dir="RTL"><span style="color:#FF0000;">التعارف ركن من أركان الدين.</span></p><p dir="RTL">يروى عن الرسول (ص) ، كما في السلسلة الصحيحة للألباني، أنه قال: "خاب عبد وخسر ليس في قلبه رحمة للبشر" .. <span style="color:#FF0000;">فهل تريد أن تكون من الخاسرين..!؟</span></p>