التوقيت السبت، 04 مايو 2024
التوقيت 03:39 م , بتوقيت القاهرة

حادث باريس لن يكون الأخير

حينما وجه المتحدث باسم الدولة الإسلامية (د.ا.ع.ش) رسالته قائلاً: "احملوا عليهم حملةً كحملة الصديق واسحقوهم سحقًا وإِدُوا المؤامرة في مهدها، وتيقنوا من نصر الله وحسبكم أنكم لم تخططوا لهذه الحرب ولم تبدؤوها، فإنما هي تدبير رباني فلسوف تنجلي هذه الغُمة، إن شاء الله، وستخرج دولتكم منها، إن شاء الله، أشد صلابة وأنقى صفا وأوضح رايةً ومنهجا"، كان ذلك إيذانًا بانتقال سياسة التنظيم، من قتال العدو القريب إلى العدو البعيد.


ووفقا لما كتب في العدد الثاني من مجلة "دابق"، فإنّ حرب الدول الأوروبية وأمريكا (العدو البعيد)، كانت مؤجلة، تماشيًا مع فكر أبو مصعب الزرقاوي، وهو قتل العدو القريب، لكن بعد سيطرة التنظيم على الموصل وإدراك أمريكا لخطورة التنظيم تغيّرت الاستراتيجية لتتحول من العدو القريب (حكام الدول العربية والفصائل الجهادية الرافضة لفقه التنظيم) لمحاربة العدوين القريب والبعيد (الداخل والخارج).


ومؤخراً أصدرت الدولة، فيديو على الموقع العالمي اليوتيوب بعنوان "الذئاب المنفردة - جيش الدولة الإسلامية"، وحملت "تويتات" لأعضاء التنظيم على "تويتر" خلال هذا الأسبوع، رسائل موجهة إلى الذئب المنفرد، ومنها: "أنت لا تستطيع النفير، ولا تملك سلاحاً، استلهم ما فعله إخواننا باليهود، اقعد لجنود الطواغيت عند كل نقطة، وسيطر وادهسهم بسيارتك"، "كن على قناعة أنك على حق"، "قرر وضع الفكرة، عاين المكان مرة على الأقل بدون أن تثير شك أو شبهة حولك، وببساطة، مسدس + كاتم، ضعهم في بنطلونك"، وهذا ما يفسر هذه العملية التي وقعت في باريس.


ويتم تجنيد الفرنسيين عبر المدارس السلفية الموجودة في أوروبا، أو الجهاديين الذين شكلوا خلايا عنقودية، في البلاد التي حصلوا على حق اللجوء فيها، أو حديثا من خلال الإنترنت، وهؤلاء في الغالب، أو معظمهم موجودين في أوروبا، ويعانون من مشاكل عنصرية أو حالة اضطهاد، هذا بالنسبة لمن يحملون جنسيات دول أوروبية (الجيل الثاني والثالث من المهاجرين)، أمّا الأوروبيون من الذئاب المنفردة، فيعانون وفقا لدراسات من حالات اكتئاب وملل واضطهاد.


ووفقا لمركز كويليام البريطاني، المتخصص في مراقبة الحركات المتطرفة، فإن 700 من فرنسا يقاتلون في صفوف داعش، من بينهم ما يقرب من 100 سيدة، أشهرهن نورا الباسي.


ويتم تجنيد الفرنسيين عبر المدارس السلفية الموجودة في أوروبا، أو الجهاديين الذين شكلوا خلايا عنقودية، في البلاد التي حصلوا على حق اللجوء فيها، أو حديثا من خلال الإنترنت، وهؤلاء في الغالب، أو معظمهم موجودين في أوروبا، ويعانون من مشاكل عنصرية أو حالة اضطهاد، هذا بالنسبة لمن يحملون جنسيات دول أوروبية (الجيل الثاني والثالث من المهاجرين)، أمّا الأوروبيون من الذئاب المنفردة فيعانون وفقا لدراسات من حالات اكتئاب وملل واضطهاد.


ما يجب أن نُدركه أن القاعدة كانت على يمين ما يسمى بتيارات الإسلام السياسي الوسطى، لكن اليمين في الأغلب يخرج له يمين اليمين، ومؤخراً أصبح تنظيم الدولة شبكة لا مركزية تضم داخلها من يرفضون الديمقراطية، والذين يعملون بمنهج الحاكمية وجاهلية المجتمع، ويرفضون تنزيل الأحكام على الواقع، ويوسعون مفهوم الطاغوت.


ويعتقد القائمون على الدولة فى العراق والشام، أن ضربات التحالف عجلت بالبدء فى عمليات تسمى الذئب المنفرد، لإسقاط هيبة أمريكا وحلفائها، وأن تكون تلك العمليات على هيئة أمواج مفادها، أنكم ستدفعون الثمن، وأنتم محاصرون.


المشكل الحقيقي، أن (د.ا.ع.ش) هي ليست حزبًا سياسيًا بل تحوّلت الآن إلى شبكة يصعب تفكيكها، وفى ساعات المواجهة مع الغرب يزداد تماسكها، لأنها تحول الحرب أمام أتباعها إلى معركة كونية ضد الإسلام كله، فضلاً عن أنها أصبحت تمتلك أوراقًا أهمها المجندين داخلها من أوروبا وأمريكا، بعد تنوع الفكر الجهادي.


حادث باريس، لن يكون الحادث الأخير، في سلسلة من الهجمات التى سيقوم بها مسلحون منفردون، وفق ما يسمى بخلايا المقاومة العالمية، أو الذئاب المتوحدة المنفردة، ولم يكن الأول فقد نفذ أحدها من قبل، الفرنسى محمد مراح عام 2012 في «تولوز»، ووجود مئات الفرنسيين المقاتلين في سوريا والعراق، سيفتح المجال لم يستخدمون تكتيكات إرهابية، واستهداف المدنيين من أجل تحقيق أهداف سياسية أو أيديولوجية بشكل صريح، دون أن يكونوا أعضاء بشكل رسمي في أي جماعة.