التوقيت الأحد، 26 أكتوبر 2025
التوقيت 08:57 م , بتوقيت القاهرة

عالمة مصريات فرنسية: المتحف المصري الكبير دعوة للعالم لاكتشاف ثراء الحضارة المصرية

المتحف المصري الكبير
المتحف المصري الكبير
عبرت "بنديكت لوييه" عالمة المصريات الفرنسية والأستاذ في كلية اللوفر، عن سعادتها لقرب موعد افتتاح المتحف المصرى الكبير، المقرر السبت المقبل، الأول من نوفمبر، وسط حضور عالمي، مؤكدة أن هذا المتحف الكبير بمثابة دعوة للعالم لمعرفة التاريخ واكتشاف ثراء حضارة مصر القديمة.
 
 
وقالت العالمة الفرنسية "بنديكت لوييه" في حديثها مع مراسلة وكالة أنباء الشرق الأوسط بباريس، "إننا كعلماء فرنسيين متخصصين في علم المصريات، سعداء للغاية برؤية هذا المشروع يرى النور، وستكون النتيجة استثنائية".
 
 
وقامت عالمة المصريات بزيارة المتحف في أبريل الماضي، خلال افتتاحه التجريبي، وأتيحت لها فرصة رؤية قطع أثرية لم ترها من قبل، وعبرت عن انبهارها الشديد بعرض وتقديم هذه المقتنيات الأثرية "بهذا الشكل الرائع".
 
 
وقالت "تود في مصر هذه الآثار الضخمة التي لا يوجد مثلها في أي مكان آخر، ويضم المتحف آلاف القطع الأثرية، لذلك يمكن وصف المتحف بكلمة "فرعوني"، فهو حقا المكان حيث يمكننا أن نلتقي بالتاريخ، نحن أمام قطع أثرية يعود تاريخها أحيانا إلى 4000 عام".
 
 
وأضافت" أن مقتنيات المتحف، بالرغم من مساحته الشاسعة، تم عرضها بشكل مرتب ومُتقن للغاية، مع صالات عرض لصور الملوك، ومجموعة من الكنوز؛ ما يساعد الزائر حقا على فهم الحضارة المصرية خلال مراحلها الرئيسية ..لذا، هناك أيضا جانب تعليمي مع عرض المقتنيات بشكل واضح ومفهوم ومبهر للغاية".
 
 
ولفتت إلى أن هذا المتحف يأتي استكمالا لبقية متاحف مصر وخاصة المتحف المصري بميدان التحرير، والمتحف القومي للحضارة المصرية حيث توجد مومياوات الملوك، وقالت "هذه ثلاثية، مع أول متحف يضم روائعَ عظيمة (المتحف المصري) والذي سيُحافظ في الوقت نفسه على فكرة أنه أول متحف كبير للآثار المصرية في مصر، حيث لا يزال الأكثر روعة من حيث القطع الأثرية التي عرضت فيه، والمتحف القومي للحضارة لفهم الحضارة المصرية بأكملها حتى الآن حيث توجد المومياوات الملكية، والآن يُعد المتحف المصري الكبير المرحلة النهائية حيث يُمكننا أن نُقدم على مساحة شاسعة كل ما استطاعت الإمبراطوريات المصرية العظيمة تقديمه وإبداعه مع عرض جميع كنوز توت عنخ آمون للحصول على فكرة دقيقة للغاية عن التاريخ، فضلا عن المتحف الإسلامي، الذي يضم قطعا رائعة، والمتحف القبطي، الذي يتميز بجماله، فإن القاهرة تعتبر بذلك "مدينة المتاحف".
 
 
وقالت "يعد المتحف الكبير هدية رائعة لجميع السائحين والمهتمين بمصر وآثارها، حيث سيصبح هذا المتحف وجهة لا تُفوّت بل ويجب زيارتها عند زيارة القاهرة، إلى جانب الأهرامات..عندما نرى جميع الأدلة الإرشادية المتوفرة بلغات متعددة، ونرى كل ما تم إعداده للشرح والتوضيح، مع الملصقات المكتوبة باللغة الإنجليزية، والرسومات أيضا لشرح بعض العناصر، ستجد أن المتحف مصمم للجميع".
 
 
وأضافت عالمة المصريات "أن المتحف المصري الكبير، هو جزء من هذه الروح المصرية الأصيلة، وهي المشاركة وفكرة الضيافة والانفتاح، بل هو دعوة للعالم ليأتي ويكتشف أعظم حضارة في العالم القديم".
 
 
وتابعت" المتحف المصري الكبير هو بمثابة دعوة للعالم لمعرفة التاريخ واكتشاف هذه الحضارة المصرية العظيمة .. وهو أيضا فرصة لاكتشاف الثراء الثقافي لمصر في الوقت الحاضر".
 
 
وأشارت إلى أن المتحف يضم الآلاف من القطع والمقتنيات الأثرية التي تُعرض لأول مرة؛ الأمر الذي يتيح معرفة وفهم الحضارة المصرية بشكل مكتمل.
 
 
وذكرت "لوييه" على سبيل المثال، "توجد قطع من كنز دندرة، لم أرها من قبل..لم أكن أعلم بوجود هذه القطع، وهي مذهلة للغاية، مضيفة "كمُعلمة في كلية اللوفر، إنه كنز ثمين لعرضه على الطلاب..وفي الواقع، هناك إحساس كبير وراء هذه القطع لأننا نراها بكثرة في الكتب، لكن رؤيتها في الواقع، وعرضها بهذا الشكل، يمثل تجربة رائعة".
 
 
كما أشادت لوييه بوجود مبان مخصصة للباحثين بالمتحف، وقالت "الفكرة ليست مجرد وضع قطعة أثرية في خزانة عرض وتركها هناك لسنوات، لكن القطعة الأثرية حية أيضا، ويمكننا إعادة اكتشاف معنى بعض القطع من خلال العمل مع الباحثين، كما أن إمكانية مواصلة استقطاب الباحثين من جميع أنحاء العالم للعمل على القطع الأثرية المصرية تساعدنا أيضا، نحن الباحثون، على فهم المجموعات الموجودة في فرنسا وألمانيا والولايات المتحدة على سبيل المثال، لذا من الرائع وجود هذا المبنى للباحثين، للتعاون الدولي، ونحن فخورون للغاية بقدرتنا على مواصلة العمل مع مصر".
 
 
وأكدت أنها تنصح الطلاب والباحثين دوما بزيارة مصر وزيارة المتحف .. فهذا أمر جيد وحث الأشخاص على زيارتها واكتشافها ومعرفة المزيد عن الحضارة المصرية..حقيقة الذهاب إلى هناك والعيش فيها ورؤيتها أفضل من الكتب ومن مشاهدتها عبر التلفزيون.
 
 
وذكرت بنديكت لوييه أن المتحف يعد فرصة قيمة لعلماء المصريات في فرنسا، وقالت "مع افتتاحه، سيكون حدثا رائعا، وأنا متأكدة من أن هذا المتحف يضم قطعا أثريةً ستساعدنا بلا شك على فهم الكثير من الأمور، مثل نقش أو تميمة أصلية صغيرة ، وستمكننا من تحقيق تقدم كبير في العديد من الموضوعات، سيكون مفيدا أيضا لعلماء المصريات المصريين الذين يعملون على هذه القطع الأثرية ومواصلة كتابة المقالات والكتب.
 
 
كما سلطت "لوييه" الضوء على هذا الاهتمام الكبير بالثقافة، وبناء هذه المتاحف الضخمة مع كل الاستثمارات المُخصصة لها، وقالت " سعيدة بافتتاح هذا النوع من المتاحف في مصر..ومن الطبيعي أن يقع أكبر متحف في العالم للحضارة المصرية القديمة بجوار الأهرامات، أي يقع بجانب أحد أعظم آثار العالم القديم".
 
 
وأضافت أن هذا المشروع "إنجاز مُبهر"، وفي كل مرة يُفتتح فيها متحف، تتراجع قليلا نسبة عدم المعرفة في العالم، ونحن بحاجة إلى ذلك الآن، نحتاج إلى متاحف، ونحتاج إلى مُعلمين، ونحتاج إلى أشياء تُمكّننا من فهم هويتنا بشكل عام، ثم هذا الماضي والتاريخ، فالمتحف بذلك يبني جسورا ويُتيح للأشخاص فرصة للنقاش..نحن بحاجة إلى ذلك حقًا الآن في ظل كل ما يحدث حولنا".
 
كما عبرت عن أملها في ذهاب الأطفال إلى المتحف لاكتشافه وأن يكون لديهم الرغبة في معرفة المزيد عن مصر القديمة، قائلة "أعتقد سيكون هناك أطفال سيرغبون في أن يصبحوا علماء مصريات ومعرفة أجدادهم من المصريين القدماء، فمن المهم أن يدركوا إلى أي مدى ينحدرون من مصر القديمة، ويأتون من بلد حقق إنجازات استثنائية ويواصل تحقيقها بالنظر إلى بناء هذا المتحف الكبير"، مشيدة بنجاح مصر في بناء هذا الصرح الكبير، قائلة "إنه خبر سار للغاية، ونتطلع لاكتشاف المزيد والمزيد".
 
 
وبينما ينتظر العالم أجمع افتتاح هذا الصرح العالمي، تنتظر لوييه أيضا بفارغ الصبر، قائلة "متأكدة أنه سيكون استثنائيا .. أعتقد أننا سنرى مقتنيات وكنوز الفرعون الشاب توت عنخ آمون كما لم نراها من قبل، وبشكل يليق بمكانة فراعنة مصر..وسيرى الزوار أشياء لم يروها في الكتب ولم يتخيلوها، وهذا أمر جيد أيضا"، مشيرة إلى أن هناك بعثات تستعد لمتابعة الافتتاح مباشرة في فرنسا.
 
 
ونوهت إلى إنجاز آخر حققته مصر وهو فوز الدكتور خالد العناني بمنصب المدير العام لمنظمة اليونسكو، وقالت "سعيدة للغاية برؤيته لقيادة اليونسكو، وآمل حقا أن ينجح..إنه شخص يعمل بجدية، وسيكون قادرا على إحداث فارق فيما يخص حماية التراث..سيكون هذا تحديا كبيرا، لكنني أعتقد أنه الشخص المناسب لهذا المنصب".
 
 
وأضافت "أولا فوز العناني بمنصب اليونسكو، ثم الآن افتتاح المتحف الكبير، هذا يُظهر بوضوح مكانة مصر اليوم في التراث العالمي .. مصر تأخذ المكانة التي تستحقها بالفعل".
 
 
وقالت"هذا المتحف هدية كبيرة للعالم، ومن الجيد أن يكون هناك أشياء إيجابية، وأن نُظهر أنه في خضم كل الحروب، ووسط كل هذا العنف، لا تزال هناك دول تعمل على حماية التراث، ومن أجل ذاكرة البشرية"، مؤكدة أهمية حماية هذا التراث لأنه إن فُقد، فلن يتم العثور عليه مجددا..مضيفة"نحن، علماء المصريات، سعداء ونتطلع لاكتشاف هذا المتحف، وافتتاحه خبر سار يضيء شهر نوفمبر..فهنيئا لمصر".
 
 
وسيتم الافتتاح الرسمي للمتحف المصري الكبير السبت القادم، في احتفالية عالمية ضخمة بحضور عدد من رؤساء الدول، والسفراء، وكبار الشخصيات العامة.
 
 
ويضم المتحف آلاف القطع الأثرية توضح مسيرة الحضارة المصرية العريقة وتروي فصول تاريخها الممتد منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى العصرين اليوناني الروماني، والتي تأخذنا في رحلة مذهلة عبر تطور الفكر والفن والعمارة المصرية، لتجعل من المتحف أعظم موسوعة حية تخلد عبقرية المصري القديم وتُبرز إبداعه الخالد عبر آلاف السنين.