التوقيت الثلاثاء، 23 أبريل 2024
التوقيت 06:49 م , بتوقيت القاهرة

السحر الأسود سلاح شبكات الدعارة لتجنيد فتيات نيجيريا

تشهد مدن أوروبية كبرى ظاهرة جديدة غامضة حيث يتم إقناع أعداد كبيرة من المهاجرات النيجيريات أنهن واقعات تحت تأثير "السحر الأسود" لاستعبادهن واستغلالهن في الدعارة من قبل شبكات الاتجار بالبشر.

وحول الاستراتيجية التي يتبعها التجار من أجل تجنيد وإحضار النساء الشابات النيجيريات لحياة الدعارة في أوروبا، تقول غيفتي أمبونساه وهي موظفة اجتماعية تعيش في سويسرا وتنحدر أصلاً من غانا: "لقد وجد المتاجرون طريقة للحصول دائماً على فتيات، إنه نوع من التسويق الاستراتيجي".

وتعمل أمبونساه مع جمعية سويسرية متخصصة بمكافحة الاتجار بالبشر وملتزمة بمحاولة مساعدة هؤلاء النساء. ووضعت الجمعية دورات تهدف إلى تثقيف العاملين الاجتماعيين، أو العاملين من المنظمات الأخرى الذين يتعاملون مع المومسات، حول المشكلة المحددة المتعلقة بالنساء النيجيريات، حيث في كثير من الأحيان من الصعب على الغربيين مقاربة بعض الأمور.

معظم النساء النيجيريات يأتين من واحدة من أفقر المناطق في نيجيريا، وهي ولاية إيدو، عن طريق شخصية تعرف بـ"السيدة" وهي غالباً ما تكون قوادة تعمل على إرسال النساء إلى أوروبا بعد قطع الوعود بحياة وعمل أفضل هناك، مع وعود والتزامات من قبل النساء أيضاً بتسديد تكاليف الرحلة.

وكجزء أساسي من العملية ولضمان استعباد الشابات، تمارس عليهن طقوساً من السحر الأسود تعرف بـ"جوجو". يعود أصل هذه الطقوس إلى دين أفريقي قديم، وتتضمن اقتلاع الأظافر وشعر العانة وسحب الدم ومزجها بخليط من الأعشاب يقوم المعالج بوضعه في جرح يستحدثه في جلده، تعتقد النساء على إثرها أنهن واقعات تحت تأثير روح شريرة ولا خيار لهن إلا الخضوع، ويكون الاعتقاد قوي لدرجة أن هناك خوف حقيقي من الجنون أو المرض أو الموت في حال كسر القسم، هذا ما يقوله المتخصص في الهجرة النيجيرية ستيفان فوكس أثناء شرحه لكيفية تطورالوضع لهذا الحد الغريب والصعب.

ويضيف فوكس أن النساء النيجيريات اللواتي يصلن إلى أوروبا يجبرن على ممارسة الدعارة إلى أن يسددن ديونهن التي قد تصل إلى 70 ألف دولار، وهو بطبيعة الحال مبلغ يتجاوز التكلفة الحقيقية للرحلة إلى أوروبا، والتي غالبًا ما تنطوي على رحلة تهدد الحياة عبر البحر المتوسط.

وبهذا تعمل النساء على مدار الساعة في ظروف بائسة تحت التهديد وفي ظل معاملة سيئة من القواد، فمع حوالي سبعة أو ثمانية يورو لكل عميل في إيطاليا، قد يدوم الاستعباد لست سنوات، أما في سويسرا، فيبلغ السعر حوالي 50 فرنكًا سويسريًا لكل عميل، لذا فإن الأمر يسير أسرع قليلاً، وكل المال يعود إلى "السيدة" في حالة فاضحة للاتجار بالبشر.

وبمجرد تسديد المال، يتم تحرير الشابة من "جوجو" ومن قوادها. لكن دون موارد أو آفاق، فتستمر العديد منهن بممارسة الدعارة، في حين أن البعض يصبحن هن أنفسهن من "السيدات" فيستخدمن نفس الحيلة لاستعباد ضحايا جدد. إنها حلقة مفرغة يتم وضعها، ومن الصعب كسرها، بحسب فوكس.

وفي مثل هذه الحالات فإن الشرطة والعاملين الاجتماعيين على حد سواء يشعرون بالعجز في مواجهة المومسات النيجيريات اللواتي يؤثرن الصمت بسبب الخوف من الانتقام و"الأمور السيئة" التي يمكن أن تحدث لهن، وبسبب المعتقدات الدينية والثقافية الراسخة لديهن، وبالتالي يصعب اكتشاف الحالات والمساعدة. لذا من المهم جداً تثقيف الأشخاص الذين يتعاملون مه هؤلاء النسوة والتأكيد على عدم التقليل من معتقداتهن وأخذها على محمل الجد والاستماع إليها والتعامل معها.

هذه الظاهرة أكثر انتشاراً في البلدان التي تعتبر دول عبور ووصول أولى للمهاجرين مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا والبرتغال. في عام 2016 ، وصلت 11990 امرأة نيجيرية إلى إيطاليا. تقدر وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة أن 80٪ منهم من ضحايا الاتجار بالبشر.

حدد مركز الدعوة والدعم الخاص بالنساء المهاجرات وضحايا الاتجار بالبشر (FIZ) ومقره زيوريخ 233 حالة تهريب في سويسرا عام 2016 ويقدر أن 10٪ من الضحايا أتوا من نيجيريا.

في زيوريخ، الشرطة على دراية بالمشكلة ولكن حتى الآن لم يتم إثبات أي قضية قانونًا.

"هناك الكثير من النيجيريات يعملن بالدعارة، ولدينا أدلة على أن بعض الحالات قد تكون نتيجة للاتجار بالبشر. ومع ذلك، حتى الآن لم تدلي أي امرأة بشهادتها بسبب الخوف"، بحسب ماركوس غايفيلر، المحقق المتخصص في الاتجار بالبشر في شرطة زيوريخ.

ووفقاً للتعريف الدولي ، فإن الاتجار بالبشر هو "تجنيد أو نقل أو إيواء أو استلام أشخاص عن طريق التهديد أو استخدام القوة أو غير ذلك من أشكال القسر، أو الاختطاف، أو الاحتيال، أو الخداع، أو إساءة استخدام السلطة أو موقف الضعف، أو إعطاء أو تلقي المدفوعات أو المنافع لنيل موافقة بغرض الاستغلال "، الضحايا قد يكونوا معرضين للاستغلال الجنسي أو العمل القسري أو الاتجار بالأعضاء، نقلا عن يورونيوز.