التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 02:45 م , بتوقيت القاهرة

فيديو.. البكباشى يوسف صديق.. لقب بفارس ثورة 23 يوليو لإنقاذها من الفشل

البكباشى يوسف صديق ابن بنى سويف أحد الضباط الأحرار يطلق عليه فارس ثورة يوليه 1952، ومنقذها من الفشل، بتحركه مبكرا عن الموعد المتفق عليه، واحتلاله وقواته مقر قيادة الجيش ، بعد إلقائه القبض على قيادات الجيش الملكى، قبل تحركهم للقبض على الضباط الأحرار، ويعود خلافه مع مجلس قيادة الثورة والرئيس جمال عبدالناصر، إلى رؤيته بأن الجيش قام بثورة ساندها ودعمها الشعب ولكى تحقق أهدافها لابد من عودته إلى سكناته لحمايتها وتطبيق الديمقراطية وكذلك مشاركة الأحزاب فى الحياه السياسية، ورغم ذلك دعم عبدالناصر برأيه ومقالاته وقصائده الشعرية فى الصحف، عندما تصدى لأعداء الوطن وقرر تأمم قناة السويس، كما قطع رحلة علاجه بالخارج وعاد ليحضر جنازة عبدالناصر، كرفيق درب و زعيم فقدته الأمة وحزن على فراقه الشعب .

 

 

 

وترى عائلته أن التاريخ لم يعط يوسف حقه فى حياته، ومن الأولى أن يكرم تاريخيا وأدبيا بعد رحيله بإطلاق اسمه على ميدان أو شارع كبير بالقاهرة وبنى سويف، ليعرف الجيل الجديد ما فعله الضابط الشاعر من أجل مصر .

 

وسرد ابن شقيقته تاريخ منقذ الثورة ومواقفه الوطنية .

 

يقول توفيق محمد توفيق لواء شرطة ونائب شورى سابق " ابن شقيقة يوسف صديق " : البطل الراحل اسمه يوسف منصور يوسف صديق الأزهرى مواليد عام 1910، وكان جده "يوسف" ضابطا بالجيش المصرى و تولى منصب حاكم إقليم كردفان بالسودان، و عندما اندلعت الثورة المهدية قتل وأفراد أسرته ولم ينجو منهم سوى ابنيه أحمد، ومنصور والد يوسف، وهربا إلى مصر، وأقام منصور بزاوية المصلوب التابعة لمركز الواسطى بمحافظة بنى سويف " مديرية بنى سويف " وقتها مسقط رأس العائلة، وتزوج ورحل بعد إنجابه يوسف بعام، ومرت السنوات وأنهى يوسف دراسته بالمرحلة الإبتدائية عام 1924، بمدرسة القرية التى أطلق عليها حاليا اسم خاله الضابط والشاعر الراحل محمد توفيق على، لينتقل إلى القاهرة ويلتحق بالمدرسة الخديوية الثانوية بالقرب من منزل الزعيم سعد زغلول "بيت الأمة "، فاستمع إلى خطب زعيم الأمة وشارك فى التظاهرات ضد الإنجليز، وفى عام 1930، ورغم ميله للشعر والأدب لم يأخذ بنصائح خاله وأسرته بالالتحاق بكلية مدنية، وفضل الالتحاق بالكلية الحربية ليتخرج ضابطا بالجيش و أطلق عليه " شاعر الكلية "، يلقى قصائده فى المناسبات الرياضية بين كليته وكلية البوليس " الشرطة " حاليا .

 

تخرج يوسف صديق ضابطا من الكلية الحربية عام 1933، ليعمل بالسلوم ثم تنقل ما بين أماكن ووحدات عسكرية مختلفة منها القاهرة والاسماعيلية واسوان وفلسطين والسودان، ونظرا لوطنيته وآراءه الصريحة اصطدم بقيادات فاسدة داخل الجيش.

 

وأضاف : برغم إصابته بشرخ فى العمود الفقرى خلال أحد التدريبات ووضع "جاكت جبس"" على المنطقة المصابة لمدة سنتين، إلا أنه حصل على شهادة كلية أركان حرب، وعين استاذا للتاريخ العسكرى بالكلية، و كان حريصا على القاء قصائده فى جميع المحافل خاصة بمقر نادى الجيش ليشيد بالمواقف الايجابية التى تخدم الوطن ويندد بالقرارات الظالمة، إذ أشاد بموقف الملك فاروق فى انشاء الجامعة العربية، وعندما انتقد قرار عزل " الاميرالاى" سليمان عبدالواحد عن منصبه بالجيش وإحالته للتقاعد، كان جزاءه النقل إلى الإسماعيلية التى تفشت بها الكوليرا .

 

وتابع توفيق قائلا : "شارك يوسف صديق فى حرب فلسطين 1948، وأبلى بلاء حسنا وزملاءه فى موقعة" أشدود"، ولم ينسه صوت المدافع واحتدام وطيس المعارك أن يكتب قصيدة وصف فيها منطقة سحر الطبيعة بمنطقة " أشدود ".

 

وبعد انتهاء الحرب وخسارة الجيش العربى للمعركة بسبب الأسلحة الفاسدة، بدأ مجموعة من ضباط الجيش التعبير عن غضبهم، واتفقوا على تكوين تنظيم الضباط الأحرار لتخليص البلاد من الملكية والفساد وسيطرة الاقطاعيين على مقاليد الأمور.

 

وانضم يوسف للتنظيم عام 1951 وحضر العديد من الاجتماعات السرية والإعداد للثورة، واتفق الأحرار على الثالث والعشرين من يوليو 1952 موعدا للثورة والقبض على قيادات الجيش واحتلال مقراتهم ومطالبة الملك بالرحيل، ورغم معاناة يوسف خلال تلك الفترة من نزيف بالرئة اليسرى يعالح منه، وطالبه الأطباء بالراحة وعدم الحركة، إلا أنه أصر على المشاركة مع الأحرار وتنفيذ دوره فى تأمين مقر قيادة الجيش بعد احتلالها من قبل قوات الجيش بقيادة الضباط الأحرار .

 

 

 واستطرد توفيق قائلا : "فى ليلة صباحها الثورة تحرك يوسف بمجموعته " مقدمة الكتيبة الأولى مدافع ماكينة مشاه " من الهايكستب إلى مقر قيادة الجيش بكوبرى القبة، مبكرا عن الموعد المتفق عليه بساعة، ولم يكن يعلم أن الضباط الأحرار ألغوا المهمة بعد تسرب معلوماتها إلى الملك وأعضاء حكومته أثناء وجودهم بالإسكندرية، وأن قيادات الجيش الملكى يتوافدون على مقر قيادة الجيش لعقد اجتماع للإعداد للقبض على المشاركين فى التنظيم واعتقالهم بأمر من الملك، ووصل صديق إلى مقر القيادة بالعباسية وانتظر وصول القوات المقرر احتلالها المبنى، ولم يأت أحد، ورفع رأسه إلى السماء قائلا " انا نسيت المعاد المتفق عليه ولا ايه، دلنى يا رب انا صح ولا غلط " وتمكن من القبض على جميع القيادات والضباط القادمين إلى مقر القيادة، وفوجئ بقدوم جمال عبدالناصر وعبدالحكيم عامر اللذان أرادا إخباره بإلغاء المهمة إلا أنهما علما بتحركه، من زوجته التى اخبرتهما بخروجه من المنزل دون معرفتها لوجهته، وعند وصول عبدالناصر وعبدالحكيم، مقر قيادة الجيش ونظرا لضعف الإضاءة ليلا، استوقفتهما القوات وتحفظت عليهما، واصطحبتهما إلى يوسف، ليجدهما ناصر وحكيم، اللذان علما منه إلقاء القبض على جميع القادمين إلى مقر القيادة، فقال عبدالناصر " العجلة دارت وماينفعش التراجع "، وكلف "يوسف" بمهمة أكبر من المتفق عليها من قبل، وهى القبض على من بداخل مقر القيادة والسيطرة على المبنى، وعاد ناصر وحكيم لتحريك وجلب باقى المركبات و القوات، واقتحم يوسف مقر القيادة وصعد للطابق الثانى وأطلق النيران على حارسا برتبة "شاويش" داخل المبنى فاصابه فى قدمه لعدم امتثاله لامره ومحاولته المقاومة، وتمكنت القوات من ضبط جميع من بالمبنى، ودخل يوسف لمكتب الفريق حسين فريد رئيس أركان الجيش، فوجده مختبئا خلف" برافان" رافعا منديلا ابيض بعد سماعه دوى إطلاق النيران، فألقى القبض عليه، وأجرى يوسف اتصالا هاتفيا من تليفون مكتب رئيس الأركان باللواء محمد نجيب وأخبره بما حدث، وعرض عليه طلب رئيس الأركان تأمينه وأسرته، فوافق نجيب على ذلك، وسمع يوسف صوت الدبابات بالخارج فخرج ليجد البكباشى زكريا محيى الدين قد وصل بقواته.

 

 

 

وتابع ابن شقيقة يوسف صديق قائلا : "نجحت الثورة بدعم من الشعب الذى خرج إلى الشوارع فى ربوع مصر معلنا فرحته ومساندته الجيش، وطلب عبدالناصر ضم يوسف لمجلس قيادة الثورة لدوره البطولى ليلة الثورة الذى يعد سببا رئيسيا فى نجاحها، و حضر يوسف صديق اول اجتماع لمجلس قيادة الثورة ضم 14 ضابطا حكموا مصر بقيادة محمد نجيب أول رئيس للبلاد بعد رحيل الملك".

 

ووتابع: "خلال الاجتماعات المتكررة على مدى عام طالب يوسف من زملائه تطبيق المبادئ الستة التى قامت من أجلها الثورة وكذلك الديمقراطية ومشاركة الأحزاب، وعودة الجيش إلى سكناته حاميا للثورة وتعيين رئيس وزراء مدنى لحكومة تدير شؤون البلاد مع الرئيس، ولم يستحسن عبدالناصر رأيه بينما أبدى نجيب وخالد محيى الدين رضاءهما عن رأيه".

 

ويواصل توفيق حديثه قائلا : "شهدت مصر أزمة مارس 1953 عندما أضرب عدد من ضباط الجيش بسبب قضية الديمقراطية، وتم إيداعهم السجن بملابسهم العسكرية، فاعترض يوسف وقدم استقالته من مجلس قيادة الثورة، وحاول الأصدقاء إثناءه، إلا أنه أصر على موقفه قائلا : "لن أعمل مع مجموعة لا أوافق على سياستها "، ونشر يوسف مقالات فى بعض الصحف والمجلات تعبر عن آراءه فى الديمقراطية، فزادت هوة خلافه مع مجلس قيادة الثورة، ثم سافر يوسف إلى سويسرا للعلاج من نزيف الرئة الذى يعانى منه ،وصدرت تعليمات بعدم عودته إلى القاهرة وبعد 6 شهور شعر بحنين للوطن وطالبت زوجته " عمتى " من عبدالناصر السماح له بالعودة، فقال لها "روحيلوا سويسرا"، وعلم يوسف بما حدث ، فذهب سرا إلى لبنان ليعود بعد شهور إلى منزله بقرية زاوية المصلوب بمركز الواسطى شمال بنى سويف مسقط رأس عائلته، وحددت إقامته هناك، وكلما زاره أى من أصدقاءه أو أقاربه واعترضتهم قوات البوليس الحربى المنتشرة حول المنزل غضب يوسف وعنفهم وصاح فيهم محذرا من تكرار ذلك .

 

وأشار" توفيق " إلى أن خاله يوسف سافر إلى أسوان وأقام جبريا باستراحة الرى هناك، وعقب عودته إلى قريته، وتولى عبدالناصر منصبى رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، تم اعتقاله بسجن الأجانب مرة، وأخرى بالسجن الحربى حيث كتب قصيدتى "فرعون مصر، والمجد الزائف "، كما اعتقلت زوجته بسجن مصر بالإضافة إلى بعض أقاربه، وأفرج عن يوسف وعائلته بعد حوالى ستة عشر شهرا، و برغم سجن يوسف وتحديد إقامته سواء بقريته أو بمنزله بحلمية الزيتون بالقاهرة، إلا انه دعم عبدالناصر وأشاد بمواقفه ضد أعداء الوطن وتأميم قناة السويس، كما أنه كسر إقامته الجبريةأثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 56، و خرج إلى الشارع ينظم ويشارك المواطنين مقاومتهم الشعبية ضد العدوان دفاعاعن مصر، كما كتب قصائد نشرت بالصحف وقتها، ألهبت حماس المصريين منها ( الله اكبر، و "مانزيس" رئيس وزراء استراليا مبعوث الدول لاقناع مصر بالعدول عن تأميم القناة".

 

 

 

وأضاف توفيق : "خلال فترة الخمسينيات وبداية الستينيات أدرك أبناء يوسف صديق وأسرته أهمية جمع أشعاره فى ديوان واقنعوه بذلك وقام أحد أفراد العائلة بكتابة جميع القصائد فى دفتر خاص بها، وأثناء زيارة الكاتب والشاعر المعروف" إبراهيم عبدالحليم " ليوسف بمنزله بعزبة النخل بالقاهرة، اخذ القصائد لتتولى احدى دور النشر طباعتها وطرحها بالأسواق الأدبية، ولكن الأمن اقتحم دار النشر وحصل على دفتر الأشعار، فضلا عن القبض على ابراهيم عبدالحليم واعتقاله والافراج عنه بعد شهور، ومرت سنوات أجهد يوسف خلالها بدنيا بسبب مقاومته أمراض " نزيف الرئة و السرطان و السكر وسل العظام"، ونفسيا لحزنه على الوطن، فسافر إلى الاتحاد السوفيتى للعلاج، وفور سماعه بوفاة عبدالناصر قطع رحلته وعاد ليشارك الشعب حزنه على رئيسه، وفى ذكرى الأربعين رثاه فى قصيدة" دمعة على البطل"، ونشرت فى إحدى المجلات وقتها.

 

وظل يوسف سنوات يقاوم أمراضه التى زادت حدتها خلال الثلاث سنوات الأخيرة قبل رحيله ،و لم يتوقف لحظة عن حب الوطن وكتابة الشعر حتى وافته المنية فى 31 مارس عام 1975، عن عمر يناهز 65 عاما، ليشيع جثمانه ملفوما بعلم مصر ومحمولا على عربة عسكرية فى جنازة عسكرية و رسمية وشعبية، حضرها محمد نجيب، أول رئيس جمهورية لمصر، وحسنى مبارك نائب رئيس الجمهورية أنور السادات وقتها، وزملاء البطل من الضباط الاحرار ومن على قيد الحياة من مجلس قيادة الثورة وعائلته ومحبيه .

 

ونوه " توفيق" أنه بعد وفاة خاله يوسف صديق بشهور بدأت أسرته محاولة لجمع أشعاره من الصحف وما عند زملاءه وأقاربه، إلا انهم لم يحصلوا عليها كاملة وقام نجله اللواء حسين يوسف بطباعة ما وصل إلى أيديهم من القصائد فى ديوان عنوانه " ضعوا الأقلام " حتى يحفظها التاريخ، وتطلع عليها الاجيال المتعاقبة لتتعرف على الضابط الشاعر الذى عاش ومات من أجل مصر .

 

واستطرد "توفيق " قائلا : "تزوج البطل يوسف صديق مرتين، وأثناء زيارة أبناءه وبناته للمتحف الحربى مع بداية التسعينات فلم يجدوا تمثالا لأبيهم ضمن تماثيل أعضاء مجلس قيادة الثورة و الضباط الأحرار فأقاموا دعوى قضائية بمجلس الدولة وحصلوا على حكم بأحقية وجود تمثال لمنقذ الثورة مثل زملاءه، وتم تنفيذ الحكم بصنع تمثال ووضعه مع تماثيل زملاءه بالمتحف".

 

وتابع توفيق : عندما كنت نائبا بمجلس الشورى لدورتين عن بنى سويف و خلال زيارة الرئيس مبارك للمحافظة 2009، إلتقيت المشير حسين طنطاوى وزير الدفاع، وأكد لى أن يوسف ظلم ولم يأخذ حقه رغم حبه لمصر، و طلبت منه إطلاق إسمه على إحدى قاعات الكلية الحربية أو مدرجاتها فوعدنى بذلك ولكن الظروف لم تمكنه من تنفيذ مطلبى .

 

 كما حصلت عام 2000 على موافقة المهندس سعيد النجار محافظ بنى سويف وقتها على إطلاق إسم يوسف صديق على ميدان "الحمام" بجوار الكنيسة المطرانية بمدينة بنى سويف، ووضع مسئولو الحى لافتة خشبية صغيرة على الميدان وما لبثت أن أزيلت من مكانها، وهناك من الأجيال القديمة من يعرفون قيمة يوسف مثل المهندس سعيد النجار والذى تحدث فى إحدى البرامج التليفزيونية قائلا " أهم الشخصيات فى تاريخ بنى سويف، قديما الملك سنفرو صاحب هرم ميدوم، وحديثا البطل يوسف صديق منقذ ثورة 52 " .

 

 وتابع : خالى رحمة الله عليه لم يأخذ حقه حيا ومن الأولى أن يحظى بعد وفاته بالتكريم الأدبى والتاريخى اللائق بإطلاق إسمه على ميدان أو شارع كبير بالقاهرة، كما أطالب المهندس شريف حبيب محافظ بنى سويف الحالى بإطلاق إسمه على الميدان الجديد بنهاية شارع عبدالسلام عارف باتجه كورنيش النيل، أو تنفيذ القرار القديم بوضع لافتة كبيرة مضيئة بميدان الحمام ليعرف الجيل الجديد ما قدمه البطل يوسف صديق لوطنه ودوره فى نجاح ثورة يوليه .