التوقيت الإثنين، 29 أبريل 2024
التوقيت 04:25 ص , بتوقيت القاهرة

عاطف طنطاوي..الأول على بلدي أفضل من التاني على العالم

فور أن لمحت خبر وفاته في الصحف تذكرت الدور الذي لعبه في المسلسل الشهير "الزيني بركات". أن تتذكر عملا لفنان، أو لوحة، أو كتابا، أول شيء عندما تقرأ خبرا عن وفاة صاحبه، فهذا  أروع تكريم لصاحبه، أي أن عمله سيعيش أكثر منه، أو أن "الذي أبدع لم يمت".


الفنان عاطف طنطاوي


أنه عاطف طنطاوي، الفنان الكبير الذي رحل عن عالمنا أول من أمس، أحد الذين أثروا تراثنا التلفزيوني، والفني بالعديد من الأعمال، وأحد الممثلين الكبار، الذين تركوا علامات بارزة في الدراما التلفزيونية، ولعل دوره في مسلسل "الزيني بركات" الذي جسد فيه البصاص "الشهاب الحلوي" من بين الأدوار التي نقلت صاحبها إلى مرتبة أخرى في حياته الفنية، إذ تسبب نجاح الدور في غيابه عن الساحة الفنية فترة – تم عرض مسلسل الزيني بركات تلفزيونيا عام 1995- ثم عاد للظهور في أعمال أخرى.


عاطف طنطاوي في الزيني بركات


كان طنطاوي يتمنى أن يكون مشهورا في بلده، مدينة المحلة الكبرى، يعبر عن رغبته هذه بقوله: كان نفسي أكون الأول على بلدي ولا التاني في العالم، فاتجه أولا للعب الكرة، لكنه وقف في موقع حراسة المرمى، وهو ما أخفق فيه، فاتجه إلى التمثيل.


بدأ عاطف طنطاوي مشواره الفني في مدينته "المحلة الكبرى" بأداء دور عسكري إنجليزي في إحدى المسرحيات التي شارك فيها أثناء دراسته بالمرحلة الإعدادية،  وبعدها خلال دراسته بالمرحلة الثانوية، التقى بالمخرج كرم النجار، ومصطفى العيسوي، وأدى معهما دورا، حصل عنه على الميدالية الذهبية عن محافظة الغربية، بالمسرح المدرسي.


كان طنطاوي مؤمنا بأهمية المسرح المدرسي، في حديث قديم له بأحد برامج التلفزيون المصري، شدد طنطاوي على أن المسرح المدرسي، كان يهتم بتقديم مسرحيات باللغة العربية، وهو ما يرفع من مستوى الطلاب الدراسي، وكذلك من مستوى قدرات الموهوبين منهم تمثيليا.


تعلق عاطف طنطاوي بفن التمثيل، على الرغم أنه كان يتمنى الالتحاق بالمعهد العالي للتربية الرياضية، روح الهواية كانت تختلف عنده عن روح الاحتراف، لم يكن طنطاوي يفكر في الاحتراف في الفن، فالتحق بمعهد الخدمة الاجتماعية، وفي إحدى حفلات الإفطار الرمضانية، شاهده الدكتور عبد الفتاح عثمان، أحد خريجي معهد الفنون المسرحية، المسؤول عن فريق التمثيل بمعهد الخدمة الاجتماعية، ضمه عبد الفتاح عثمان للفريق، فالتقى هناك بنجاح الموجي، وعملا سويا خلال فترة دراستهما، وقدما عددا من الأعمال المسرحية، فانتشر اسميهما في المعاهد العليا، وانتقل عاطف طنطاوي إلى وزارة التعليم العالي، وتولي مسؤولية الفنون المسرحية، لتقييم الأعمال الفنية في 66 معهدا تتبع التعليم العالي.


بداية اتجاهه للتمثيل، عندما كان شارك في مسلسل اسمه "العدل" فى دور "الصول" سنيد الضابط "أشرف عبد الغفور"، وفي هذه الشخصية حصل عاطف طنطاوي على تعاطف هائل لأدائه الشخصية باقتدار.


برع عاطف طنطاوي في أداء الشخصيات التي تتطلب إجادة اللغة العربية، فكان دائما الاسم الذي يثب في أذهان المخرجين، عند حاجتهم لمن يؤدي شخصية تاريخية.


تعرف عاطف طنطاوي على أسامة أنور عكاشة، وعمل معه في مسلسل "الحصار"، ارتبط طنطاوي بعكاشة، الذي تابع نجاحاته في الزيني بركات، وفي أعمال أخرى، وكان يهاتفه دائما ليعبر له عن سعادته بنجاح أعماله، ثم توالى التعاون بينهما في "ليالي الحلمية"، في الأجزاء الخمس، والتي بدأ دوره فيها بالبكباشي، ثم ترقى ليصبح مدير أمن، ووكيل وزارة الداخلية، ثم أصبح في أحد الأجزاء وزيرا للداخلية، وبعدها مدير أمن في القرية التي أنشأتها صفية العمري في المسلسل.


لعل ليالي الحلمية كانت إحدى أهم أعمال عاطف طنطاوي التلفزيونية، والتي تركت في مسيرته بصمات، لكن يظل دوره في "الزيني بركات" الذي أدي فيه دور البصاص "الشهاب الحلوي" لا يُنسى.



خاصمت السينما عاطف طنطاوي، أو لعله خاصمها، فلم يشارك إلا في أفلام قليلة، منها "القط أصله أسد" عام 1985" وفيلم آخر نفس العام هو " محطة الأنس"، وبعدها بعامين شارك في فيلم "شاهد إثبات" بطولة محمود يس، ومعالي زايد.


حتى رحيله، ظل عاطف طنطاوي مشاركا في تدريب الموهوبين والفنانين الجدد، ومشرفا على تخريج دفعات من الممثلين، كان الراحل متحمسا للعمل في الفرق المسرحية، سعيدا بالإشراف على الشباب الجدد، المشاركين في فرق الجامعات المسرحية، كان طنطاوي محبا للناس، متواضعا، وغير مكترث للعديد من الظواهر الفنية الجديدة، والصاخبة، كان مهموما بالحركة الفنية والمسرحية، وكان يتمنى أن يسترد المسرح دوره الرائد في تقديم الفنانين والموهوبين.