التوقيت الجمعة، 29 مارس 2024
التوقيت 10:12 ص , بتوقيت القاهرة

في ذكرى القديس كيرلس السادس..قصص بناء الكاتدرائية وظهور العذراء بالزيتون

اعتلى كرسي الباباوية في أبريل عام 1959، كانت مصر على أعتاب مرحلة جديدة، الستينات بكل تحدياتها، مشروعات في طول البلاد وعرضها، العمل في إنشاء السد العالي قد بدأ فعلا، وأزمة تمويله مرت على خير، بعد حرب وعدوان ثلاثي، من الطاحونة القديمة والمهجورة بمصر القديمة، خرج البابا كيرلس السادس، وبدأ يصنع المعجزات لأهل المنطقة، ولم يرتبط اسمه فقط بالمعجزات، بل بالمواقف السياسية، المؤازرة للدولة في فترة سياسية حرجة، إذ كان هو صاحب قرار منع الأقباط من الحج للقدس في أعقاب حرب 1967.


البابا كيرلس السادس


في عددها الصادر يوم 26 يونيو عام 1968، استهلت صحيفة الأهرام تغطيتها الصحفية لافتتاح جمال عبد الناصر، الكاتدرائية المرقسية في العباسية بقولها: "حضر أمس الرئيس جمال عبد الناصر وإمبراطور إثيوبيا هيلاسلاسي" حفل افتتاح الكاتدرائية الجديدة بحضور البابا كيرلس السادس، وأزاحوا الستار عن لوحة رخامية كتب عليها بماء الذهب: «باسم الله القوى فى يوم الثلاثاء 25 يونيو 1968، الموافق 18 بؤونة 1684، فى ذكرى العيد المئوى التاسع عشر لاستشهاد القديس مرقس الإنجيلى».


استمر بناء الكاتدرائية 3 سنوات، في الفترة من 1965، حتى افتتاحها عام 1968، وتعد قصة بنائها من القصص التاريخية المثيرة.


 تعد قصتها من القصص التاريخية المثيرة، فأرضها، دار حولها نزاع قبل ثورة يوليو، عام 1937، نظرا لحساسية موقعها بمنطقة العباسية، حيث حاولت الدولة آنذاك الحصول على الأرض، التى كانت تستخدم كمدافن وتحمل اسم الأنبا رويس، وظلت المفاوضات بين الدولة وبين الكنيسة البطرسية المالكة للأرض، والتى بناها بطرس باشا غالى، وأخذت شكلا من أشكال الشد والجذب، إلى أن كتب وكيل المجلس الملى آنذاك، حبيب المصرى ثلاث مذكرات دافع فيها عن حق الكنيسة فى الأرض، حتى نجح فى كف رغبة الدولة فى الاستئثار بالأرض، مقابل ألا تبنى الكنيسة أى منشآت ربحية، وإلا تستولى الحكومة على الأرض.


عبد الناصر يضع حجر أساس الكاتدرائية


وحسب رواية الكاتب الصحفى الكبير محمد حسنين هيكل، طلب البابا كيرلس السادس، التوسط لدى الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، للموافقة على بناء الكاتدرائية.


عبد الناصر والبابا كيرلس السادس


وهو المطلب الذى استجاب له الزعيم الراحل، وتبرع من أجل بنائها بعشرة آلاف جنيه، وفي مصادر أخرى ومنها كتاب للكاتب أمير نصر، مبلغ التبرع يبلغ 100 ألف جنيه ووضع حجر أساس البناء، عام 1965، يوم احتفالات ذكرى الثورة فى 24 يوليو. وبعدها بثلاث سنوات، افتتح جمال عبدالناصر، والبابا كيرلس السادس، وإمبراطور إثيوبيا هيلاسلاسى، الكاتدرائية الجديدة.


عبد الناصر يضع أساس الكاتدرائية المرقسيةعبد الناصر فى افتتاح الكاتدرائيةالرئيس-جمال-عبدالناصر-فى-افتتاح-الكاتدرائية-عام-1968ازاحة الستار عن الكاتدرائيةافتتاح-الكاتدرائية-بحضور-عبدالناصر-وامبراطور-إثيوبيا-والبابا-كيرلس-فى-استقبالهما


وكان مصمما الكاتدرائية، هما المهندسان عوض كامل، وسليم كامل فهمى، وقاما بتصميم الكاتدرائية بمشاركة المهندس ميشيل باخوم، أشهر مهندس إنشاءات في مصر، فيما نفذت البناء شركة النيل العامة للخرسانة المسلحة «سيبكو» حسب تقارير صحفية منشورة آنذاك.
وشهدت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، تتويج كل من: البابا شنودة الثالث، والبابا تواضروس الثانى، ليصبح البابا رقم 118 فى تاريخ الكنيسة، والبابا الثانى فى عمر الكاتدرائية


ظهور العذراء..حينما كانت الدولة بحاجة للعزاء


من القصص المهمة واللافتة أيضا التي يوردها الكاتب أمير نصر في كتابه "أبونا مينا البراموسي المتوحد" – وهو أحد الأسماء التي تسمى بها البابا كيرلس السادس في فبراير 1928- قصة ظهور العذراء، في الزيتون، يوم الثلاثاء 24 برمهات 1684، الموافق 2 أبريل عام 1968، ففي هذا الكتاب يحكي أمير نصر، نشأة البابا كيرلس السادس، وقصة عائلته " زيكي" نسبة لقرية "الزوك" الشرقية المنشأة بسوهاج، حيث نزحت عائلة البابا كيرلس السادس، أو "عازر يوسف عطا" إلى دمنهور التي استقرت فيها، ثم يمر مرورا تفصيليا على رهبنة البابا كيرلس، ومسيرة حياته، وغيرها من التفاصيل.


ظهور العذراء سنة 1968


قصة ظهور العذراء المثيرة، في منطقة طومان باي بالزيتون، بدأت مساء يوم الثلاثاء 2 أبريل عام 1968، حينما شاهد عمال جراج هيئة النقل العام، المواجه لكنيسة العذراء بالزيتون، فتاة في ثياب بيضاء، تجثو عند الصليب أعلى القبة الوسطى.


شكل البابا كيرلس السادس لجنة من الآباء القمص جرجس متى مدير الديوان البطريركي، والقمص يوحنا عبد المسيح سكرتير اللجنة البابوية لشؤون الكنائس، والقمص بنيامين كامل سكرتير قداسة البابا آنذاك، وطلب منهم أن يذهبوا إلى الكنيسة، ويتقصوا الحقائق حول ظهور العذراء، وحينما عاينت هذه اللجنة موضع الظهور، والتقوا مع شهود الظهور من عمال الجراج، كتبوا تقريرهم بتاريخ 30 أبريل عام 1968، يؤكدون فيه صحة ظهور العذراء في كنيستها بالزيتون.


وعليه عقد البابا كيرلس مؤتمرا صحفيا في المقر القديم للبطريركية بكلوت بك من الساعة الواحدة بعد ظهر يوم السبت 4 مايو 1968، حضره 150 مندوبا عن الصحف المصرية والعربية والأجنبية ووكالات الأنباء، عن تفاصيل الظهور العجيب، على حد وصف كاتب الكتاب "أمير نصر".


مصر آنذاك كانت تمر بظروف النكسة العصيبة، فكان لظهور العذراء صدى طيب، تلقفته الدولة، التي كانت بحاجة ليد إلهية تربت عليها، بعد نكسة 1967، ويورد أمير نصر حكاية لم يذكر مصدرها، عن ذهاب جمال عبد الناصر بنفسه إلى منطقة الزيتون، بصحبة حسين الشافعي، لمشاهدة ظهور العذراء، من منزل أحد تجار الفاكهة المعروفين بالمنطقة.


استعادة رفات مار مرقص الرسول


ويعود للبابا كيرلس السادس، الفضل في استعادة رفات القديس مار مرقس الرسول، من الفاتيكان، يحكي أمير نصر في الكتاب، عن المفاوضات التي جرت بين البابا كيرلس السادس، وبين بابا روما بولس السادس، وكانت بطريرك البندقية قد رفض أولا تسليم الرفات، لأن مار مرقس هو شفيع مدينة البندقية، التي اتخذت شعارها "أسد القديس مرقس المجنح" ومع إلحاح البابا كيرلس، اضطر البابا بولس السادس، للتدخل، وطلب جزء من رفات القديس يُهدى إليه شخصيا، بصفته بابا كنيسة روما، وأن يحتفظ البنادقة بجزء من لارفات كبركة لهم، وعليه وافق الكاردينال أورباني بطريرك البندقية، وقدم الجزء الأكبر من الرفات، إلى بابا روما، الذي أرسل بدوره إلى البابا كيرلس السادس يبلغه أنه في انتظار وصول وفد الكنيسة القبطية لاستلام رفات القديس مارمرقس الرسول.


البابا كيرلس السادس ورفات القديس مارمرقس- الصورة من كتاب أمير نصر


من أهم القصص التي يحكيها أمير نصر في كتابه "أبونا منا البراموسي المتوحد"، قصة تحرك البابا كيرلس السادس إزاء احتلال القدس، بعد النكسة، إذ اتخذ البابا كيرلس السادس قرارا بالامتناع عن التقديس وذهاب الأقباط إلى القدس، احتجاجا على الوضع الراهن للمدينة التي وقعت تحت طائلة الاحتلال في 67، يقول البابا كيرلس السادس في حوار أدلى به للصحفي أبو الحجاج حافظ تم نشره بجريدة الجمهورية مع عيد الميلاد المجيد عام 1968: بخصوص القدس، ونحن استنكرنا ونستنكر، ولسوف نستنكر دائما احتلال إسرائيل للقدس، واعتداءها على مقدسات المسيحيين، والمسلمين، ولقد أبرزنا رأينا واضحا صريحا، أننا نريد القدس في الأيدي العربية، ولذلك قررنا الامتناع عن الحج إلى القدس.


اقرأ أيضا


ملف تفاعلي..«شكل المسيح»..كيف عكست ثقافة الشعوب ملامح «ابن مريم»؟