ألوان متداخلة، ولوحات ومشغولات فنية لشباب مصري لا تحتاج للكلام، غيرت بالكامل أشكال الجدران أضفى عليها "شباب" لمسة ملونة من البهجة، أثارت داخلنا حالة من التفاؤل حيال مستقبل الفن التشكيلي والنحت في بلد أنجبت فنانين تشكيليين ونحاتين ورسامين خلدتهم ذاكرة الإبداع المصرية والعالمية.

حيث شهدت الفترة الأخيرة إبداعات لكثيرة من الشباب المصرى بفنهم منهم الطلاب والخريجين والتى كانت آخرها أمس بعد انتهاء شباب "مبدعون" من مشروع تجميل بعض الممرات والجدران بمحطة مترو الأوبرا، الذى تنفذه تحت عنوان "تيجى نلونها" بالتعاون مع شركة المترو دون مقابل.

ورسم شباب "مبدعون" بالمحطة، مجموعة من اللوحات الملونة والتى تشبه الفضاء، مصحوبة ببعض صور فنانى الزمن الجميل، مثل شادية، وكوكب الشرق أم كلثوم، ونجيب الريحانى، وسيد مكاوى، وذلك دعما لظهورمحطات المترو بشكل حضارى، وأبدى رواد محطة المترو، فرحتهم بالتغيير الذى حدث بالمحطة، والتقطوا مجموعة من الصور الفوتوغرافية.

حديقة الحيوان

أيضا حديقة الحيوان تم تزيين جميع جدرانها والسور المحاوط بها بأيدى طالبات كلية تربية فنية ضمن مشروع تخرجهم، واللائي قضين فترة التدريب العملى بشكل مختلف وفى مكان مميز لإفادة المجتمع بفنهم الجميل، حيث قررن تزيين جدار حديقة الحيوان تحت مشروع التصوير الجدارى لحديقة الحيوان.

وأبدعت 14 طالبة في تزيين الجدران برسومات من تشكيل أيديهن، حيث قالت "ميرنا" إحدى الطالبات عن سبب تفكيرهن فى حديقة الحيوان، أن لديهن مادة فى الكلية تسمى "تربية عملى" هدفها الرسم فى أى مكان وأى وقت من اختيار الطلاب، بهدف الإفادة، ومع بداية تلك المادة العام الماضى قررن الرسم فى مستشفى 57357 مع الأطفال المرضى، مشيرة إلى أن التجربة كانت ممتعة ومفيدة.

وأضافت ميرنا: "ولكن منذ بداية العام الجارى وأنا وزميلاتى نفكر عن المكان التى نطبق فيه تلك المادة، ولم نلق مكانا سياحيا وأثريا أهم من حديقة الحيوان التى عشنا فيها جميعا ذكريات طفولتنا، فقررنا الذهاب لها لنشاهد جدرانها والتجديدات الأخيرة فيها، وحتى الآن انتهينا من أكثر من 40 رسمة على جدران الحديقة، أبرزها جدار الشمبزنى وبوابة الدخول العائلى والرحلات والأسد"، متابعة: "رسمنا صورا للحيوانات لإضفاء جمال وروح طبيعية على جدرانها الصماء".

الدكاكين

لم نتوقف عند محطة الأوبرا وحديقة الحيوان فقط إلا أن الفن الشبابى مستمر ولن يتوقف، "أرت خانة" تعنى بيت الفن، عبارة عن نشاط طلابى تحول بعد عامين إلى مؤسسة غير حكومية، تضم عددا من الشباب المتطوع، هدفهم إثبات أن "الفن عنده قوة يقدر يعمل بيها أي حاجة، وبنحقق دا من خلال الورش والمبادرات".

"الفن يقدر" شعار يسير عليه متطوعو "أرت خانة"عن طريق إعطاء الفن الصوت والقوة، من خلال ثلاثة محاور رئيسية هي: الأعمال الخيرية وتمكين الشباب الموهوبين والترفيه، حيث قرروا منذ فترة عمل حاجة مختلفة من نوعها فاختاروا مساعدة أصحاب المحلات القديمة، وتحويل واجهتها لمحلات بالألوان، خاصة بعد الركود الذى شهدته تلك المحلات القديمة، كنوع من لفت الانتباه والدعاية المجانية ليهم.

المناطق الشعبية

المناطق الشعبية مر عليها الزمان لحين أصبحت جدرانها باهتة، فأنطلق مجموعة من الشباب خريجى كليات التربية الفنية وفنون جميلة برفع قواعد السعادة الأربعين على جدران المناطق الشعبية التى تركتها الألوان مفسحة مجالا للفقر، وعكست جدرانها الباهتة معالم الحزن والفقر والاكتئاب والحياة الرمادية، التى غير معالمها شباب "السعادة"، فى رحلات متواصلة لتلوين الجدران، وتحويل المناطق الشعبية التى طالها الحزن إلى مناطق أخرى تعج بالألوان والحياة، التى عرفت طعما آخر للبهجة.

مشروع السعادة، هو المشروع الذى غير وجه مجموعة من المناطق الشعبية التى بدأت فى حارة "درب سعادة" فى مصر القديمة، واكتسبت بعد ذلك اسمها من نفس المنطقة، التى تحولت بالفعل إلى درب مبهج من السعادة بريشة "فريق السعادة".

وتآتى تلك الافكار بهدف إعادة إحياء التراث المصرى فى المناطق الشعبية، وتغيير الحالة النفسية لأهالى هذه المناطق، وإدخال مشاهد البهجة الذين يعانون الألوان الباهتة حولهم، خاصة أن الألوان لديها قدرة على التأثير النفسي على من يراها، على هذه المناطق فحسب، بل يمكنها أيضاً تغير الحالة النفسية بالكامل، وهو ما نحاول القيام به، تبعاً لكل منطقة وحالتها النفسية، فالأزرق يساعد على تحمل الظروف الصعبة، بينما الأحمر يعتبر لونا محفزا على الطاقة والعمل، والأخضر يقلل من حدة الشجارات الشعبية فى بعض المناطق الشهيرة بالمعارك المتكررة، وغيرها من الدلالات الخاصة بحالة كل منطقة.

إقرا ايضا 

المخرج أحمد سالم.. طيار قتلته رصاصة أسمهان