التوقيت الخميس، 25 أبريل 2024
التوقيت 10:00 ص , بتوقيت القاهرة

زواج الابن المسلم من أمه.. شبهة جديدة تعرف عليها

استغل ضعاف النفوس والقلوب، بعض الآراء الضعيفة في المذاهب الفقهية الإسلامية، واتخذوها كشبهات حتى يظهروها كسقطات للدين الإسلامي، وينشروها عبر وسائلهم بنية التشكيك في العقيدة، لـيصبح المسلم بعدها في حيرة.


ومن تلك الآراء التي اتخذها هؤلاء المرجفون، أن الإسلام أجاز زواج الولد بأمه التي ولدته وأخته وابنته وجدته وعمته، واتخذوا من مسألة الإمام أبي حنيفة النعمان حول رأيه في الحدود الواردة في النصوص القرآنية الخاصة بالزنا، ما ورد في كتاب "المحلى" لابن حزم بالجزء الـ12 بالصفحة رقم 199، كتاب الحدود مسألة حد الزنا، بأنه لا حد على من تزوج من محارمه سوى التعزير، والتعزير في الفقه هي عقوبه يفرضها القاضي تكافئ الجريمة المرتكبة.


ونص ما جاء بالكتاب عن أبي حنيفة قول ابن حزم:: من تزوج أمه أو ابنته أو حريمته أو زنى بواحدة منهن ، فكل ذلك سواء ، وهو كله زنا، والزواج كله زواج إذا كان عالما بالتحريم ، وعليه حد الزنى كاملا ، ولا يلحق الولد في العقد . وهو قول الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأبي ثور ، وأبي يوسف ، ومحمد بن الحسن - صاحبي أبي حنيفة....وقال أبو حنيفة : لا حد عليه في ذلك كله ، ولا حد على من تزوج أمه التي ولدته ، وابنته ، وأخته ، وجدته ، وعمته ، وخالته ، وبنت أخيه ، وبنت أخته - عالما بقرابتهن منه ، عالما بتحريمهن عليه ، ووطئهن كلهن : فالولد لا حق به ، والمهر واجب لهن عليه ، وليس عليه إلا التعزير دون الأربعين فقط".


وأظهر هؤلاء المرجفون ما ورد في القرآن الكريم حول أن هذا الرأي يتنافى مع ما حرمه الله تعالى بنص صريح وهو قوله تعالى في سورة النساء "حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا".


واتخذ بعض الشيعة هذه المسألة ليطرحوها مقابل زواج المتعة لديهم، وجعلوها مثلبا على أهل السنة، وطرحوا المسألة الخاصة بالإمام أبي حنيفة على أن الشريعة أباحت للمسلمين السنة زواج الابن لمحارمه التي حرمها الله تعالى، وأشاعوا مخالفين بذلك قول الله تعالى " إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَة فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ"، وهو ليس بغريب عنهم فقد جاءوا "بالإفك" من قبل وادعوا على أم المؤمنين ما آذى النبي صلى الله عليه وسلم.


فيما يدحض الدكتور سعد الدين الهلالي، أستاذ ورئيس قسم الفقه المقارن، افتراءات المغرضون ومروجي الشائعات عن الإسلام، ويوضح مراد الإمام أبي حنيفة النعمان، دافعا الشبهات التي تحوم حول تلك المسألة، قائلا إن المسألة واضحة تمام الوضوح، كما وردت في الآية القرآنية الكريمة " حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ"، وهو نص يقطع الشك في التحريم، لأنه نص صريح التحري، مشيرًا إلى أن الحديث الوارد في كتاب ابن حزم، وكتاب الفقه للإمام أبي حنيفة لم يكن يعني بمسألة الزواج، ولكنه كان يعني مسألة الحدود الواردة في الزنا.


وتابع أستاذ الفقه المقارن، أن المسألة هنا تتحدث عن العقوبة المقررة في حق الزاني بمحارمه، والتي يجب تطبيقها عليه، منوها إلى أن الإمام أبو حنيفة في المسألة أوضح بأن زواج الأبن من أمه باطل شرعا، فلو عقد وهو يعلم يكون العقد باطلا، ويصبح في حكم الزنا بالمحارم، وعليه يطبق الحد وهو حد الزنا، مبينا أن حد الزنا في الشرع هو الرجم للمحصن المتزوج، والجلد مئة جلدة والتغريب لغير المتزوج.


وأبدى الإمام أبو حنيفة النعمان رأيه في تلك الجريمة، بأن العقوبة تكون مقدرة من جانب القاضي، وهو الذي يحكم بها طبقًا للجريمة المرتكبة، وهي جريمة خطيرة لما لها من أثر في المجتمع، وعليه فإن العقوبة قد ترقى للقتل، مبينًا أن الإمام أبو حنيفة لم يقل لا عقوبة له، وإنما قال لا حد عليه، أي لا يقام عليه حد بسيط كالجلد والتغريب، وهذا يعني بعدم تطبيق الحد عليه لأن الحد يُعتبر رحمة له، ولعظم الجريمة فقد جعل عقوبتها تعزيرية مقدرة.


بينما يشير الدكتور رجب سيف قزامل عميد كلية الشريعة والقانون السابق، إن المحرمات بحسب النص القرآني الصريح هم "الأم، والبنت، والأخت، والعمة، والخالة، وبنت الأخ، وبنت الأخت، والأم من الرضاعة، والأخت من الرضاعة، وأم الزوجة، وبنت الزوجة التى دخل بها زوجها، وزوجة الابن من الصلب، وأخت الزوجة في وجود الزوجة على ذمة زوجها وفي عصمته، ثم المرأة المتزوجة بزوج آخر إلا إذا فسخ عقد زواجها بملك اليمين، وزوجة الأب، وهم بهذا يكون مجموعهما خمسة عشر حالة، أما ما وراء ذلك فقد أباحه الله تعالى، وهم الواردين بنص صريح في القرآن الكريم.


وتابع قزامل: "بناء على هذا فإن الأئمة يرون أن الزواج بالمحرم باطل، ويصبح العقد في تلك الحالات عقد زنا، يعطي للقاضي العقوبة المخولة لعظم تلك الجريمة، وهو ما بينه الإمام أبي حنيفة النعمان".


ودافع عميد كلية الشريعة والقانون السابق، عن الأئمة قائلا: "أئمة الفقهاء لم يتركوا أمرا دون توضيحه، وتوضيح موقف الشريعة منه، وأغلظوا في عقوبة مرتكب المحرمات بنص صريح، ومنها عقوبة الزنا بالمحارم"، منوهًا بأن الشريعة عملت على تعظيم عقوبة الزاني بمحارمه، لذا ذكر ابن حجر الهيتمي، وهو من فقهاء الشافعية في كتابه "الزواجر" قوله "وأعظم الزنا على الإطلاق الزنا بالمحارم"، وحديث النبي عليه الصلاة والسلام ما رواه البراء بن عازب، حيث قال: "لقيت خالي ومعه اللواء فقلت : أين تريد ؟ قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه وآخذ ماله ".


اقرأ أيضا


زعيم الأقلية بمجلس الشيوخ: ترامب المسؤول عن إغلاق الحكومة لأبوابها